التوقيت الجمعة، 22 نوفمبر 2024
التوقيت 11:22 ص , بتوقيت القاهرة

سوريا.. 4 أعوام على "ثورة الحرية والورود"

تدخل الثورة السورية عامها الخامس، بدء من 2015، وهي التي بدأت أحداثها على شاكلة ثورات الربيع العربي بالورود والشموع، في وقت يرتفع فيه عدد القتلى والجرحى والمعتقلين، فيما تتجاوز الإحصاءات الرسمية للنازحين داخل وخارج سوريا 10 ملايين مواطن.



أطلق السوريون شرارة ثورتهم في شهر مارس 2011، بعد مواقف تشير إلى وجود حالة احتقان شعبي على الأوضاع السياسية في البلاد، من أبرزها إحراق الشاب حسن علي العقلة نفسه في مدينة الحسكة، احتجاجا على الأوضاع المادية، إضافة إلى محاولة أولى للتجمع أمام السفارة التونسية لم تتكلل بالنجاح، وتجمع أمام السفارة المصرية في دمشق يومي 29 و30 يناير الثاني 2011، حينها قمعت قوات الأمن السورية المتظاهرين.



الشعب السوري ما بينذل


تزامنا مع الوقفات التضامنية، اعتبرت الدعوة لتنظيم "يوم غضب" في سوريا يوم فبراير 2011، أول دعوة علنية في موقع "فيسبوك" للاحتجاج على ما يسميه النشطاء "تسلطا وفسادا"، ليكون أول أيام غضب الشعب السوري والعصيان المدني في المدن كافة، وبلغ عدد المشاركين في هذه الدعوة نحو ألفي شخص، إلا أن المخاوف من الرد الأمني حالت دون تلبية الدعوات، فلم تخرج مظاهرات وفشلت المحاولة.



حالة الاحتقان برزت بعد اعتداء شرطي مرور على مواطن في حي الحريقة التجاري، وسط مدينة دمشق، في 17 فبراير 2011، وتجمع مئات السوريين هاتفين "الشعب السوري ما بينذل".


بعد أيام قليلة من واقعة الحريقة بأيام، جاء اعتصام السفارة الليبية يوم 22 فبراير، وانطلق لأول مرة في سماء دمشق شعار "خاين يلي بيقتل شعبو"، حينها تم اعتقال 12 شخصا، وفي يوم 15 مارس، انطلق مجموعة من الشباب بمظاهرات وسط المدينة القديمة من دمشق، وأطلقت هتافات "الله سوريا حرية وبس".


 



من "درعا" بدأت الانتفاضة 


في 16 مارس, اعتصم العشرات من أهالي المعتقلين السياسيين أمام وزارة الداخلية في دمشق مطالبين بإطلاق سراح وذيهم، إلا أن الأمن فرق الاعتصام واعتقل عشرات المشاركين فيه، ومن بينهم المفكر السوري المعروف، د. طيب تيزيني، والناشطة الحقوقية، سهير الأتاسي، ومدير المركز السوري للإعلام وحرية التعبير، مازن درويش، والكاتبة والناشطة ناهد بدوية، وأُطلق "تيزيني" و"مازن درويش" بعد توقيفهما بضع ساعات، بينما ظل آخرون رهن الاعتقال.



إلا أن الحدث الأكبر والأبرز كان يوم 18 مارس، حيث سقط قتلى في مدينة درعا برصاص قوات الأمن إثر مظاهرات عمت أرجاء المدينة، بعد اعتقال جهاز المخابرات السورية 15 طفلا كتبوا عبارات "الشعب يريد إسقاط النظام" على جدران مدرستهم، وتعرضوا للتعذيب وخلع الأظافر، وباءت محاولات أهالي الأطفال باستعادتهم بالفشل بعد توسلات لابن خالة الرئيس السوري بشار الأسد، عاطف نجيب، للعفو عنهم، كما فرق الأمن مظاهرات اندلعت في المسجد الأموي بدمشق، وفي حمص، وفي بانياس. 



الموجة مستمرة


استمرت المظاهرات في محافظة درعا دون توقف، وامتدت إلى بلدات جاسم، ونوى، والشيخ مسكين، المجاورات لمدينة درعا، وانطلقت كذلك خلال اليوم مسيرات حاشدة أمام المسجد العمريّ لتشييع جنازات القتلى، لتبدأ الحكومة السورية إرسال أرتال من المدرعات والدبابات لتحاصر مدن المحافظة، وتقطع معظم الاتصالات عن المدينة.



في 24 مارس دعا ناشطون إلى تنظيم "جمعة الكرامة" لتشمل كل أنحاء البلاد، وجاءت هذه الدعوة بينما تجاوزت حصيلة الضحايا في درعا 15 قتيلا، وحاول الرئيس بشار الأسد في هذا اليوم احتواء الأزمة بإقالة محافظ درعا، فيصل كلثوم، بينما توالت الإدانات لقمع المتظاهرين.


