كشف مدرس الآثار الإسلامية بكلية الآداب جامعة سوهاج، الدكتور عاطف علي عبدالرحيم، عن مظهر من مظاهر الفخامة في مواكب الملوك والخلفاء، في ورقة بحثية ألقاها بالمؤتمر الدولي السادس بشأن الموروثات القديمة بين الشفاهية والكتابية والتجسيد الذي نظمه مؤخرا مركز الدراسات البردية والنقوش بجامعة عين شمس.

ومن جانبه قال خبير الآثار، والمنسق الإعلامي للمؤتمر، الدكتور عبدالرحيم ريحان، بأن الدراسة رصدت أداة مهمة من أدوات المتكأ أو الجلسة الخاصة بالملوك والخلفاء بما يسمى بـ"المذبة"، أو ما يطلق عليه بالعامية "هواية" أو "منشة"، وهي حاليا من المنتجات التراثية النوبية، وتستخدم في الرقصات النوبية حتى الآن.

وبين ريحان، أنها تعد من الآلات الملوكية، ولها أفراد مخصوصين بحملها في المواكب والحفلات وتصنع من خصلات شعر الخيل أو أطراف الخوص وأصلها يغطى بالجلد.

وأضاف، أن "المذبة" كانت أيضا من الرموز والشعارات الخاصة بملوك مصر في الدولة القديمة، وكانت لها رأس على هيئة ثمرة الكمثرى، علاوة على أنها كانت تتخذ كسلاح في بعض الأحيان.

وأشار إلي أن من بين الملوك الذين ظهرت في أيديهم المذبات، الملوك "نعرمر وتوت عنخ آمون"، كما وجدت رسومها في المنحوتات القديمة، ترجع إلى ما قبل الميلاد في منطقة جنوب الأناضول.

وأوضح، أن الدراسة بينت أن "المذبة" كانت في العصر الفاطمي من جملة الآلات الملوكية المختصة بالمواكب العظام الخاصة بالخلفاء الفاطميين، إذ يقوم شخصان بحمل مذبتان عظيمتان كالنخلتين ملويتين محمولتين عند رأس فرس الخليفة في الركوب، ورغم معرفتها بمصر القديمة إلا أنهم أول من اتخذها في مصر لتكون ضمن آلات الخلافة في المواكب.

وبين أن في العصر المملوكي ذكرها، إبن إياس، في حوادث 915هـ/1510م، في عهد الأشرف قنصوه الغوري، في وصف جلسته عند مقياس النيل في يوم الجمعة، فكان يوضع للسلطان دكة كبيرة مطعمة بالعاج والأبنوس ويفرش فوقها مقعدا يجلس عليه، وتظلله فروع الياسمين وتقف حوله المماليك الحسان بأيديهم المذبات ينشون عنه ويعلق في الأشجار أقفاص فيها طيور.

وأكد: "طبقا للدراسة فإن المذبة استخدمت في عدة أغراض قديما منها التهوية ومظهر من مظاهر الفخامة في مواكب الملوك ودفع الذباب عن الأطعمة بالتهوية الدائمة وأثناء عجن الدقيق لعمل الخبز، فهي وسيلة من وسائل الحفاظ على نظافة الطعام.

وأشار ريحان، إلى أن المذبة تستخدم حديثا كنوع من الإكسسوارات المعبرة عن الفخامة في المجتمع ومنتج شهير بمنطقة النوبة وأسوان يستخدم حتى الآن، ومازال اليابانيون حتى الآن يستخدمون المذبة في طرد وقتل الذباب بدلا من استخدام المبيدات الحشرية القاتلة للإنسان قبل الحشرات.