قمة شرم الشيخ تصدر إعلانها بعنوان "صيانة الأمن القومي العربي"
أصدرت القمة العربية اليوم الأحد، إعلانها بشأن مؤتمر شرم الشيخ، حيث بدأ كالتالي: "نحن قادة الدول العربية المجتمعون في الدورة 26 لمجلس جامعة الدول العربية على مستوى القمة، والتي كرست أعمالها لبحث التحديات التي تواجه أمننا القومي العربي وتشخيص أسبابها والوقوف على الإجراءات والتدابير اللازمة لمجابهتها، بما يحفظ وحدة التراب العربي ويصون مقدراته وكيان الدولة، والعيش المشترك بين مكوناته في مواجهة عدد من التهديدات النوعية، وهو الأمر الذي يتطلب تضافر جهودنا واستنفار إمكاناتنا على شتى الأصعدة، السياسية، والعسكرية، والاقتصادية، والثقافية،والاجتماعية.
إذ تؤكد اعتزازنا بجامعتنا العربية في الذكرى السبعين لإنشائها، فإننا نجدد التزامنا بمقاصد الزعماء والقادة المؤسسين، من ضرورة توثيق الصلات بين الدول الأعضاء، وتنسيق خططها الياسية؛تحقيقا للتعاون بينها وصيانة لاستقلالها وسيادتها محافظة على تراثها المشترك والتى تجسدت على ميثاق جامعة الدول العربية 1945.
وإذ ندرك أن مفهومنا للأمن القومي العربي ينصرف إلى معناه الشامل وبأبعاده السياسية والعسكرية والاقتصادية والاجتماعية، من حيث قدرة الدول العربية على الدفاع عن نفسها وحقوقها وصيانة استقلالها وسيادتها وسلامة أراضيها وتقوية ودعم هذه القدرات من خلال تنمية الإمكانات العربية في مختلف المجالات، استنادا إلى الخصائص الحضارية والجغرافية التي تتمتع بها، وآخاً في الاعتبار الاحتياجات الأمنية الوطنية لكل دولة، والإمكانات المتاحة، والمتغيرات الداخلية والإقليمية والدولية لكي ثؤثر على الأمن القومي العربي.
وإذ نستشعر أن الأمن القومي العرب قد بات تحت تهديدات متعددة الأبعاد، فبنيان الدولة وصيانة أراضيها قد أضحيا محل استهداف في أقطار عربية عديدة، وتتباع بقلق اصطدام مفهوم الدولة الحديثة في المنطقة العربية بمشروعات هدامة تنتقص من مفهوم الدولة الوطنية وتفرغ القضايا العربية من مضامينها وتمس بالتنوع العرقي والديني والطائفي وتوظفه في صراعات دموية برعاية أطراف خارجية ستعاني هي نفسها من تدمير كل موروث حضاري كان لشعوب المنطقة دور رئيسي في بناته فضلاً عن التحديات التنموية والاجتماعية والبيئية وإزاء كل ما يحيط بالأمن القومي العربي من تهديدات وتحديات فى المرحلة الراهنة تهدد المواطنة كأساس لبناء مجتمعات عصرية تحقق الرفاهية والازدهار لشعوبها كي تستعيد الأمة العربية مكانتها المستتحقة فإننا:
- نؤكد التضامن العربي قولا وعملا فى التعامل مع التطورات الراهنة التى تمر بها منطقتنا وعلى الضرورة القصوى لصياغة مواقف عربية مشتركة فى مواجهة كافة التحديات ونجدد تأكيدنا على أن ما يجمع الدول العربية عند البحث عن إجابات على الأسئلة الرئيسية للقضايا المصيرية هو أكبر كثيرا مما يفرقها ونثمن فى هذا السياق الجهود العربية نحو توطيد العلاقات البيئية وتنقية الأجواء.
- نجدد تعهدنا بالعمل على تحقيق إرادة الشعوب العربية في العيش الكريم والمضي قدما فى مسيرة التطوير والتنوير، وترسيخ حقوق المواطنة وصون الحريلات الأساسية والكرامة الإنسانية وحقوق المرأة العربية وتحقيق التنمية المستدامة والعدالة الاجتماعية وجودة التعليم، وندرك أهمية تلك الأهداف كأدوات رئيسية وفاعلة تصون منظومة الأمن القومي العربي، وتعزز انتماء الإنسان العربي وفكره بهويته.
- ندعو المجتمع الدولي إلى دعم الجهود العربية فى مكافحة الإرهاب، ولاتخاذ كافة الإجراءات اللازمة لتجفيف منابع تمويلية للحيلولة دون توفير الملاذ الآمن للعناصر الإرهابية ، كما نشدد على ضرورة تنسيق الجهود الدولية العربية فى هذا المجال، من خلال تبادل المعلومات الأمنية والاستخباراتية والتعاون القضائى والتنسيق العسكري، مشددين على حتمية الشمولية فى الرؤية الدةلية فى التعامل مع الإرهاب دون انتقائية أو تمييز بحيث لا تقتصر على مواجهة التنظيمات بعينها وتتجاهل أخرى، خاصة أن كافة تلك التنظيمات يجمعها نفس الإطار الأيدولوجي وتقوم بالتنسيق وتبادل الخبرات والمعلومات والمقاتلين والسلاح فيما بينها، ونؤكد فى هذا الإطار رفضنا الكامل لأى ربط لتلك الجماعات أو ممارستها بالدين الإسلامي الحنيف.
