عادة ما تشد رحالك في أواخر شهور الصيف وأوائل الشتاء في زيارة تمنحك بعض الدفء والطاقة إلى أهرامات الجيزة، وتتمحور أهداف زيارتك بالطبع في القيام بجولة على ظهر حصان يدور بك حول ثلاتة أهرامات والصرح الحجري أبو الهول، ولكنك معنا ستكون جولتك مختلفة ولن تنحرف عن اهتماماتك كثيرا، "دوت مصر" سيطلعك على أماكن أثرية هامة تجاور الأهرامات الثلاثة وأبو الهول ولكن لا تلحظها عينك.

مقبرة ياسن
فور دخولك من المدخل الرئيس للأهرامات، المعروف باسم مدخل "مينا هاوس" ستجد مقبرة ياسن، في أوائل مقابر الجبانة الغربية في طريقك قبل الوصول إلى أول هرم أعلى ربوة رملية عالية.

ووسط عدد كبير من المقابر في مواجهة الهرم الأكبر يختارها لنا، المرشد السياحي أشرف، ليقول لـ"دوت مصر" إنها أهم المقابر التي يحرص على اصطحاب أي فوج سياحي إليها، لأنها من المقابر النادرة التي مازالت تحتفظ بنقوشها الملونة أعلى جبانة منف، مضيفا أن المقبرة رقم 2196 شيدت لدفن كبير الكهنة ومفتش الحدائق في نهاية الأسرة الخامسة وبداية السادسة.

فالتجويف الصخري المربع الذي تنزل له عدة درجات يتكون من جدارن مكسوة بالنقوش والألوان، تصاحبك من المدخل، حتى حجرة القرابين، كما تحمل جدرانها نقوش لياسن مع الكهنة على جدارها الغربي، ثم تحتوي على فجوة مفرغة تقودك إلى بئر الدفن لتجد في النهاية سرداب غير مكتمل.

ورغم أهمية المقبرة فإنها مغلقة بالأقفال والأسلاك الحديدة، وهو ما يبرره المرشد السياحي بأنه بعد ترميم المقبرة وفتحها للزيارة لم يقبل عليها الزائرين، كما لم يتحمس المرشدين السياحيين إلى اصطحاب وفودهم إليها بسبب اهتمامهم بالمعالم الشهيرة الذي تخطف أذهان السائحين.

معبد أبو الهول
انتبه أيها الزائر قبل أن يخط أنظارك "أبو الهول" وتتأثر بصمته، وحاول للحظة أن تحول عينيه إلى مرمى نظره لتجد معبده ليقص عليك حكايته، نعم تلك الأسوار المربعة التي تحتضن بعض الصخور الحجرية هي معبد، إلا أنه لم يوجد أي إشارة أو لوحة إرشادية تخبرك عنه شيئا.

فيقول مفتش الآثار أحمد عرابي إن أبو الهول كان في وقت من الأوقات مزارا للحج، وكان المصرييون القدماء يتوافدون عليه لتقديم النذور وإقامة الطقوس، لذا تم بناء معبد أبو الهول، على اعتبار أنه ممثل للإله "رح حور أخت"، فكان الحجاج يدخلون إلى المعبد ليقدمون لأبو الهول النذور ثم ينتقلون إلى قدس الأقداس، ويصعدون عبر سلم صغير نحو حرم أبو الهول ليتمون مراسم الحج.

ويستأنف عرابي وملامح الضيق ترتسم على جبينه الأسمر، أن المعبد بني بنفس التكوينات الحجرية التي بني بها معبد الوادي الخاص بالملك خفرع، وله مدخلين شمالي وجنوبي يؤدون إلى غرفتين يقال أنهم خاصين بالحارس الذي يقودك إلى البهو الكبير الذي يحتوي على بعض الأعمدة الحجرية المتبقية من المعبد محاطة بسور، وتعرض المعبد إلى تلف شديد نتيجة أنه ظل تتحت الأرض وتعرض إلى عوامل التلف والتعرية حتى اكتشفه الدكتور سليم حسن في عام 1938.

وبرر عرابي ضيقه بأن المعبد مغلق منذ سنوات بسبب حاجته لكثير من عمليات الترميم والصيانة، كما أن معبد الوادي سحب بساط اهتمام السائحين من تحت قدميه لأنه يؤدي إلى الطريق الصاعد ويجاور الهرم خفرع ويطل على أبو الهول.

