التوقيت الإثنين، 25 نوفمبر 2024
التوقيت 10:13 م , بتوقيت القاهرة

8 أسباب لرفض "هيومن رايتس" قانون الإرهاب التونسي

ما بين فريق يرى أن مقاومة الإرهاب لا يجب أن تكون فرصة لضرب حقوق الإنسان، وآخر يقول إنه لا مجال للحديث عن الحريات حين يتعلق الأمر بمواجهة التطرف، انقسم الشارع التونسي بشأن قانون مكافحة الإرهاب ومنع غسيل الأموال، الذي أحالته الحكومة التونسية إلى البرلمان، أواخر مارس/ آذار الماضي، لمناقشته.



أصداء القانون الجديد، الذي تمت مناقشته الصيف الماضي، ليحل بديلا عن القانون الذي وضعه الرئيس الأسبق، زين العابدين بن علي، عام 2003، ودفعت للمصادقة عليه حكوميا العملية الإرهابية التي استهدفت متحف باردو المجاور، وصلت إلى منظمة "هيومن رايتس ووتش" الحقوقية الدولية، لتصدر، الأربعاء، تقريرا جديدا أرسلته للمشرعين التونسيين، ترصد فيه أسباب انتقادها له.


انتهاك حقوق الإنسان


يقول نائب المدير التنفيذي لقسم الشرق الأوسط وشمال إفريقيا في رايتس ووتش، إريك جولدستين، إنه "من الضروري أن تتخذ تونس جميع الخطوات الممكنة لمواجهة الإرهاب وحماية السلامة العامة، لكن بعض أحكام القانون المقترح يمكن أن تؤدي إلى انتهاكات خطيرة لحقوق الإنسان"، مؤكدا أن "احترام حقوق الإنسان يجب أن يكون في صلب القانون بغية إنجاح جهود مكافحة الإرهاب".


تمديد الحبس الاحتياطي


القانون المقترح، يراجع مشروعا قدمته الحكومة إلى المجلس الوطني التأسيسي (البرلمان التونسي) في يناير/ كانون الثاني 2014، وقد علق المجلس التصويت عليه وسط خلافات بشأن أحكامه، قبل الانتخابات التشريعية في أكتوبر/ تشرين الأول الماضي.


ويعتبر جولدستين المشروع الجديد أسوأ من الذي سبقه، "لأنه يسمح للشرطة باحتجاز المشتبه بهم علي ذمة التحقيق لمدة تصل إلى 15 يوما، بموافقة من النائب العام ودون عرض الشخص على القاضي".


وأوضح أنه لن يسمح للمشتبه بهم خلال ذلك الوقت بالتواصل مع محامين أو الاتصال بعائلاتهم، ما يزيد من خطر التعرض للتعذيب، في حين يسمح القانون التونسي حاليا للسلطات باحتجاز المشتبه بهم لمدة أقصاها 6 أيام.


عودة عقوبة الإعدام


وبحسب تقرير "هيومان رايتس ووتش"، فإن مشروع القانون يقضي كذلك بتصليت عقوبة الإعدام على أي شخص أدين بارتكاب عمل إرهابي أدى إلى وفاة، على الرغم من إيقاف تونس لتنفيذ أحكام الإعدام منذ 1991، علما بأن المنظمة تعارض عقوبة الإعدام في جميع الظروف، كممارسة غاية في القسوة ومعارضة للحق في الحياة.


قمع الحريات


وتقول المنظمة إنه، إضافة إلى عقوبة الإعدام وطول مدة الاحتجاز التي لا تتماشي مع المعايير الدولية، يبقي مشروع القانون على بعض العيوب من القانون السابق، موضحة أن "تعريفه الواسع والغامض للنشاط الإرهابي يمكن أن يسمح للحكومة بقمع مجموعة واسعة من الحريات المحمية دوليا".


وكمثال على ذلك، يمكن استخدامه لمقاضاة مظاهرة عامة أدت إلى "الإضرار بالممتلكات الخاصة والعامة" أو تعطيل الخدمات العامة، على أنها عمل إرهابي، وفقا للتقرير.


صلاحيات واسعة


وفيما تحتفظ النسخة الجديدة بالأحكام الإيجابية من مشروع 2014، التي تتطلب الإشراف القضائي على المراقبة وغيرها من الأنشطة التي يقوم بها الأمن والمخابرات في تونس، بما في ذلك اعتراض الاتصالات واختراق المجموعات التي تعتبرها الحكومة إرهابية.


غير أنها، وبدلا من وضع قرارات المراقبة تحت إشراف حصري من القضاة المستقلين، تعطي صلاحية إصدار مثل هذه التدابير كذلك إلى النيابة العامة، التي لا تزال خاصعة بموجب القانون التونسي للسلطة التنفيذية، بحسب جولدستين.


يقوض حق الطعن


ووفقا للتقرير، "يخول مشروع القانون للقاضي حماية الشهود بحجب هويتهم عن المتهم وعن لسان الدفاع، ما يقوض حق المتهمين في الطعن في الأدلة ضدهم ويضعف من نزاهة الإجراءات".


يقوض حق الدفاع الفعال


وفيما ينص مشروع القانون على "إعفاء المحامين من جريمة الامتناع عن إشعار السلط ذات النظر فورا، بما أمكن له الاطلاع عليه من أفعال أو ما بلغ إليه من معلومات أو إرشادات حول ارتكاب إحدى الجرائم الإرھابية".


لكن الإعفاء لا ينطبق إذا كانت المعلومات قد تمنع ارتكاب أعمال إرهابية في المستقبل، وترى "هيومن رايتس" أن "هذه الصيغة الواسعة تقوض الحق في الدفاع الفعال عن المشتبه بهم المتهمين بجرائم الإرهاب".


خطوة نحو الوراء


ويهدف مشروع القانون لأن يحل محل القانون الحالي، الذي تم سنه في 2003، وحاكمت بموجبه حكومة زين العابدين بن علي، قبل الإطاحة به في أوائل 2011، نحو 3 آلاف شخص بتهم الإرهاب، ورفعت العديد من القضايا ضد المعارضين السياسيين، على أساس اعترافات انتزعت تحت وطأة التعذيب، بحسب ما خلص إليه تقرير للأمم المتحدة.


وفي السياق ذاته، يقول جولدستين "إن الجهود التي تبذلها تونس لتعزيز دولة القانون بعد الانتهاكات في عهد بن علي ستخطو خطوة إلى الوراء إذا اعتمدت المقترحات الجديدة لمكافحة الإرهاب في شكلها الحالي"، موضحا أن "التدابير التعسفية مثل الإعدام والاحتفاظ المطول علي ذمة التحقيق لا مكان لها في تونس الجديدة، حتى لو كانت بغية مواجهة هذه الهجمات الجديدة البشعة".