لهذا خلقت الجيوش - اليمن مرة أخرى
لما كان للقمة العربية في شرم الشيخ معنى لو أقيمت على الوضع الحالي، حيث أربع عواصم عربية تحركها إيران الجهادية - بغداد ودمشق وبيروت ثم صنعاء. كل هذا وإيران تحت حصار اقتصادي، ولم تمتلك بعد قنبلة نووية.
قريبا سينفك الحصار الاقتصادي، حين يتفق الإيرانيون مع أمريكا والغرب حول البرنامج النووي، وبعدها من يعلم.
حتى لو لم تحز إيران على قنبلة نووية فسوف يكون رفع الضغط عنها تمهيدا لمزيد من الاستحواذ. إيران تقود حرب دمشق، وتقود حرب بغداد في تكريت، وتحكم بيروت وتحركها حسب مصالحها هي منذ 1991، وهي الآن تريد أن تسيطر على اليمن وعلى مضيق باب المندب لكي تضيفه إلى سيطرتها على مضيق هرمز فتخنق الخليج كله، وتهدد مصر من الجنوب، كما هددتها من غزة طوال السنين الماضية.
والحرب العقائدية الإيرانية حرب سرمدية، لن تنتهي إلا بظهور المهدي المنتظر، الذي لم يظهر لآلاف السنين، ولا أحد يعلم إلى متى تطول لعبة الاستغماية (الغميضة) تلك. لكننا نعلم أننا لا نريد لهذا النظام الذي يحكم بحق سلالة الدم المقدس أن يحكمنا. كما لا نريد غيره من أنواع الاستبداد المقدس.
لظروف كثيرة اختارت دول عربية كبرى موقف الدفاع، لا الهجوم، إزاء التمدد الإيراني منذ تحييد العراق عن المعادلة عام 92. هل كان هذا خطأ استراتيجيا قادنا إلى اللحظة؟ هل التعامل مع اليمن بهذا الحسم لكونه اليمن فقط، أم أنه تغير في السياسة بعد تغير القيادة السعودية، حيث شغل الملك سلمان سابقا منصب وزير الدفاع؟ وهو أول ملك سعودي سبق له أن كان وزيرا للدفاع.
لدينا شبح الحرب السابقة في اليمن. الذي تعلمنا منه أن نتأنى في التدخل هناك. لكن علينا أن ننتبه إلى الفارق بين التعلم من الدروس، فنتجنب الأخطاء، وبين الخوف المرضي.
حسنا فعلت مصر بالإعلان عن دعمها ومشاركتها، لأكثر من نقطة:
1- بسبب المصلحة المباشرة كما أسلفت.
2- لأن هذا أدعى إلى دعم مصر وتفهم وجهة نظرها في التدخل عسكريا إذا تهدد أمنها من دولة مجاورة لا تملك حكومة مركزية مسيطرة، كما حدث في ليبيا (وانقسم الرأي الصادر عن السعودية بين دعم وتحفظ)
3- المشاركة القوية من مصر ثقل سياسي سيدخل في المعادلة الإيرانية لحساب ثمن سياستها.
4- بالنسبة لمصر والدول العربية، من المصلحة السياسية إنهاك إيران عسكريا واقتصاديا إلى آخر حد ممكن، وتحييد أوراقها التي تبتز بها المنطقة والعالم.