تجارة السلاح وعاصفة الحزم في اليمن
نشرت مجلة "ناشونال دفنس" الأمريكية، الصادرة عن وزارة الدفاع "البنتاجون" في الثاني من شهر مايو العام المنصرم 2014، ما يؤكد أن ما يقارب الـ 100 مليار دولار من المبيعات الدفاعية ستكون لقمة سائغة في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا من الآن وحتى العام 2019.
وقالت المجلة أيضا، إنه بجانب الـ 100 مليار دولار هناك عشرات المليارات من الدولارات سينفقها الشرق الأوسط في عقود الخدمات والدعم على الأسلحة.
وأشارت المجلة إلى أن المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة وقطر والعراق والجزائر ستكون وجهة هذه الإنفاقات التسليحية الدفاعية.
وقالت المجلة في حينها، إن الشرق الأوسط سوف يشهد حالة من الاضطرابات يتبعها تغيير في النظم الحاكمة، وتحولات في مصادر القيادة في الشرق الأوسط، تغلفها فكرة الصراع الطائفي والحروب الأهلية.
كل ما سبق ليس بجديد سبق ونشرته في موقع "دوت مصر" في مقال تحت عنوان "هل تصل داعش مصر؟ نعم" بتاريخ 19 يونيو 2014.
بنظرة عميقة إلى ما يحدث الآن في اليمن بما يسمى "عاصفة الحسم"، نجد أن هناك خريطة محددة المعالم تحدث على الأرض حاليا، حيث إن الغارة الجوية التي شنتها الطائرات السعودية وهى يالطبع أمريكية الصنع، وسوف تحتاج إلى خبراء صيانة بعد استخدامها، وكذلك صواريخ جديدة للطائرات، وهكذا، وبالطبع سوف تلبي أمريكا الطلبات، حيث إن الطائرات أمريكية الصنع.
الخطورة في تقرير مجلة "ناشونال دفنس"، ليست في أرقام تجارة السلاح التى سوف تتم في الشرق الأوسط، لكنها تكمن في التسلسل الذي سردته، حيث إن السعودية جاءت في أولى الدول التى سوف تشملها صفقات السلاح في المنطقة.
ولو اتبعنا التقرير سنجد أن الإمارات العربية المتحدة احتلت المرتبة الثانية في هذه الصفقات العسكرية واللوجستية، فماذا سيحدث في المستقبل القريب؟، مشكلة العرب أن مشاكلنا محلية الصنع ونغرق فيها ونتمعن في الاستغراق فيها، وننسي تماما أننا مستهدفون، وأن الخطر الخارجي سوف يأكل الأخضر واليابس، لنتحول معها إلى ذكرى.
خرج البيت الأبيض بعد دقائق من ضربات السعودية إلى اليمن بتصريحات مفادها أن الولايات المتحدة الأميريكية لن تشارك في الضربات العسكرية في اليمن، لكنها تشترك بخلية مشتركة مع السعودية لتقديم الدعم العسكري والاستخباراتي، وهو بالتمام ما تحدث عنه التقرير، " دعم لوجيستي واستخباراتي"، وهو بالطبع ليس مجانيا.
الولايات المتحدة الأمريكية دولة عظمى تحكمها مبادئ وأهداف محددة لا تتغير بتغير رئيس أو حاكم، وهي تمتلك نصيب الأسد من الأقمار الاصطناعية حول العالم، وبالتالي فمن يملك يحكم، وبهذه التكنولوجيا المتطورة العالم أصبح قرية أكثر من صغيرة، فزمن المفاجآت الكبرى قد انتهى.
خلاصة الأمر فإن ما يحدث الآن في اليمن لن ينتهي في ليلة وضحاها، وقد يمنع الحوثيين من السيطرة على نظام الحكم في اليمن، لكن في نفس الوقت لا يمكن لأي أحد من أن يسيطر على اليمن، وسوف يتحول الوضع إلى وضع أشبه بالمشهد السوري، لكن وضع اليمن سيكون أسوأ، حيث إنه لا يوجد نظام حاكم من الأساس.
ومن المتعارف عليه أن الحروب تبدأ بضربات جوية، وهو ما يحدث الآن يتبعها قوات برية في الزحف على الأرض، فهل السعودية ودوّل الخليج ومعها مصر مستعدة للدفع بجنود في مجاهل اليمن السعيد، أم أن الأمر سينتهي بضربات جوية؟
التاريخ والتقارير الاستخباراتية، ومن بينها التقرير الأمريكي الذي استرشدت به في بداية هذا المقال، يقول إن المنطقة العربية والشرق الأوسط مُقبل على مرحلة جديدة، سوف تقلب الموازين، وتُغير من المعادلات السياسية العربية القبلية المعقدة، وسوف يظهر فرسان جدد يأخذون المنطقة إلى مرحلة جديدة، ليكتب التاريخ العربي من جديد وكأننا في الخمسينيات.