العاصمة الجديدة "مافيهاش زينب" !
نكتة موجعة صُنعت على "فيس بوك" هذا الأسبوع تقول: خايف أروح أخلص ورقة في العاصمة الجديدة يقولوا لى ناقص توقيع الحاجة زينب في العاصمة القديمة!
المعنى، إن بناء عاصمة إدارية جديدة عمل رائع، الأروع منه والأهم بناء شخصية مصرية جديدة قادرة على أن تستوعب التطور وتسبق الزمن!
نفس المعنى هو السؤال الذي طرح نفسه في اليوم الأخير للمؤتمر الإقتصادي الناجح في شرم الشيخ: هل لدينا موظف الشباك الواحد المؤهل لكي يفهم ويطبق قانون الاستثمار الجديد، ويستوعب حجم هذه الاستثمارات؟
هناك أسئلة معلقة في رقبة الحكومة يجب أن تجيب عنها: هل نحن في وضع استعداد للتغيير فعلا؟ هل النافذة التي فتحناها كنا نتصور حجم الأيدي الممتدة منها للمستقبل؟
الاستثمار في الإنسان هو نقطة البداية في كل شيء، أن نفتح العقول قبل أن نفتتح مصانع وشركات ومؤسسات، كيف تبني وطنا جديدا بدون بناء عقل مثقف يفهم وقادر على التفكير؟
كنت أتمنى أن أجد بين المشروعات العملاقة مشروعا بميزانية تصل إلى 10 مليارات دولار للاستثمار في العقول، أكاديمية ضخمة تستوعب كل الكفايات لكي تعيد صياغتها وتقديمها لمن يرغب في أيد مدربة وعقول متفتحة، تخيل أن يتخرج من هذه الأكاديمية كل سنة 10 آلاف مواطن كفء، تدفع الشركات والمصانع التي ترغب في توظيفهم قيمة تعليمهم إلى الأكاديمية مرة أخرى، مشروع مربح لكل الأطراف.
بحسبة بسيطة، إذا كان هناك استثمارات بقيمة 200 مليار دولار مثلا ترغب في إقامة مشروعات على أرض مصر خلال الخمس سنوات القادمة، فإننا تقريبا أمام 300 مشروع على الأقل، تحتاج مليون ونصف المليون موظف وعامل مدرب. من أين نأتي بهذا العدد الذي يضمن نجاح المشروع وبقائه وتشجيع غيره على الحضور؟
الآن، المشاعر الفياضة التي صاحبت المؤتمر انتهت، لتبدأ لحظة الحقيقة، كيف نصبح كفئا على المستوى الذي يليق بتشجيع المستثمر على البدء والاستمرار؟
هل نتصور أن مستثمرا جادا، قدم وعدا بالاستثمار في مصر يمكن أن يبدأ إذا لم يجد الإنسان المصريّ مؤهل للعمل بدون مشاكل وبدون معوقات وبدون شكاوى؟
هل يمكن أن نقتل الموظفة المسكينة التي تمسك فى يدها ختم أزرق لكي تمرر ورقة.. قبل أن نذهب إلى عاصمة جديدة؟ كيف يمكن في خمس سنوات أن يكون لدينا موظفون على درجة من الحِرفية ؟ هل دربنا موظف الشباك الواحد على أن يبتسم ويفهم ويزيل العقبات بسهولة؟
البنية الأساسية للموظف أو العامل مفيدة لكل الأطراف، لكي نتطور ونرتقي ونتحول في وقت قصير إلى بلد متحضر، لكي نتحول إلى بلد نظيف جميل سعيد كما نحلم.