"درع الجزيرة".. أمل اليمن الأخير لوقف المد الحوثي
يبدو أن تفجيري صنعاء في مسجدي بدر والحشوش، التابعين لجماعة الحوثي، كانا بمثابة الذريعة المناسبة للهجوم على محافظات اليمن الجنوبي، بعد أن سيطروا منذ سبتمبر الماضي على العاصمة صنعاء ومعظم محافظات الشمال.
وجاء إعلان تنظيم "داعش" مسؤوليته عن هذه التفجيرات، ليمنح الحوثيين شرعية استكمال السيطرة على باقي محافظات اليمن باسم" محاربة الإرهاب"، وقد ظهرت نتائج تلك التحركات سريعا.
وقد استطاع مسلحو الحوثي السيطرة على الأماكن الاستراتيجية والمهمة في ثالث أكبر المدن اليمنية "تعز"، ما استدعى وزير الخارجية اليمني بمطالبة قوات "درع الجزيرة" بالتدخل لإيقاف المد الحوثي، مستنفرا دول الخليج للحفاظ على أمنها وأمن اليمن.
فبعد ساعات قليلة من تلك المناشدات، قام وزير الدفاع السعودي، الأمير محمد بن سلمان، بزيارة تفقدية لمدينة جيزان الواقعة على الحدود اليمنية، في خطوة استراتيجية أكثر منها عسكرية، وفي تلويح واضح بأن المملكة برفقة دول الخليج لن تردد لحظة في الدفاع عن حدودها وأمن تلك المنطقة.
فيما قالت وكالة الأنباء السعودية الرسمية، إن الأمير تفقد مركز العمليات المتقدم، وناقش مهام المركز والخطط والتكتيكات العسكرية الدورية المنفذة، وأهمية مواصلة تعزيزها بما يتواءم مع المنطقة.
وفي إشارة إلى مزيد من فرض السيطرة والتمكن، أصدر وزير الدفاع السعودي أوامر ببناء القاعدة البحرية في جيزان "الملاصقة للحدود اليمنية"، وإنشاء مبان للقوات المسلحة ومعسكرات إضافية في جازان ونجران، إضافة إلى البدء فورا بدراسة وتصميم إنشاء وحدات سكنية جديدة، وتوسعة مستشفى جازان، في تلميح لجاهزية القوات السعودية بما فيها قوات "درع الجزيرة".
"إن انسحاب الحوثيين من صنعاء أصبح ضرورة للعودة إلى الحوار الوطني وتفعيل المبادرة الخليجية"، هكذا قال الصحفي اليمني، جاد الصرمي، في تصريح لـ"دوت مصر"، مشيرا إلي أن المبادرة الخليجية تشمل أسس ومرتكزات لمعالجة الوضع اليمني، ومشددا على ضرورة الالتزام بهذه الأسس والمرتكزات.
وأكد الصرمي أن رفض الهيمنة الحوثية على اليمن والمطالبة بعودة الأوضاع إلى طبيعتها من قبل اليمنيين سيكون لها حسم في الموضوع ودور وتأثير بلا شك.
وتعتبر قوات "درع الجزيرة"، التي تم إنشائها عام 1982، من قوات عسكرية مشتركة لدول مجلس التعاون الخليجي، وتفككت خلال حرب الخليج الثانية بسبب عجزها الشديد، أحد الأدوات الرئيسية في إخماد احتجاجات البحرين عام 2011.
فقد أكد مصدر أمني سعودي، في مارس 2011، أن أكثر من ألف عسكري سعودي من قوات "درع الجزيرة" دخلوا إلى البحرين، لفرض الاستقرار التي تشهده البلاد، ما اعتبرته إيران عدوانا على البلاد، وتقدمت بشكوى رسمية في مجلس الأمن بشأن إرسال درع الجزيرة إلى البحرين.
ومع زيادة التكهنات بشأن توجه جماعة الحوثي نحو مدينة عدن بعد السيطرة على محافظة تعز، البوابة المؤدية إلى المحافظات الجنوبية، لم يبق التدخل العسكري الخليجي في اليمن رفاهية.
فقد قال وزير الخارجية السعودي، سعود الفيصل، خلال مؤتمر صحفي مشترك مع نظيره البريطاني، فيليب هاموند، في العاصمة الرياض، إنه "إذا لم تحل الأزمة اليمنية سلميا، فستتخذ دول المنطقة الخطوات اللازمة ضد العدوان "في إشارة لسيطرة الحوثيين على السلطة في صنعاء".
التدخل العسكري الخليجي في اليمن لن يحدوث دون غطاء دولي، هذا ما قاله مدير مركز رصد الديمقراطي، عبدالوهاب الشرفي، في تصريح لـ"دوت مصر"، مشيرا إلى أنه يرى أن أي تدخل خليجي سيواجه بالرفض الدولي، وإمكانية فرض عقوبات دولية على الدول المشاركة في التدخل.
وتابع الشرفي أن الموقف الإيراني الداعم لجماعة الحوثي هو توازن للدعم الخليج للرئيس هادي، معتبرا أن الدور الإيراني في اليمن يشبه الدور نفسه في لبنان وسوريا، كما أشار إلى رفض روسيا وإيران لهذا التدخل حال حدوثه.
ورأى الشرفي أنه في حال تدخل قوات الدرع في اليمن سيؤدي هذا إلى تدويل القضية وتخليها عن صفتها المحلية القائمة الآن.
وردا على سؤال ما إذا كانت قوات درع الجزيرة في دول مجلس التعاون الخليجي ستتدخل في اليمن، قال وكيل وزارة الخارجية الكويتية، خالد الجارالله،"لا استطيع أن أحدد وأقول إن قوات درع الجزيرة ستتدخل أو لا.. الأوضاع في اليمن تعالج على مستويات عديدة ليس فقط من قبل مجلس التعاون الخليجي بل تعالج على مستوى جامعة الدول العربية وعلى مستوى مجلس الأمن الدولي".