"علشان نرجع المعبد تاني للأساس بتاعه هيبقى صعب" هكذا استهل المدير التنفيذي لإدارة ترميم الهرم، حامد حنفي كلامه عن معبد أبو الهول، وبرر ذلك بأنه كان بالمعبد 10 تماثل كبيرة تم نقلها إلى المتحف المصري، وكل ما تستطيع أن تفعله إدارة الترميم الآن هو تجميع الكتل الصخرية وإعادتها إلى أماكنها، وعمل صيانة دورية للعمدان ولجدران المعبد، إلا أنه مازال لا يوجد خطة زمنية لذلك.

واختتم حنفي "مهمتنا هي إننا نعيد المتحف لحالة قريبة من حالته الأصلية.. إنما حالته الأصلية مستحيل".

لوحة الحلم
لم يعد لديك حجة بعد أن افتتح حرم أبو الهول أمام الزائرين للإطلاع على لوحة الحلم، فقط عليك إطالة النظر بين مخالب أبو الهول، لتتجلى أمامك لوحة فرعونية من الجرانيت الأحمر، تقص عليك حلم الملك تحتمس.

فبعد 1000 عام من بناء أبو الهول في الدولة الحديثة، خرج تحتمس الرابع في رحلة صيد فانتابه بعض التعب، وأصابه النعاس بجوار أبو الهول الذي تسلل إلى حلمه وشكى له من الرمال التي تحيطه لأنها تعيقه في أخد نفسه.

ويعلق عرابي عن ذلك بأن الشعب المصري متدين بطبعه، فكان أي ملك سواء شرعي أو غير شرعي يتواصل مع المصريين من الجانب العقائدي، وأن تحتمس الرابع لم يكن ابن شرعي للملك وكان يريد أن يسيطر على الحكم فأقام فروى ذلك الحلم كدعاية سياسية، فنقش لوحة الحلم ومن هنا تأكد المصريون القدماء أنه ابن الإله على الأرض.

معبد أمنحتب الثاني
وأخيرا قبل أن تخرج من حرم أبو الهول، انظر إلى شماله، لتجد بوابة حجرية تعلوها نقوش فرعونية، هي مدخل معبد أمنحتب الثاني، الذي شيد أيضًا لنفس الأسباب السياسية بحسب قول عرابي، فيحتوي المعبد الطولي على لوحة الصيد، التي نقش عليها أمنحت الثاني أنه خرج في رحلة صيد وقدم القرابين والنذور وأقام شعائر الحج ليتقرب من الإله.

وبرر عرابي الهدف السياسي من ذلك بأن رحلات الصيد البرية كان لا يخرج إليها إلا الأمراء وأبناء الملوك، أما أهمية اللوحة التاريخية تكم في أول ظهور للحصان على النقوش الفرعونية، كما أنه تم الكشف في المعبد على لوحات الآذان، التي تبين اعتقاد المصري القديم أنه حينما يتلوا التعاوييذ والتراتيل يوجد آذان للإله تسمعه.

وأوضح المدير التنفيذي لإدارة الترميم بمنظقة الهرم حامد حنفي، أن تلك الهيئة ليست الهيئة الأصلية للمعبد، بل أضاف له الدكتور سلين حسن بعد اكتشافه "مود برك" أي الطوب اللبن للحفاظ على الشكل الهندسي للمعبد من مواسم الأمطار ورياح الشتاء لتأثيرها على المادة العضوية.

وفي العصور المتقدمة قمنا "كوتينج خارجي" من الطين والتبن الذي استبدلناه فيما بعد بالرمل، وأعددنا قوالب بنفس الحجم كمصدات لتكييس الحوائط الداخلية والخارجية، والآن نعد خطة لإزالة الغلاف الخارجي للوحة الصيد، لأنه غير متوافق مع الأثر وهناك خطه باستبدال هذه المونه بطوب لبن مصنع بنفس مواصفات الطوب الفرعونى، فتم عمل عزل من أسفل لوحه الصيد بمعبد أمنحتب وذلك لوقايتها من أى رطوبة أرضية أو مياة جوفية، بالإضافة إلى خطة لعرض اللوحة بطريقه تحميها من كل عوامل التعريه التى تؤذيها، وأخيرًا نعمل على صيانة دورية للنقوش بالمعبد وعمليات استكمال بسيطة.