التوقيت الثلاثاء، 05 نوفمبر 2024
التوقيت 02:36 م , بتوقيت القاهرة

إيران.. الغائب الحاضر عن القمة العربية

لا تحتاج إيران اليوم دعوة لحضور القمة العربية كضيف شرف على الهامش كما كان سابقا؛ فالآن تمثلها 4 دول عربية، يبدو أن طهران تسيطر على عواصمها بشكل كامل.


في سوريا واليمن والعراق ولبنان وحتى غزة، يبدو الحضور الإيراني جليا وسط الصراعات الداخلية تمر بها هذه الدول، سواء كانت صراعات سياسية  أو دموية. تظهر طهران على الساحة كمتحكم قوي وصاحب نفوذ واسع، يصل حتى جزر القمر العربية في المحيط الهندي، فضلا عن قيام قوات الحرس الثوري بتدريب الحوثيين على الأراضي الإريترية.


يختلف بعض المحللين حول الثقل والدور الإيراني في المنطقة العربية؛ البعض يرجح أن الصورة الظاهرة عن طهران هي صنيعة دعاية إيرانية تتبناها وسائل إعلام عربية تصنع من الدولة الفارسية ورموزها "حالة إمبراطورية"، تصل إلى حد تشبيه الجنرال قاسم سليماني بـ"رامبو".


فيما يركز آخرون على مبدأ تحكيم العقل في مواجهة الخلافات؛ تقديرا للمصالح المشتركة، التي لا يمكن تجاهلها، بين إيران والدول العربية.


 




 



 


إيران منهكة 
يقول الخبير في الشؤون الإيرانية الدكتور علي زاده، لـ"دوت مصر": أعتقد أن الدول العربية تبالغ في خطر إيران، ولا أعتقد أن الحضور الإيراني أو عدمه في القمة العربية سيؤثر على أي شيء، إيران عاجزة عن تأمين لقمة عيش لأبنائها داخليا، فالوضع الاقتصادي لطهران مزري، وهو ما يؤكده عجز حكومة روحاني على دفع مكافآت موظفيها في عيد النيروز.



ويتابع "زادة" من لندن: هذه الضجة عن الدور الإيراني لا تعكس الواقع، بالتأكيد إيران لديها طموحات ببناء إمبراطورية، لكن الواقع أنها في مفاوضاتها مع أمريكا تخلت عن مؤسسات ومنشآت نووية بأكثر من 170 مليار دولار، تماما كما فعل القذافي من أجل التوصل لاتفاق نووي وإلغاء بعض العقوبات".


 




 



 


ويتابع: لذلك دور إيران في العراق محدود عبر المستشارين العسكريين، وهذا لا يعني أبدا أن طهران تحكم بغداد. الأمريكيون أيضا موجودين بمستشاريهم وطائراتهم. وفيما يتعلق بسوريا، فالمستنقع السوري كلف إيران 15 مليار دولار، إضافة لمئات من رجال الحرس والباسيج، إيران خسرت الشعب السوري، الذي كان متعاطفا معها. وفي لبنان هناك 60 أو70% من اللبنانيين يكرهون إيران لأنها منعت انتخاب رئيسا لها. وفي اليمن الغالبية شافعيون وليسوا شيعة، وحتى الزيديين ليسوا جميعهم من أنصار الله أومع عبد الملك الحوثي، لهذا اضطر الحوثي للتحالف مع علي عبد الله صالح، الرجل الفاسد، الذي لا يحظى بأي دعم سوى من مجموعة فاسدين في الجيش وقوات الأمن، هذا التحالف أضر بإيران كثيرا؛ لأنها تتدعي أنها تدعم الثوار.. لذلك لا بد من أن نأخذ الأمور من منظور موزون لا من خلال دعائية سياسية فارغة".


 




 



 


رسائل مزدوجة
وتحدث "علي زاده" عن العلاقات العربية الإيرانية، موضحا أن الحوار يجب أن يكون سيد الموقف، واصفا الخطاب المصري تجاه إيران بـ"حالة من الغزل"، الذي ربما يعني أن الحكومة المصرية تريد توجيه رسائل معينة لحلفائها الاستراتيجيين، بأنها تمتلك الخيار الإيراني.


ويشير "زاده" إلى العلاقة بين النظام الإيراني والأردن: فبينما تعارض طهران الملكيات والأردن التي كانت تدعم الشاه، نرصد زيارات وتبادل رسائل بين الطرفين، والأرجح أن كل منهما يريد توجيه الرسائل وليس تعزيز علاقات، ما يعني أن إيران تستخدم أطرافا عربية لتوجيه رسالة لأطراف إقليمية أخرى.



يرى "زادة" أن هناك مبالغة غريبة وعجيبة حول الحضور الإيراني في المنطقة العربية، مرجعا ذلك لحرب دعائية أيرانية: ويبدو أن الإعلام العربي يتماشى مع التوجه الإيراني، فنرى صور سليماني في الصحف والقنوات، والحديث كله عن دور إيران في المنطقة.


من جانبه يقول مدير المركز العربي للدراسات الاستراتيجية، صالح صدقيان، لـ"دوت مصر": إيران دولة كبيرة في هذه المنطقة، ولديها مصالح فيها، ولديها تعريف لأمنها القومي وأمنها الإقليمي، ولا يمكن لإيران أن تستبعد الدور العربي، ولا يمكن للعرب أن يستبعدوا إيران، الطرفان أبناء منطقة واحدة، ولديهم مصالح مشتركة، وتاريخ مشترك".


 




 



 


مشكلة طرفين
ويضيف "صدقيان" من العاصمة الإيرانية طهران: يوجد تيار داخل كل من الدول العربية وإيران، على حد سواء، يعتمد سياسة تهميش الآخر وإقصائه، هؤلاء ينظرون بشكل قومي ويغفلون الأبعاد الإقليمية، والحقيقة أنه لا يجب أبدا إغفال دور كل طرف في المنطقة.


ويشير إلى أن إيران قالت منذ البداية إنها لا تريد وجودا أجنبيا في المنطقة، ودعت لتعاون إقليمي (إيراني عربي إسلامي تركي)، لحل كل المشاكل الإقليمية. هذه هي النقطة الجوهرية، بعدها تأتي التفاصيل، وأؤكد أن لدينا مشكلة عدم جلوس كل الأطراف الإقليمية على طاولة واحدة لبحث قضاياها بعيدا عن أي تدخلات أجنبية".



تحالف ضد إيران
الكاتب والصحفي اللبناني جهاد الخازن، قال لـ"دوت مصر": القمة العربية علنية، والجميع يعلم مضمونها، هناك دول متحالفة مع إيران مثل سوريا والعراق، والحوثيين أيضا، وغيرها، وأنا أؤيد البرنامج النووي العسكري الإيراني ضد إسرائيل، لكن في الوقت نفسه أعارض إيران في طموحاتها وأطماعها واحتلالها للجزر الإماراتية، لذلك أرجو التعقل والحكمة من كل الأطراف.

يضيف: لإيران دول تمثلها في المنطقة العربية، لأنها تدهمها بصورة أو أخرى في صراعاتها الداخلية أو الإقليمية، مثل بشار الأسد في سوريا، و"حزب الله" في لبنان، والمالكي في العراق، هذه الدول قد تدعم إيران في القمة، لكن في النهاية أفضل أن أرى في النهاية القرارات العربية الموحدة ناحية إيران، فنحن لا نضمن مسار التطورات".