لا يبدو سجن النساء بالقناطر منشأة عقابية في يوم الاحتفال بعيد الأم. مسرح راقص وسرادق مبهج، والسجينات في كامل زينتهن، بعضهن يحملن أطفالهن دون العام الثاني، وأخريات يحنون على بناتهن في المرحلة الابتدائية.

ينكر السجينات ممن تحدثن إلى "دوت مصر" إرتكاب الجرائم المدانات بها، ويقلن إنهن إما ارتكبن جرما أقل أو لم يرتكبن جريمة، لكن حظهن العاثر أوقعهن تحت طائلة القانون.

كان السجينات حضور الحفل بسجن القناطر يوم الاثنين على علم بحضور وسائل الإعلام الحفل. بعضهن خبأن وجوههن في طرحهن، وأخريات تحدثن لوسائل الإعلام بكل أريحية.

بين المتحدثات وعلى المنصة الرئيسية كانتا سجينتان إحداهما مدانة في قضية "أموال عامة" كان يبدو عليها أثر النعمة، مصففة الشعر، ترتدي ملابس السجن البيضا، ولكنها من قماش يبدو أكثر نعومة، ومكوية، بحذاء أنيق، وتضع مساحيق التجميل.

أشادت السيدة الأنيقة في خطبة ألقتها من فوق المنصة بـ"حقوق الإنسان في السجن"، وبمعاملة مسؤوليه مع السجينات. قالت إن سجن القناطر أشبه بـ"معسكر إنساني".

يسري القول بأن السجناء يعيشون في السجن كل واحد "على قد فلوسه". ومن هذا الباب تدخل الملابس والأكل الطيب والحلى وغير ذلك من وسائل الاتصال والترفيه.

تبدو مظاهر الغنى والفقر جلية في "سجن النسا". ترتدي نسوة جلاليب "البفتة" البيضاء، مع طرحة من القماس نفسه، وتطل من أسفله "الشباشب البلاستك"، وترتدي أخريات العبايات البيضاء من الدانتيل المطروز، والنظارات الشمسية، والأحذية الأنيقة، وتفوح من ناحيتهن روائح "كوكو شانيل".

لا تختلط سجينات "الأموال العامة" الأنيقات، بزميلاتهن سجينات قضايا السرقة والخطف. خلال حفل عيد الأم كن السجينات الأنيقات يقفن في ركن قريب من سرادق الإعلاميين، يتمتعن بحرية نسبية للتنقل في ساحة الحفل، دون الاستماع للهجة السجانة الآمرة.

وكن الفقيرات في السجن، يجلسن مع أبناءهن في سرادق بالجهة المقابلة بترتيب دخولهن إليه ويأكلن من أطباق فوم وزعتها إدارة السجن عليهم احتوت قطعتي كيك وباتية وثمرة موز، وتحرسهن السجانات في أثناء جلوسهن.

تفرق المظاهر بين سيدة وأخرى في سجن القناطر، لكن الأمومة لا تفرق بين أحد منهن. بعض السجينات الفقيرات تمتعن بصحبة أولادهن يوم الاحتفال، وغاب أبناء الثريات.

كانت إحدى السجينات، متهمة في قضية قتل، تبكي وسط أولادها، وهم يربتون على أكتافها، ويمسحون خديها، أربعة أولاد وبنت، كانوا جميعا حضور لديها. قالت السجينة، وسط أطفالها، "دي أول مرة أقضي عيد الأم هنا"، أشارت إلى أن هذه هي سنة السجن الأولى لها.

اشتكت احدى السجينات الأنيقات من جفاء أهلها وأقاربها. وقالت أخرى إن ابنها لم يزرها في عيد الأم. لا يرادف الثراء مشاعر الحب داخل أسوار السجن. قد يعني امتلاكك للأموال الحصول على خدمة أفضل، وملابس، وحلي، وغيرها.

سجينة في قضية خطف زعمت، في حديثها مع "دوت مصر"، إن النيابة تحقق في قضيتها، وأن لا حكم صدر بحقها. وأشارت إلى أنها مسجونة منذ نحو عام. لكن ذلك ينافي المعروف بأن سجن القناطر يضم الصادر بحقهن أحكام نهائية.

يركز السجينات على قضاء مدة الحبس. تبقى الحياة هادئة بالداخل، وتسير الحياة في الخارج كما المعتاد. لا يشغل السجينات ماذا ينتظرهن في المستقبل، فلكل حادث حديث.