بعد التحليل.. الإفتاء: أناشيد "داعش" ترفع مستوى الأدرينالين
أصدر مرصد التكفير التابع لدار الإفتاء المصرية تقريره الرابع عشر لرصد مدى اعتماد التنظيمات الإرهابية والجماعات التكفيرية على أناشيد العنف التي أصبحت جزءا أساسيا في نشر أفكارها وجذب وتجنيد مقاتلين جدد، حيث حولوا النشيد إلى أداة فعالة في صراعهم الممتد.
وأكد التقرير الذي اعتمد على دراسة محتوى أكثر من 100 نشيد في مواقع الجماعات التكفيرية والتنظيمات الإرهابية، أن هذه الجماعات أفردت مساحة واسعة للنشيد كأداة مهمة للتحفيز من أجل المشاركة في الجهاد، معللة ذلك بأن النبي - صلى الله عليه وسلم- استعان في حياته بالشعراء الذين وظفوا أشعارهم لإلهام وتحفيز المسلمين وتثبيط الكفار، على حد زعمهم.
وأوضح مرصد الإفتاء أن التنظيمات الإرهابية تستخدم الأناشيد لقدرتها الهائلة على الانتشار والوصول إلى أكبر عدد من الجمهور بطريقة لا يمكن لمحاضرة أو كتاب فعلها، كما أنها تحفز الجمهور من الشباب خاصة للانضمام لهذه التنظيمات، مؤكدا أن الأناشيد تعد عنصرا مهما لخلق "ثقافة الجهاد".
أوضح التقرير أن تحليل كلمات هذه الأناشيد يكشف أنها تحمل نفس الخصائص التي تروج للقتال والحض على خوض المعارك، ويمكن من خلالها قراءة عقيدة التنظيم العسكرية وأفكاره وسلوكياته، مشيرا إلى أن الموضوعات التي تغطيها تلك الأناشيد تتضمن الشهادة، الجهاد المسلح باعتباره الحل الوحيد أمام المسلمين، وأهمية دعم المجاهدين، ودعم قادة الجهاد الحاليين لتوطيد العلاقة بينهم وبين الشباب)، وحال الأمة السيء، ومسؤولية الشباب، وانتصار الإسلام ووجوب الدفاع عن الدين بالجهاد في سبيل الله عَلى حد زعمهم.
وأكد مرصد الفتاوى التكفيرية أن نسبة تأثير الأناشيد على الأعضاء الجدد لهذه التنظيمات تصل إلى نسبة كبيرة، مؤكدا أن هذه الأناشيد ترفع من مستوى الأدرينالين في جسد الإنسان، وتكون حافزا له في الدفاع عن التنظيم وتنفيذ أهدافه وطموحاته، ولذلك يحرص مسؤولو التنظيم على أن ترافق مقاتليه سيارة صوتيات تبث الأناشيد فلا يشعرون بالخوف أو القلق بحسب وجهة نظرهم، وأكثر فئة تؤثر فيهم هذه الأناشيد بشدة الأطفال الذين لا تتخطى أعمارهم الـ15 عامًا ويهدف التنظيم من بث هذه الأناشيد إلى رفع الحالة المعنوية لأتباعه ومؤيديه فضلاً عن بث حالة من الرعب لدى العدو وإضعاف معنوياته من خلال عنف المفردات والإيقاع إضافة أنه يدخل ضمن أهداف هذه الأناشيد عملية "غسيل الدماغ" في محاولة لتعديل محتويات عقل الفرد أو مفاهيمه وتصوراته وأفكاره ومعتقداته.
وكشف التقرير أن هذه النوعية من الأناشيد تخضع لتقنية إنتاج عالية، ويظهر ذلك من خلال تنويع المؤثرات المصاحبة للأناشيد، والفواصل التي تتكون من أصوات "حمحمة" الخيل وصليل السيوف، وهدير الدبابات وأصوات البنادق، كما تظهر جودة الإنتاج أيضا من خلال التنوع في مستوى الأداء الفني؛ بين نماذج تركز على اللغة النارية التي تعتمد على مفردات الحرق والقتل والتدمير، إلى أخرى تعتمد على ثنائية الغرب الكافر الذي يحاول تدمير الإسلام وإبادة أهله، وبين المسلم المجاهد الذي ينتصر من بعد ظلم ويزود عن الدين كما يعتقدون.
ورصد تقرير دار الإفتاء أبرز خصائص أناشيد تنظيم "داعش" التي تميزها عن غيرها ومنها أنه يستعمل الأناشيد بشكل عام للتهجم على خصومه، ولتعداد أولئك الخصوم وبيان "كفرهم" وعمالتهم للغرب الكافر و"الحكام المرتدّين" بحسب زعمهم، وأشار التقرير إلى أنه كلما اقترب الفصيل الخصم من أيديولوجية التنظيم العقدية والفكرية – مثل جبهة النصرة – تتضاعف قيمة العنف والحقد، وتزداد الرغبة في إخراج الفصيل من الملّة والقضاء عليه.
أضاف التقرير أن أناشيد "داعش" تكثر ترديد اسم زعيمهم "البغدادي" في هذه الأناشيد، إضافة إلى إظهار مشاعر البهجة لحظة إعلان الخلافة، ومن بينها نشيد: "رصوا الصفوف، وبايعوا البغدادي". كما أن تلك الأناشيد تحذر من خيانة الخليفة أو عصيان أوامره.
أوضح التقرير أنه يمكن ملاحظة العنف الزائد عن الحد في كلمات الأناشيد التي ينتجها التنظيم، فقد أصبحت مفردات "الذبح" والحرق وقطع الرقاب متواجدة بكثرة في معظم أناشيد التنظيم ويصر مؤلفي القصائد من المنتمين للتنظيم على استعمال هذه المفردات لتحقيق أهداف التنظيم العامة والتي منها: إرهاب الأعداء بالذبح والنحر والسلخ والتفجير، والرغبة في مخاطبة مناصريهم وتعبئتهم معنويا.
لفت التقرير أنه "بالرغم من أن العنف من سمات الأناشيد القتالية، فإن كمية عنف المفردات الموجود في أناشيد "داعش" يقارب العنف الفعلي الذي يمارسه التنظيم ضد مخالفيه من عينة قولهم "أهل الجزيرة إذا جينا، الذبح والسّلخ بأيدينا"، بما يعكس فاشية التنظيمات الإرهابية التي تنطلق من مبدأ إلغاء الآخر، حيث يسيطر التكبر والغطرسة على جميع مفردات الأناشيد، بحسب تعبيره.
قدم التقرير عددًا من التوصيات، ممثلة في نزع القداسة عن تلك الأناشيد، والتأكيد على أنها لا تدخل في إطار "الديني" أو "المقدس" أو "الجهادي" ، ودعم أناشيد التصوف، وتطوير النشيد الديني وإحياء ثقافة الاستماع إلي الابتهالات الدينية بدرجة احترافية في استخدام واستغلال تقنيات الصوت والصورة، وعلى كفاءة كبيرة في استغلال التقنيات الحديثة وصفحات التواصل الاجتماعي التي باتت ساحة الصراع الحقيقية مع تلك التنظيمات وما تحمله من أفكار وقيم تغذي العنف وتنشره على نطاق عابر للحدود، بحسب وصف التقرير.