وأطلقت على الإنترنت دعوة إلى "انتفاضة شعبية" في جميع المدن السورية لإغاثة درعا، وانتشرت وحدات من الجيش في اللاذقية التي امتدت إليها الاحتجاجات وسقط قتلى فيها، بينما أحرق محتجون غاضبون مقرين لحزب البعث الحاكم في المدينة.



أعلنت مستشارة الأسد، بثينة شعبان، في 27 مارس 2011، أن السلطات اتخذت قرارا برفع قانون الطوارئ الساري منذ 1963، وفي الأول من  أبريل اندلعت مظاهرات في "جمعة الشهداء" للمطالبة بالحرية والإصلاح، تشمل دمشق ودوما القريبة منها، واللاذقية، وبانياس، ودرعا، والصنمين، وعامودا، ورأس العين، حينها قُتل عشرات المتظاهرين برصاص الأمن، بينما اعتقل آخرون.



الأسد و"خطاب المؤامرة"


في 30 مارس، تحدث بشار الأسد في أول خطاب له عن وجود مؤامرة خارجية سعت إلى استغلال الثورات العربية، وعقب الخطاب، تظاهر المئات في اللاذقية مطالبين بالحرية.


في 31 مارس شكل الرئيس السوري 3 لجان لدراسة أوضاع الأكراد في البلاد، وبحث قانون الطوارئ، وبدء التحقيق في مقتل محتجين في درعا واللاذقية.



داهمت قوات الأمن بلدة البيضا قرب بانياس، في 12 أبريل، وشنت حملة اعتقالات عقب احتجاجات، بعدها بيوم اندلعت مظاهرات في مدن وبلدات سورية تضامنا مع "بانياس" التي طوقتها قوى الأمن واقتحمت عددا من قراها بحجة ملاحقة عصابات مسلحة، واعتصمت نساء البيضا إضافة لقرى أخرى في محيط بانياس للمطالبةبة لإطلاق المعتقلين.


وفي خطوة غير مسبوقة، أعلن المجند في الحرس الجمهوري في قيادة قاسيون، وليد القشعمي، انشقاقه في 23 إبريل بتسجيل مصور بثه ناشطون سوريون على الإنترنت، وقال في التسجيل إنه رفض هو وبعض زملائه إطلاق النار على متظاهرين في بلدة حرستا بريف دمشق، وألقوا أسلحتهم وهربوا وحماهم المتظاهرون.


الضباط الأحرار


في 9 يونيو 2011، أعلن المقدم حسين هرموش انشقاقه عن الجيش السوري بعد حملة على مدينة جسر الشغور، وقال في تسجيل مصور إنه انشق بسبب "قتل المدنيين العزل من قبل أجهزة النظام"، وأعلن بعد ذلك تأسيس "حركة لواء الضباط الأحرار"، ووجه نداء إلى ضباط الجيش والجنود للانشقاق والالتحاق بحركته.


وفي نهاية أغسطس 2011 اختفى "الهرموش" في ظروف غامضة، وفي وقت لاحق تم الإعلان أن قوات الأمن السورية تمكنت من القبض عليه وتهريبه إلى الأراضي السورية مع 13 منشقا آخرين. 


وفي يوليو 2011، أعلن العقيد رياض موسى الأسعد انشقاقه برفقة مجموعة من ضباط الجيش السوري، وأسسوا "الجيش السوري الحر"، وحددوا له هدفا هو إسقاط نظام الرئيس بشار الأسد وحماية الثورة.



نظام الرئيس بشار الأسد، نجح في تحريف الثورة عن مسارها، واتجه بها إلى إلى العسكرة، وتأرجحت المواجهة بين جنود انشقوا عن الجيش النظامي وآلة القمع الرسمية، لتصل بعد 4 أعوام إلى ما نراه من تنازع للسيطرة على أركان الخريطة السورية بين جيش النظام وجبهة النصرة وتنظيم "داعش" والأكراد المدعومين عسكريا ولوجستيا من الغرب وما تبقى من الجيش السوري الحر.


خلية الأزمة 


في 18 تموز يوليو 2012، تم تفجير مبنى الأمن القومي السوري، ونتج عنه مقتل وزير الدفاع آنذاك، داود راجحة، وصهر الأسد، رئيس الأركان، آصف شوكت، ورئيس مكتب الأمن القومي، هشام بختيار، ورئيس خلية إدارة الأزمة، حسن تركماني، وإصابة وزير الداخلية، محمد الشعار.


