إسرائيل لبشار الأسد: مرحبا بـ"الشيطان" الذي نعرفه
منذ بدأت الثورة السورية ضد نظام بشار الأسد، لم تتوقف التكهنات الإسرائيلية عن التنبؤ بالإطار الزمني اللازم لسقوط النظام الحاكم، وانعكاساته على الوضع الأمني والسياسي والإستراتيجي بالنسبة للجانب الإسرائيلي، نظرا لما تمثله سوريا من أهمية جيوسياسية بالنسبة لتل أبيب، ومنطقة الشرق الأوسط بشكل عام.
وفي نهاية عام 2011، شارك وزير الدفاع الإسرئيلي آنذاك، إيهود باراك، في أحد المؤتمرات بفيينا، وقال إن الدور التاريخي للأسرة الحاكمة في سوريا قد انتهى، وإن النظام السوري سوف يسقط خلال أسابيع معدودة، حسبما ذكرت صحيفة "هاآرتس"، وهو الرأي ذاته الذي قاله خلال جولة له في منطقة الجولان، منتصف عام 2011، برفقة رئيس أركان الجيش الإسرائيلي.
وفي التوقيت ذاته تقريبا، قال رئيس المخابرات الإسرائيلية الأسبق، أفرايم هليفي، إن نظام بشار الأسد سوف يسقط خلال أشهر قليلة، على أقصى تقدير، وإن الأهم بالنسبة لإسرائيل هو كيفية سقوط النظام وليس موعده، متوقعا حدوث حرب أهلية كبيرة في سوريا.
كيفية السقوط
ونقل موقع "جي دي إن" الإسرائيلي اليميني عن هليفي قوله إن سوريا ليست فقط دولة معادية لإسرائيل، بل دولة لها قدرات عسكرية كبيرة تشكل تهديدا بالنسبة لتل أبيب، لكن سقوط النظام فيها يشكل خطرا كبيرا أيضا علينا، لذلك على إسرائيل الاهتمام بكيفية سقوط النظام والخيارات المطروحة بعد هذا السقوط..
وفي دراسة صادرة عن مركز القدس للدراسات السياسية والاجتماعية، أشير إلى أن واشنطن ترى لدى الجانب الإسرائيلي عدم الرغبة في سقوط نظام الأسد، ولهذا السبب لا تمارس الإدارة الأمريكية أي ضغوط على النظام السوري مثل تلك التي مارسها على النظام الليبي.
وذكرت الدراسة، التي أعدها الباحث دوري جولد، أن كثيرين من القيادات الأمنية في إسرائيل، خاصة الذين خرجوا من الخدمة قبل عام 2011، يرون أن سقوط بشار الأسد ليس من مصلحة إسرائيل، إنطلاقا من مبدأ أن العمل مع "الشيطان" الذي نعرفه أفضل بكثير من العمل مع شيطان مستقبلي غير معروف.
مصالح إسرائيلية
وبحسب نظرية الأمن القومي الإسرائيلية، فإن تفتيت التحالف بين إيران وحزب الله وسوريا، يعتبر من أولويات العمل الإسرائيلي، لكن يجب أن يحدث ذلك دون أن يسفر عن مخاطر أكبر من تلك التي يمثلها التحالف نفسه، ففي 10 يونيو 2011، كتبت صحيفة هاآرتس في افتتاحيتها، إن سقوط نظام الأسد يمكن أن يمثل تحديا أمنيا كبيرا بالنسبة لتل أبيب، مشيرة إلى أن بقاء بشار الأسد في السلطة يعتبر عنصر ضمان لمدى أنشطة حزب الله في لبنان والتحكم فيها، بالإضافة إلى عدم تغلغله داخل الأراضي السورية خاصة منطقة الجولان السورية.
كما أن بقاء بشار في السلطة، بحسب الصحيفة الإسرائيلية، يعتبر عنصرا مهما في تحجيم التواجد الإيراني في سوريا، خاصة في ظل استقرار النظام، ناهيك بإمكانية مساعد الأسد الولايات المتحدة الأمريكية في القضاء على التنظيمات الإرهابية التي تعمل في العراق.
الأسلحة السورية
وتشير دراسة صادرة من معهد دراسات الأمن القومي الإسرائيلي، إلى أن الجيش السوري بالفعل امتلك العديد من الأسلحة وكميات كبيرة من الصواريخ التي تشكل تهديدا إستراتيجيا على إسرائيل، خاصة تلك الصواريخ التي يمكن تزويدها برؤوس حرب كيماوية وبيولوجية، وأن نظرية الأمن الإسرائيلية ترى في الأسد عدوا واضحا بالنسبة لإسرائيل، خاصة في ظل تحالفه مع إيران، وعلى الرغم من ذلك، فبقاءه في السلطة مفيد بالنسبة لتل أبيب.
وعادت الدراسة إلى الفكرة القائلة بأن "الشيطان الذي نعرفه أفضل من الذي لا نعرفه"، وقالت إن بشار الأسد يريد الحفاظ على كيان دولته، ويعرف جيدا قدرات الردع الإسرائيلية، خاصة الأسلحة النووية، والقدرات الصاروخية، والميزان العسكري الذي يميل بشكل واضح لصالح الكفة الإسرائيلية، لذلك فهو لن يقدم على القيام بأي مغامرة غير محسوبة النتائج بالدخول في مواجهة عسكرية مع إسرائيل، والدليل على ذلك حالة الاستقرار في منطقة الجولان منذ اتفاق وقف إطلاق النار، بعد احتلالها.
الكابوس الأسوأ
ولفتت الدراسة إلى أن الكابوس الأسوأ بالنسبة لتل أبيب، والذي يجعل من مصلحتها بقاء الأسد في السلطة، خاصة في بداية الثورة السورية، هو وصول تنظيمات متطرفة إلى سدة الحكم في سوريا، والسيطرة على مخازن الأسلحة التابعة للجيش السوري، خاصة الكيماوية والبيولوجية منها، واستخدامها في الهجوم على إسرائيل، وهو ما سيمثل كارثة إسرائيلية بكل المقاييس، خاصة وأن تلك الجماعات المتطرفة ربما لا تفهم نظرية الردع الإسرائيلية بالشكل الذي يفهمه الأسد.
كما يتضمن الكابوس الإسرائيلي فيما يتعلق بسقوط الأسد، أن تصبح الساحة السورية مفتوحة على مصراعيها لمزيد من التواجد الإيراني فيها، فبعد حزب الله في لبنان، وحماس في غزة، سيكون لها ذراع قوي في سوريا على الحدود مع إسرائيل، وهو ما سيمثل تهديدا قويا على إسرائيل، بحسب موقع "ميمري" للدراسات والرصد الإعلامي الإسرائيلي.