هل يبيع السيسي إسلام بحيري؟
وما علاقة السيسي؟
سؤال منطقي لا بد أن يسبق العنوان. إجابته أن الرئيس السيسي، كما تعرف، يملك الكثير والكثير من السلطات في يده. وكما تعرف الكثير والكثير من أجهزة ومؤسسات الدولة تأتمر بأمره. ناهيك عمن يأتمرون بأمره في الصحافة والإعلام والاقتصاد وكافة المجالات في مجتمعنا من خارج مؤسسات الدولة الرسمية. صحيح قد تكون هناك مناوشات هنا وهناك، لكن الأمر كله كما أظن تحت السيطرة. لا أناقش هنا صحة هذا الوضع من عدمه، وإن كنت كما تعرف ضد أي شكل من أشكال الديكتاتورية.
المهم أن هذا يعني أن السيسي لو أراد حماية إسلام بحيري ودعمه لفعل، ولو أراد العكس لفعل، ولو صمت، فهذا يعني أن إسلام سيتم ذبحه عاجلاً.
هل إسلام بكل هذه الأهمية ليدعمه السيسي؟
نعم. لأن إسلام بحيري، ينزع عن ديننا الحنيف كل القنابل الموقوتة التي تجعله دينًا إرهابيًا دمويًا عنصريًا. لذلك يخوض معركة شرسة ضد كل ما يدعم ذلك في التراث الفقهي عند الأئمة الأربعة وعند الفقهاء وعند رجال الدين. هذا الفيض من النصوص الإرهابية الدموية العنصرية التي تجعل الثقافة الإسلامية السائدة، بل وتجعل المسلم العادي إرهابيا محتملا. ما يفعله إسلام هو أنه يصالح المسلمين على الإسلام الحقيقي ويصالحهم على الدنيا.
كما أن بحيري هذا هو مشروع حياته، لم يفعل غيره، سواءً في مصر أو خارجها. السبب أنه مؤمن به، ولم يكن بابًا للارتزاق. وقد بدأ النشر في جريدة وموقع "اليوم السابع"، حيث كان رئيس تحريرها صديقي خالد صلاح يحتفي به، ليس فقط بالنشر ولكن في اجتماعات مجلس التحرير وفي كل مكان (احتاج لكتابة شهادتي عن هذه الفترة، حيث كنت مدير تحرير الموقع الإلكتروني وشريك في بناء هذه التجربة الرئدة).
وما علاقة السيسي بذلك؟
الرئيس نفسه طالب بثورة دينية، تحارب الإرهاب والتطرف والعنصرية وغيرها وغيرها. وذلك على خلفية أنه يستمد مشروعيته كما قال من "التفويض" لمحاربة الإرهاب داخل مصر أولاً وثانيًا خارجها. ومن ثم منطقي أن يدعم بحيري ومعه كل من يخوض هذه الحرب الشرسة ضد التطرف والإرهاب وهم كثيرون في بلدنا.
هل تريد من السيسي الوقوف ضد الأزهر؟
إسلام بحيري وغيره من الذين يحاربون التراث الفقهي الإرهابي،أظن أنه لا يهمهم هدم الأزهر كمؤسسة. فلتبقى، فليست هناك مشكلة. المشكلة في القائمين عليها، وفي الخطاب السائد بسببهم في هذه المؤسسة. ومن ثم فالمعركة ضد أفراد، بشر مثلي ومثلك لا عصمة ولا قداسة لهم. كما أنهم ليسوا الممثلين الرسميين للإسلام، ولا الله، جل في علاه، وكّلهم للتحدث باسمه ولا باسم دينه العظيم. فسبحانه وتعالى لم يضع وسيطًا بيننا وبينه، ولا بيننا وبين قرآنه.
السبب الثاني هو أن الأزهر بوضعه الحالي أحد منابع الإرهاب والتطرف في بلدنا، بالضبط مثله مثل السلفيين وعموم تيار الإسلام السياسي. أقصد بالطبع أن الأساس الفقهي والديني واحد بينهم جميعًا. الاختلاف في الدرجات وليس في الجوهر. لعلك رأيت الممثل الذي أرسله الأزهر ليناظر إسلام في قناة القاهرة والناس. فقد أيد الرجل زواج أي طفلة صغيرة طالما "أنها سمينة". كما أنه سعى لأن يؤكد أن سيدنا علي بن أبي طالب عليه السلام كان يرتكب جريمة حرق خصومه وهو ما تقلده فيه داعش.
الحقيقة المؤسفة أن الأساس الفقهي للأزهر لا يختلف عن الأساس الفقهي للإخوان وعموم التيار الإسلامي في بلدنا، بما فيه الإرهابي. السبب أن القائمين على هذه المؤسسة لا يريدون أن ينزعوا النصوص الإرهابية من تراثنا، ويصبغون قداسة على بشر، حتى تنسحب هذه القداسة عليهم.
بجملة واحدة، هذه المؤسسة، إذا كان الرئيس جادًا وصادقًا في "الثورة الدينية"، أصبحت عبئًا على البلد بوضعها الحالي، بل وأصبحت أحد أهم منابع الإرهاب والتطرف، بل وأحد أهم الداعمين له.
إذا لم يفعل السيسي؟
أظن أنه سيكون في هذه الحالة ليس جادًا في مقاومة الإرهاب والتطرف. وأنه في الأغلب الأعم هذا الخطاب للاستهلاك الخارجي، وقد منحه شعبية كبيرة هنا في كندا على سبيل المثال.
فإذا لم يدعم فعلى الأقل يقف على الحياد ومن خلفه مؤسسات الدولة. فهيئة الاستثمار التي تتبع وزارة الاستثمار التي تتبع السيسي، أرسلت إنذارًا لقناة القاهرة والناس على خلفية شكوى الأزهر وبيانه، الذي كفروا فيه بحيري ومن ثم أباحوا دمه.
إذا لم يقف حتى على الحياد؟
في الأغلب الأعم سيحدث ذلك. وأظن أن السبب الأول وقد قلته لك من قبل، أن الرئيس ليس جادًا في محاربة التطرف والإرهاب. السبب الثاني أنه الرئيس ومن معه ربما يرون أن دور إسلام بحيري انتهى. مثلما انتهى دور باسم يوسف. كانا بطلين عظيمين وتتم الإشادة بهم من كل خصوم الإخوان وحلفائهم، لذلك لم نسمع صوتًا واحدًا من الأزهر ينتقد إسلام. أما الآن فقد انتهى دور صديقي كما انتهى دور غيره.
السبب الثالث أن محاربة الإرهاب والتطرف تحتاج مناخا ديمقراطيا حرا، دولة تحمي وتصون حرية الاعتقاد وحرية الرأي والتعبير والتنظيم لكل المصريين، وهو ما لن يفعله السيسي. لذلك سيبيع إسلام بحيري للأزهر والسلفيين ولعموم تيار الإسلام السياسي.