كما أفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان، في شهر أغسطس 2012، بأن رئيس الوزراء السوري، رياض حجاب، انشق عن نظام بشار الأسد، وأعلنت وكالة الأنباء الرسمية "سانا" إقالته، وتعيين عمر غلاونجي لتسيير أعمال الحكومة مؤقتا، وصرح مصدر أردني رسمي بأن حجاب فر إلى عمان مع أسرته.



مؤتمر جنيف


في الثلاثين من شهر يونيو 2012، اعلن المبعوث الأممي إلى سوريا، كوفي عنان، في ختام مؤتمر جنيف حول سوريا، أن الاجتماع أقر بيانا مفصلا عن الأزمة، وأكد ضرورة الضغط على جميع الأطراف لتطبيق خطة البنود الستة المعروفة بخطة عنان، بما في ذلك وقف عسكرة الأزمة، وشدد على الحل بطريقة سياسية وعبر الحوار والمفاوضات فقط، الأمر الذي يتطلب تشكيل حكومة انتقالية، من السوريين أنفسهم، ومن الممكن أن يشارك فيها أعضاء الحكومة السورية الحالية.


وفي 21 أغسطس 2013، شنت القوات الحكومية ضربات كيماوية بغاز السارين السام على الغوطة الشرقية بدمشق، وأوقعت أكثر من 1600 قتيل من المدنيين، بحسب تقارير حقوقية وإخبارية.



بعد اتهام النظام بالتورط في عملية السلاح الكيماوي، دعا الرئيس الأمريكي، باراك أوباما في خطابه أمام الدورة الـ 68 للجمعية العامة للأمم المتحدة إلى تبني "قرار قوي" في مجلس الأمن الدولي يضمن التزام السلطات السورية بتعهداتها بوضع سلاحها الكيميائي تحت الرقابة الدولية وإتلافه لاحقا.


جنيف 2


في 22 من شهر يناير 2014، عقد مؤتمر جنيف 2 في مدينة مونتيرو في سويسرا، واختتم المؤتمر الدولي بشأن الأزمة السورية أعماله بالدعوة إلى حل سياسي في سوريا.



وافتتح الأمين العام للأمم المتحدة، بان كي مون، أعمال مؤتمر جنيف 2 للسلام في سوريا، بحضور ممثلين عن الحكومة السورية والمعارضة، ووفود من 40 دولة، دون مشاركة إيران.


خلال هذه المرحلة، وفي ظل عدم وجود أي حل سياسي للأزمة، اجتذبت سوريا جهاديين من لبنان والعراق، بالتزامن مع تدخل إيران وحزب الله بالمال والخبرات والمتطوعين، لصالح نظام الرئيس بشار الأسد.


د


حزب الله وجبهة النصرة


تطورت الأحداث دافعة الثوار إلى التحالف في مواجهة النظام حينا، والاقتتال فيما بينهم أحيانا، وأدى ذلك إلى اختفاء تنظيمات ونشوء أخرى، لتستقر صورة القوى المتحاربة في العام الرابع للثورة على مجموعة، تضم قوى القوات النظامية وغير النظامية الموالية للرئيس الأسد، وتتمتع بمساندة حزب الله اللبناني والحرس الثوري الإيراني. الذي يشرف على إدارة وتمويل وتوجيه مجموعات من المتطوعين الأفغان والباكستانيين، إلى جانب المليشيات العراقية.



ظهرت جبهة النصرة في آواخر عام 2011، بعد تبنيها تفجيرات الأفرع الأمنية في دمشق، وبرزت الجبهة ضمن المجموعات التي تقاتل النظام بعد تنحي الجيش السوري الحر وتشرذمه، وهي تسيطر عمليا، بعد تصفيتها "حركة حزم"، على مناطق واسعة في 11 محافظة، وتقف إلى جانب النصرة مجموعات جهادية أخرى فاعلة في محافظات بعينها، كجيش الإسلام الناشط في غوطة دمشق، وحركة "أحرار الشام" التي تتركز قوتها في محافظات إدلب وحلب، وجيش المجاهدين الذي ينشط في ريف حلب.


مسار الثورة


بات تنظيم "داعش" مسيطرا على مناطق واسعة في سوريا، وأحدث ظهوره في يناير 2013، تغييرا كبيرا في مسار الثورة السورية، وفي شهر سبتمبر، وقتل مؤسس "حركة أحرار الشام"، حسان عبود، حيث يعد التنظيم التيار العسكري البارز في سوريا، وقتل أكثر من 45 قياديا آخرين، إثر انفجار استهدف اجتماعا لمجلس شورى الحركة في بلدة رام حمدان في ريف إدلب.


 



تطورات الأحداث سوريا ماتزال مفتوحة أمام كل الاحتمالات، بعد مقتل أكثر من 215 ألف شخص، ووجود عشرات آلاف المعتقلين داخل السجون، إضافة إلى انسداد أي أفق للحل السياسي حتى الآن.