شيخ الصحفيين.. أول محرر كسر احتكار أصحاب الصحف لمنصب النقيب
عند تأسيس نقابة الصحفيين عام 1941، كان مجلس النقابة يتكون من مجموعتين، المجموعة الأولى تمثل "أصحاب الصحف"، والمجموعة الثانية تمثل "المحريين الصحفيين"، وكان منصب النقيب حكرا على مجموعة أصحاب الصحف لمدة 3 مجالس، إلى أن كسر "شيخ الصحفيين" فكري باشا أباظة هذا الاحتكار في المجلس الرابع، وفاز بمنصب "النقيب".
المحامي الذي شهدت أروقة المحاكم صولاته وجولاته دفاعا عن الحق، والصحفي صاحب المقالات المثيرة للقضايا المهمة والمعارضة للفساد والاحتلال، والمتحدث الإذاعي، وعضو البرلمان، المدافع عن قضايا أمته، المستجوب للوزراء لمعرفة الحقائق وكشف التجاوزات وتعميق الديمقراطية، والأديب كاتب القصة، ولاعب الكرة ومؤلف نشيد ثورة 1919 والموسيقار.. إنه فكري باشا أباظة.
شيخ الصحفيين
محمد فكري حسين أباظة.. أو "شيخ الصحفين".. ولد عام 1896م في قرية كفر أبو شحاتة في الشرقية، في عائلة أباظة التي ترجع إلى أصول شركسية، والتي أنجبت عدة شخصيات في مختلف فروع العلم والأدب والشعر والفن، منهم الشاعر عزيز أباظة والأديب ثروت أباظة والفنان رشدي أباظة.
تخرج في مدرسة الحقوق عام 1917م، وكان ضمن طلبة الحقوق الذين تم فصلهم في فبراير عام 1915 بسبب امتناعهم عن استقبال السلطان حسين كامل احتجاجا على إعلان الحماية البريطانية، ومهادنة الخديوي للاحتلال.
اشتغل بالمحاماة، ثم انضم للحزب الوطني المصري عام 1921م، وكان من مناضلي الحركة الوطنية المصرية، ومن خطباء ثورة 1919م، وهو مؤلف وملحن نشيد الثورة المصرية آنذاك، انتخب عضوا بمجلس النواب المصري عام 1923م، وتكرر انتخابه لعضوية المجلس في عدة دورات أخرى.
في أبريل عام 1948 حاولت الحكومة استحداث قانون جديد من شأنه إجراء تعديل في بعض مواد قانون العقوبات، وكان الهدف منه هو المساس بالحريات وحق المواطن في انتقاد السلطة التنفيذية، ويومها وقف فكري أباظة ضده لحماية قدسية الدستور والديمقراطية.
الصحافة
قبل قيام ثورة 1919 بعشرة أيام بدأ فكري أباظة العمل في الصحافة، حيث بدأ في كتابة أول مقالاته تحت عنوان "كتيب حقير" مهاجما طابور الخيانة الذي كان يهيئ الظروف للحكم الذاتي في مصر، وهاجم الاحتلال الإنجليزي والمندوب السامي في مجموعة مقالات أخرى.
بدأ فكري أباظة العمل الصحفي في صحيفة المؤيد، ثم في صحيفة الأهرام عام 1919م، ثم عمل محررا في مجلة المصور عام 1924م، وأصبح رئيسا لتحريرها عام 1926م، واستمر رئيسا للتحرير حتى عام 1961م، وبلغ عدد مقالاته في المصور 5500 مقالة صحفية خلال 55 عاما.
انتخب أباظة نقيبا للصحفيين "كأول محرر صحفي يصبح نقيبا للصحفيين بدل أصحاب الصحف، الذين كان منصب نقيب الصحفيين محصورا عليهم سابقا، عام 1944 م ولأربع دورات متتالية.
شغل منصب رئيس تحرير مجلة الهلال الشهرية المصرية، وفي أُغسطس عام 1961 صدر قرار حكومي بإعفائه، ويقال بأن الإعفاء كان من قبل الرئيس جمال عبدالناصر نتيجة مقالة سياسية قام بنشرها.
الضاحك الباكي
اتصف فكري أباظة كمحام وصحفي وبرلماني وإذاعي بأسلوب ساخر عميق، ولهذا أطلق عليه اسم "الضاحك الباكي"، حتي أنه أطلق هذا الاسم على أول مؤلف له عن أدب الثورة.
كورة وموسيقى وقصص كمان
كان فكري أباظة لاعبا بالنادي الأهلي الرياضي لبعض الوقت، وانتخب فيما بعد رئيس شرف للنادي الأهلي، كما كان أباظة موسيقيا هاويا، وألف 100 قطعة موسيقية بالعزف على الناي والمندولين.
كان عضوا في المجلس الأعلى لدار الكتب المصرية، وألف العديد من القصص، ومنها "خلف الحبايب" و"الضاحك الباكي" و"أحاديث فكري أباظة"، وحصل على درجة الدكتوراه الفخرية من أكاديمية الفنون، توفي فكري أباظة في القاهرة، في فبراير عام 1979.