التوقيت الجمعة، 22 نوفمبر 2024
التوقيت 11:26 ص , بتوقيت القاهرة

لماذا حرب اليمن؟!

حرب اليمن الثانية تختلف تمامًا عن حرب اليمن الأولى التي أرسلت فيها مصر قواتها لأهداف أخرى ليست مجال حديثنا الآن، وعلى كل حال هي حرب دفعت فيها مصر ثمنا باهظا من خيرة شبابنا في الجيش المصري في حرب لا ناقة لنا فيها ولا جمل.


والآن تشارك مصر في حرب اليمن للمرة الثانية التي تختلف كليا عما حدث في المرة السابقة.. فحرب اليمن الثانية أو عاصفة الحزم كانت أمرا ضروريا وفرض عين على كل عربي أن يشارك فيها، لأن الوضع هناك أصبح يشكل خطورة بالغة على المنطقة العربية كلها وعلى مصر بشكل أكبر وأخطر.. وهو الأمر الذي يدفعنا دفعا للمشاركة في القضاء على جماعة طفيلية ظهرت على الساحة في محاولة لفرض الأمر الواقع بالقوة ومحاولة السيطرة على مقاليد الحكم.


جماعة الحوثيين شكلت تهديدا للمنطقة العربية كلها.. وهي كجماعة مدعومة من إيران تحديدا فهي تشكل الخطر الأكبر الذي ينتشر كالسرطان في جسد الأمة العربية لينهش فيه ويحوله إلى أشلاء.


إيران تسعى لنشر المذهب الشيعي في المنطقة العربية ككل وليس في مصر فقط.. والهدف بالطبع هو السيطرة على كل المنطقة والسيطرة على الخليج العربي، ليكون هناك الخليج الفارسي وينتشر المد الشيعي على حساب أهل السنة أو أي مذهب آخر لافرق.


لم يكن هدف الحوثيين هو الوصول لكرسي الحكم في اليمن فقط، وإلا لكان الأمر شأنا داخليا لا يجوز ولا يجب التدخل فيه من قريب أو من بعيد.. ولكن الخطر كان في السيطرة على البحر الأحمر كله وتحديدا مضيق باب المندب.. وهنا مكمن الخطر الذي يهدد مصر تحديدا.. فقناة السويس الجديدة ذلك المشروع الضخم الذي تعمل فيه الدولة بكامل طاقتها وتسعى أن يكون مشروع العصر، الذي يحقق نقلة نوعية في منطقة القناة كلها ليصبح نواة لمنطقة تجارية جديدة في المنطقة.. ولو أصبح مضيق باب المندب تحت سيطرة الحوثيين وهو ما يعني سيطرة إيران عليه فعليا فهذا يعني فشل مشروع قناة السويس الجديدة.. بل هو تهديد مباشر لقناة السويس الحالية أيضا لأنها ستصبح بلا فائدة طالما بقي الأمر تحت سيطرة الحوثيين في باب المندب وهو الأمر الذي لا تقبله مصر ولا يقبله أي عربي حر يرفض أن تكون دول المنطقة كلها تحت سيطرة جماعة معينة مدعومة من جهات تسعى لخراب المنطقة العربية.


ومن ثم كان من الضروري أن تشارك مصر في عاصفة الحزم أو ما يمكن أن نسميه حرب اليمن الثانية ضمن قوة عربية مشتركة من دول المنطقة العربية المتضررة بشكل مباشر من سيطرة الحوثيين على الوضع في اليمن.. فليس الأمر مجرد حرب شاركت فيها مصر بالقصف الجوي أو بقطع بحرية من الأسطول المصري أجبرت الأسطول الإيراني على التراجع والانسحاب من البحر الأحمر.. أو حتى المشاركة بقوات برية.. فالأمر ليس ترفا ولا مجرد استعراض قوة بل حرب مصير كتلك التي تخوضها مصر ضد عناصر الإرهاب داخل مصر في سيناء وفي كل مكان على أرض مصر.. وهو أمر مكمل لما تقوم به داخل مصر للقضاء على الإرهاب لذا وجب القضاء عليه في الداخل والخارج.


التدخل في اليمن كان ضروريا.. كما كان من الضروري التدخل العسكري في ليبيا عندما تجاوز تنظيم داعش المدعوم من أمريكا والغرب حدوده وهدد مصر وأمنها وحدودها وقتل أبناءها ذبحا، فكان الرد السريع على جرائم داعش التي يرتكبونها باسم الإسلام وهو منهم برئ.. فكانت الضربات الجوية السريعة لمعاقل داعش لتدمرها في ساعات قليلة وهو ما لم تفعله قوات أمريكا ولا الناتو التي كانت تذهب لضرب داعش في العراق فتلقى لها بالسلاح الأحدث على مستوى العالم لتقتل به الأبرياء والعزل وتزداد قوة صلفا وغرورا.


