التوقيت الجمعة، 22 نوفمبر 2024
التوقيت 10:25 م , بتوقيت القاهرة

قطتي.. تتجوزيني؟

(قطتي.. ربنا يقدرني وأسعدك.. تتجوزيني).. (معلش يا أبو محمد إحنا آسفين ومش هنزعلك تاني.. ارجع بأه).. (حبيبتي.. أنا عارف إني مقصر معاكي بس غصب عني إنتي عارفة ظروف الشغل. كل سنة وإنتي طيبة وعقبال مليون سنة. زوجك..).


فجأة امتلأت شوارع القاهرة والمدن بل والقرى في بعض الأحيان بلافتات الحب والاعتذار والتهاني والتقدم للزواج وكل مناحي الحياة الشخصية.. وقد تجد في بعضها أسماء الطرفين أو اسم الرجل فقط أو كنية كأبو محمد أو دلع كقطتي.


وبالرغم من أن المناقشات حول هذا الأمر تدور فيما إذا كان هذا يصح أم لا، وإذا كان البعض يعتبره رومانسية والبعض الآخر يعتبره سخافة وغيرهم يعتبرونه فضيحة.. إلا أن الأمر يتعدى هذه المناقشات ويثير عدة تساؤلات منها:


هل من حق أي مواطن أن يعلق لافتة في أي مكان في الشارع وبأي حجم وأيا كان نوعها؟ هل مثلا ممكن أن يضع مواطنا ظريفا لافتة بها نكتة خادشة للحياء؟ هل من المسموح - لو كنت تقطن أول دور علوي - أن تقوم من النوم فتجد على (بلكونتك) لافتة بها اعتذار أو تقدم لخطبة فلانة وقد علقها أحدهم من الشارع على بلكونة منزلك حتى تراها الآنسة فلانة؟ 


وهل ممكن أن تحدث مشكلة في بيتك بسبب هذه اللافتة التي لا شأن لك بها على الإطلاق؟ هل ممنوع مثلا أن تعلق لافتات بحجم كبير عبر الشوارع لأنه من الجائز أن تقوم رياح خماسينية وتسقط اللافتة، فتغطي السيارات المارة في الشارع وتمنع الرؤية عمن يقود السيارة فتنتهي بكارثة؟


وماذا عن لافتات المحال التجارية والأطباء والمحامين وأصحاب الأعمال؟ أعتقد أن هناك قوانين معمول بها لتأمين الشوارع والمارة وتحديد كيفية تعليق تلك اللافتات..الخ وأثق أن مسؤولي البيئة يفتشون من وقت لآخر على تلك اللافتات ويقومون بتغريم أصحابها لو كانت هناك أية مخالفة.. هذا لأن أصحابها معروفون، أما (قطته) و(أبو العيال) فغير معروفين وكل منهم له الحرية التامة في تشويه الشارع وإزعاج المارة وتعكير مزاجهم والمساهمة في الابتذال وتشجيع الآخرين على تدني الذوق العام، بل وتعريض حياة المواطنين للخطر الحقيقي الذي قد يلحق بقائد سيارة أو أحد المارة أو كلاهما!!


ويثير هذا السلوك الجديد تساؤلا هاما هو لماذا أصبحنا مقلدين لدرجة السخافة؟! ولا أعني كما حلل البعض الأمر أننا صرنا نقلد الغرب والثقافات الأخرى التي يركع فيها العريس على ركبتيه في الشارع – لأن الشارع نظيف وزي الفل – ويتقدم برومانسية للزواج بالفتاة التي يحبها..وتضع هي يديها على فمها من المفاجأة، وكأنها مش عارفة وأول مرة تشوف المشهد ده وعمرها ما شافته في خمسة وتسعين فيلما قبل كده.. ليست هذه هي المشكلة.


المشكلة أن شخصا ما قرر أن يعتذر لزوجته بلافتة كبيرة، وحدث الأمر، وكان مفروض ينتهي عند هذا الحد.. لكن جاء بعده آخر وأخرى وغيرهم وغيرهم وكل منهم صار يكتب لافتاته ويعلقها.. وصار التكرار مرار، بل وفرار.. مرار طافح طبعا.. وفرار من الإبداع.. فرار من التفكير في أسلوب جديد يعبر عن تلك المشاعر بغض النظر عن كونها مشاعر شخصية جدا تتعرض لجراثيم الشارع وتتحول لنوع من الدعاية الرخيصة التي تشبه الأفلام الهابطة وتنتقل من قدسيتها المحصورة بين شخصين إلى عروض ممسوخة غير مبتكرة ليست لشخصين بل للعامة من كل حدب وصوب وكل يراها بطريقته ويفهمها على هواه وقد يحترمها وقد يسخر منها.


عبر عن مشاعرك بطريقتك الخاصة أو قم بتقليد غيرك وقل ما تريد، لكن أرجوك ارحم سكان الشارع من لافتاتك أنت وقطتك وأنتِ أيضا يا أم العيال.