- ندعو كافة المؤسسات الدينية الرسمية فى عالمنا العربي إلى تكثيف الجهود والتعاون فيما بينها نحو التصدي للأفكار الظلامية والممارسات الشاذة التى تروج لها جماعات الإرهاب والتي تنبذها مقاصد الأديان السماوية وندعوها إلى العمل على تطوير وتجديد الخطاب الديني بما يبرز قيم السماحة والرحمة وقبول الآخر ومواجهة التطرف الفكري والديني ودحض التأويلات الخاطئة لتصحيح المفاهيم المغلوطة تحصينا للشباب العربي.
ونشدد في هذا السياق، على دور المثقفين والمفكرين العرب، والدور الرئيسي لوسائل الإعلام العربية، والقائمين على منظومة التعليم في العالم العربي بما يستهدف نشر القيم والاعتدال.
ندرك أن التحديات العربية باتت شاخصة لا لبس فيها ولا تحتاج إلى استرسال في التوصيف بقدر الحاجة إلى اتخذا التدابير اللازمة للتصدي لها، وقد تجلي ذلك بشكل ملموس في المنزلق الذي كاد اليمن أن يهوي فيه، وهو ما استدعى تحركا عربيا ودوليا فاعلأ بعد استنفاذ كل السبل المتاحة للوصول إلى حل سلمي ينهي الانقلاب الحوثي ويعيد الشرعية وسيستمر إلى أن تنسحب الميليشيات الحوثية وتسلم أسلحتها، ويعود اليمن قويا موحدا.
وإذ نجدد تأكيدنا على محور القضية الفسطينية كونها قضية كل عربي فسيظل التأييد العربي التاريخي قائما حتى يحصل الشعب الفلسطيني على كامل حقوقه المشروعة والثابتة في كل مقررات الشرعية العربية ووفقًا لمبادرة السلام العربية.
أما في ليبيا فقد أورثت المرحلة الانتقالية منذ عام 2011 دولة ضعيفة ازدادت ضعفا إثر انتشار وسيطرة قوى متتطرفة ومعادية لمفهوم الدولة الحديثة على مناطق ليبية فضلا عن تدخلات قوى خارجية تسعى لتوجيه مستقبل الشعب الليبي، كما يعاني العراق منذ عام 2003 من عمليات إرهابية ممنهجة أثرت سلبًا في قدرته على بسط سيطرته على كامل أراضيه وضبط الاستقرار فيه، فضلًا عن عنف في سورية أنتج تطرفًا حولها إلى ساحة لصراعات إقليمية ودولية بالوكالة، مما أفضى إلى غياب دور الدولة ومؤسساتها عن ربوع البلاد، وعدم قدرتها على حماية شعبها والحفاظ على سيادتها ووحدة أراضيها.
نتعهد ببذل كل جهد ممكن، وأن نقف صفًا واحدًا حائلًا دون بلوغ الأطراف الخارجية مآربها في تأجيج نار الفتنة والفرقة والانقسام في بعض الدول العربية على أسس جغرافية أو دينية أو مذهبية أو عرقية، حفاظًا على تماسك كيان كل دولة عربية، وحماية لأراضيها وسيادتها واستقلالها ووحدة ترابها وسلامة حدودها، والعيش المشترك بينة مواطنيها في إطار الدولة الوطنية الحديثة التي لا تعرف على التفرقة أو تقر التمييز.
نعقد العزم على توحيد جهودنا، والنظر في اتخاذ التدابير الوقائية والدفاعية، لصيانة الأمن القومي العربي، في مواجهة التحديات الراهنة، والتطورات المتسارعة، خاصة تلك المرتبطة بالممارسات الإجرامية لجماعات العنف والإرهاب، والتي تتخذ الدين شعارا لها ذريعة لوحشيتها، وتوكد في هذا السياق احتفاظنا بكافة الخيارات المتاحة، فى ذلك اتخاذ اللازم نحو توحيد الجهود والتخطيط لإنشاء قوق عربية مشتركة، لمواجهة التحديات الماثلة أمامنا ولصيانة الأمن القومى العربي والدفاع عن أمننا.
ومستقبلها المشترك وطموحات شعوبنا وفقا لميثاق جامعة الدول العربية، ومعاهدة الدفاع العربى المشترك والشرعية الدولية وهو ما يتطلب التشاور بيننا من خلال آليات الجامعة تنفيذا للقرار الصادرعن هذة القمة.
ونؤكد ضرورة إخلاء منطقة الشرق الأوسط من الأسلحة النووية وأسلحة الدمار الشامل، وعلى انضمام إسرائيل إلى معاهدة منع الانتشار النووي في منطقة الشرق الأوسط، وهذا على إخضاع جميع المرافق النووية لدول منطقة الشرق الأوسط بما فى ذلك إيران لنظام الضمانات الشامل للوكالة الدولية للطاقة الذرية.
ونؤكد في هذا الإطار أن تحقيق التكامل الاقتصادى العربي هو جزء لا يتجزأ من منظومة الأمن القومى العربى، بما فى ذلك استكمال منطقة التجارة الحرة العربية الكبرى، وتحقيق الأمن الغذائى ومبادرة السودان فى هذا الشأن وكذلك التنمية المستدامة والاستغلال الأمثل للموارد وتضيق الفجوة االغذائية العربية، والإدارة المستقبلية للموارد المائية تحقيقا للأمن المائى العربى.
ونعرب عن شكرنا العميق لفخامة الرئيس عبد الفتاح السيسي، رئيس جمهورية مصر العربية، ولشعبها العظيم على حفاوة الاستقبال وكرم الضيافة، ولحكومة جمهورية مصر العربية بمؤسساتها المختلفة على دقة التحضير للقمة العربية والتنظم المحكم والإدارة الجيدة لأعمالها، كما نتوجه بالشكر لمعالى أمين عام جامعة الدول العربية ومسؤولي الأمانه العامة على ما أبدوه من حرص وما بذلوه من جهد لإنجاح القمة.