الجيش المصري لم يحارب في ليبيا ليحتل أرضا جديدة ولا ليستولى على آبار البترول هناك كما فعلت داعش وكما فعلت أمريكا في العراق.. ولم يشارك في عاصفة الحزم بحثا عن مجد زائف ولا ليسيطر على موارد طبيعية ولا ثروات معدنية ولا خلافه ولكن شارك ليحمي الشرعية التي يتحدث عنها عديمو الشرعية من الجماعة الإرهابية عندما يقتلون ويحرقون ويخربون باسم الشرعية.


أما الأغبياء الذي أبتلينا بهم في عواصف الربيع العربي والذين يرددون أن جيش مصر مرتزقة وأنه يحارب لصاح الجهة التي تدفع له فهم ليسوا أكثر من صبية أغبياء لايدركون حجم الخطر الذي يهددهم هم قبل غيرهم لأنهم لن يكون لهم وجود لو سقط الجيش المصري الذي يهتفون بسقوطه ولو سقطت الدولة المصرية لأنهم ساعتها سيكونون قد أدوا مهمتهم وسيكون التخلص منهم ضروريا.


الجيش المصري ليس جيش مرتزقة بل جيش وطني حر يدافع عن حدوده ومواطنيه.. لا يقتل المدنيين ولا يحرق المدن أو يهدمها فوق رؤوس الأبرياء كما يفعل الآخرون من مدعي المدنية والتحضر والمنادين بحقوق الإنسان 
الجيش المصري لا يحارب إلا دفاعا عن النفس والوطن.. لايحتل أرضا ولا يحرق زرعا ولا يقتل طفلا بل يشارك في حماية الوطن العربي كله.. وستكون حرب اليمن الثانية أو عاصفة الحزم بداية لعودة الوحدة العربية وإنشاء جيش عربي موحد يقف ضد أطماع الغرب وأمريكا وإسرائيل المنتفع الوحيد مما يحدث في المنطقة على أيدي مدعي الإسلام وهم في الحقيقة يدمرون الإسلام دينا ووطنا.. فالمؤامرة كبيرة والمشاركون فيها ما بين متآمر يسعى لتدمير وطنه وتقسيمه.. أو غبي لايفهم ولا يريد أن يفهم وقانا الله وإياكم شر الغباء والأغبياء.


ورغم أن الحرب على الإرهاب هي محاولة لاستعادة الشرعية، إلا أن البعض يرى غير ذلك معتقدا أنه هو من يمثل الشرعية فقط كما قال عبد الملك الحوثي نفسه عندما أكد أن  "عاصفة الحزم اعتداء على الشرعية " .. هو إحنا لسة هنقول شرعية!!! 



ويبدو أن الشرعية هي كلمة السر في الاعتداء على الدول المستقلة والسيطرة عليها لحساب جماعات إرهابية مخربة تدعي انتسابها للإسلام والإسلام منها بريء.. أي شرعية يا تابع إيران ومنفذ سياساتها الاستعمارية التوسعية في الخليج العربي سعيا لتحويله إلى الخليج الفارسي.


أين هي الشرعية التي تتحدثون باسمها وأنتم في الواقع محتلون لأرض ليس لكم الحق فيها ولا في حكمها ؟ 
أين الشرعية التي ترفعونها شعارا لكم وأنتم تريدون السيطرة على إرادة شعب انتخب رئيسا شرعيا لاينتمي إليكم فكنتم أنتم أنفسكم ضد الشرعية وحاولتم عزل الرئيس الشرعي المنتخب من الشعب لتضعوا مكانه رئيسكم غير الشرعي وجماعتكم المتآمرة على المنطقة العربية بكاملها؟


أين الشرعية وأنتم تدمرون دولا بأكملها لحساب جماعتكم ولحساب إيران التي تسعى للتحول إلى دولة فاشية تستعملكم لتفرض واقعا جديدا على شعوب بأكملها؟ 


يا عم الحوثي.. شرعيتكم مرفوضة أنت وكل من ينادي بالشرعية وهو أبعد ما يكون عنها.. الشرعية هي ما تريده الشعوب وليس ما تريدونه أنتم أو كما تريده جماعات إرهابية مدعومة من الخارج لتنفيذ مؤامرات هدفها الوحيد تدمير الأوطان.. انسى ياعم الحوثي.


والنشطاء أيضا يحرضون الشباب لعدم التجنيد الإجباري لأننا دخلنا حرب لا ناقة لنا فيها ولا جمل .. صحيح ونعم الوطنية !!! 



وكما يدعي الحوثي أن عاصفة الحزم صاحبة الشرعية الوحيدة هي اعتداء على الشرعية فهناك الكثير من النشطاء يرفضون عاصفة الحزم وينكرون محاولات إعادة الشرعية والضرب بيد من حديد على أيدي العابثين بأمن المنطقة العربية.


فنجد ناشطة منهم تكتب تغريدة على تويتر تقول فيها: " ارفضوا التجنيد الإجباري طالما بندخل حروب لاناقة لنا فيها ولا جمل والعيال الغلابة هم اللي بيروحوا فيها في الرجلين لصالح مجموعة من تجار الحرب".


