فيديو| "باسم".. ضحكة ماتت بقنبلة في صندوق "زبالة"
مات "باسم". وجدوا جثته في ثلاجة مستشفى المطرية مشقوقة الرأس ويتدلى منها مخه، بكتف مخلوع، وأرجل متكسرة. لم يصدق أبوه واخوته ما جرى. بين عشية وضحاها كانت "ضحكة العائلة" تنتظر تخليص أوراقها من المشرحة لتنتقل إلى مثواها الأخير.
رحل باسم عيد ثابت، 18 عاما، جامع القمامة، يوم السبت الماضي، تاركا وراءه زوجة لم يمهله القدر أن يسعد معها. مات بعد 5 أشهر من زواجه، تاركا في أحشاء خليلته جنينا يتخلق في عمر الشهرين.
خرج "باسم" ينبش القمامة يوم السبت كعادته مساء كل يوم من منطقة الزرايب بالخصوص بمحافظة القليوبية إلى حي حلمية الزيتون. يسرح بعربة "كارو" صغيرة يجرها حمار.
يقلب "باسم" بين النفايات عن رزقه كل يوم، ربما يجد فيها ورق "كارتون"، أو زجاجات بلاستيك، أو بقايا خبز. فلا حرفة لـ"باسم" وإخوته الستة وأبيه غير تجارة "القمامة" يخرجون في ورديات مختلفة يجمعون ما تجود به "الصناديق" يفرزونه ويبيعونه.
جاء والده الرجل الستيني، عيد ثابت، في صباه إلى القاهرة قادما من أسيوط، بصعيد مصر، بحثا عن لقمة العيش. امتهن حرفة جمع القمامة وبيعها، وورث أبناؤه نفس التجارة أيضا، وآخرون في الحي.
منطقة الزرايب بالخصوص واحدة من أبرز مناطق جمع وتجارة "الزبالة" في مصر. يعمل الكثيرون من أهل المنطقة في هذه التجارة. تتكدس أجولة النفايات أمام المنازل بانتظار توريدها للمشترين، في مشهد يشير إلى نشاط كثيف ومستمر.
علم زملاء "باسم" السارحون في نفس الوردية بمقتل جامع قمامة في شارع الحرية بحي حلمية الزيتون. فهرعوا إلى الشارع وتعرفوا على عربته وحماره الذي كان ينازع بعدما أصابته القنبلة أيضا.
يقول الناس في منطقة الزرايب إن القنبلة كانت موضوعة في كيس بجوار صندوق قمامة بشارع الحرية، وهو شارع يمر بحي المطرية أيضا، ونبشها "باسم" بحثا عن "عيش" فانفجرت فيه.
نحو الرابعة من فجر الأحد أبلغ زميل لـ"باسم" أهله بالحادث. ذهبت الصدمة بعقولهم. أقعد الخبر والده العجوز. كان "عم عيد" يلبس جلبابا ويلف رأسه بعمامة ويربط وسطه بكوفية ويجلس حافيا في ثاني أيام العزاء، ولا يقوى على الكلام.
وصل "صبري"، شقيق القتيل، وخاله "أبو سامي" إلى مسرح الحادث أولا وآخرون. أبلغ مسؤول أمني "صبري" أن شقيقه مصاب "بتعويرة بسيطة، ونقل لمستشفى المطرية". اصطحب رجل الأمن "صبري" إلى ثلاجة المستشفى للتعرف على شقيقه.
"أنا اتعرفت عليه من نص وشه، ودراعه.. كان نص وشه طاير وكتفه مخلوع"، يقول "صبري". يضيف "إحنا ناس غلابة ملناش أكل عيش غير كده.. لا وظيفة ولا حاجة.. نروح لمين.. نشكي لمين؟".
بعد الحادث بدقائق كانت صور لعربة وحمار "باسم" تنتشر على مواقع التواصل الاجتماعي، لكنها لم تشر إلى وقوع ضحايا، وكان يظن أهل القتيل أنه يمارس عمله اليومي حتى وقت متأخر.
يقول "أبو سامي"، خال القتيل، "كانت القنبلة مفرتكة دماغه حتتين، ورجليه مكسرة ومشقوقة، وخدوه المشرحة.. كانت بطنه مفتوحة ومخيطه.. طيب ده يستاهل يودوه المشرحة، يعني فرتكة فيه القنبلة ومات إيه لازمته يقطعوا فيه؟".
كان لـ"باسم" مكانة خاصة في قلوب أقرباءه وجيرانه. يقول "روماني" ، بن عمة القتيل، "ده كان ضحكة العيلة". ويذكر أحد جيران "باسم" أنه كان ينقل له مياه الشرب في الجركن عندما تقطع المياه.
يخشى أقارب وجيران "باسم" نفس المصير، لا حرفة لهم سوى نبش النفايات، لا يعلمون ماذا استفاد واضع القنبلة من تركها بجوار صندوق القمامة "أكل عيشهم"، يقولون إن "باسم" لم يكن مقصودا، ولكنهم يخشون أيضا على حياتهم وتجارتهم من "الصندوق".