فهل هذا الكلام يمكن أن يصدر من مصري يفهم ويدرك الأخطار التي تحيط بمصر تحديدا.. والتي دمرت دولا بأكملها حولنا حولتها إلى خراب ودمار وحولت شعوبها من الثراء والنعيم إلى الخراب المقيم.. ومن الاستقرار والأمان إلى بحور الدم والنار.


وأين هم تجار الحروب الذين تقصدهم الناشطة المحترمة؟ هل هم قيادات الجيش المصري أم جنودنا البواسل الذين يموتون على أيدي الخونة والمتآمرين والعملاء.. أي الفريقين هم تجار الحروب وتجار الموت وشاربي الدماء.. من باع بلاده مقابل دراهم معدودة أم من وقف في وجه العدو يصد الهجمات ويفسد المؤامرات.. أين ومن هم إذن تجار الحروب؟


هل يمكن لأحد له علاقة ولو من بعيد بالسياسة أو بمتابعة مايحدث على الساحة أن يصدر منه مثل هذا الكلام التحريضي ضد جيش هو الوحيد الباقي في منطقة يسعى كل المتآمرين عليه لإسقاطه وتدميره حتى تصبح المنطقة كلها لقمة سائغة لهم لكل طامع وحاقد وكاره لمصر.


هل يمكن أن يصل التحريض على الجيش إلى هذا الحد بتحريض الشباب على رفض التجنيد الإجباري لأن العيال الغلابة هم اللي بيروحوا في الرجلين من وجهة نظر الست المغردة، ولأنهم بيحاربوا في معارك لاناقة لنا فيه ولا جمل وتتم لصالح تجار الحرب مش لصالح دولة بكاملها تسعى للحفاظ على حدودها ومنع محاولات تقسيمها وتخريبها.


هل يمكن أن يكون هناك من يفكر بهذه الطريقة وهو يرى حوله ليبيا وقد تحولت إلى كتلة من اللهب تحرق الليبيين وغير الليبيين هناك بعد أن كانت واحة خضراء آمنة مطمئنة؟!


هل يمكن أن يكون هناك من يفكر بهذه الطريقة وهناك دولة اسمها العراق دمرتها الفتن والمؤامرات من سنوات بفضل عينات من هذا النوعية التي لاتدرك كثيرا مما يحدث على الساحة.. أو أنهم يفقهون ويفهمون ولكنهم يريدون فعلا إسقاط هذا الجيش الوطني لصالح قوى استعمارية تسعى لوضع يدها على المنطقة العربية لتضع على رأسها إسرائيل ويصبح الجميع خادما لها ومطيعا وراكعا أمامها.


الأمر ليس غريبا.. فمن كان يطالب بتفكيك الجيش والشرطة بحجة أنه عاوز يبني من جديد على نضافة رغم كل ما يراه رأي العين من أخطار تهدد وجوده هو شخصيا.. فعلا.. ونعم الوطنية!


وناشط آخر عاوز يعرف عدد القوات والمعدات وكام كتيبة وكام طيارة شاركوا في الحرب.. المرة الجاية هنعمل إعلان في التلفزيون بمعاد الحرب وكل تفاصيلها !!!



ناشط آخر كتب تغريدة أكثر خطورة من التي تطالب برفض التجنيد الإجباري فكتب يقول : "بما أننا مشاركين في حرب بمعدات وأفراد.. مش المفروض نعرف حجم مشاركتنا وعدد قواتنا يعني كام كتيبة كام طيارة.. عدد المقاتلين؟ وهتكلفنا كام؟".


أعتقد بالتغريدة دي تبقى الحكاية كملت وجابت آخرها.. وإلا فما معنى أن يتدخل ناشط أيا كان وضعه ولا الجهة التي يعمل فيها أو لها أن يطالب بمعرفة أسرار عسكرية بحجة الشفافية وأن من حقه يعرف أسرار عسكرية. 
ويبدو أن من ضمن منظومة حقوق الإنسان التي نشرتها أمريكا والغرب في رؤوس البعض أن يكون كل شيء مباحا وعلى الملأ حتى الأسرار العسكرية.


أعتقد أن هذه التغريدة لاتستحق الرد حتى ولو كانت على مستوى من الخطورة الشديدة لأن صاحبها من المؤكد أنه كتب هذا الكلام وهو لا يدرك مدى خطورته ولا أنه بذلك يطالب بأمر من الممنوعات ومن أسرار الجيوش وليس من متطلبات حقوق الإنسان التي أوصلتنا لما نحن فيه الآن بشكلها ووضعها الحالي..  لقد أصبحنا فعلا نعيش زمن المضحكات المبكيات!


على فكرة ياريت تكلمنا عن حقوق الإنسان وقانون التظاهر في أمريكا نفسها.. ولا تحاول حتى أنك تعرف أسرار عسكرية عن الجيش الأمريكي وساعتها هتعرف الفرق بين مصر وأمريكا.