التوقيت الأربعاء، 06 نوفمبر 2024
التوقيت 01:55 ص , بتوقيت القاهرة

مصر تحديات إرادة

العنوان الغائب قبل انطلاق أعمال مؤتمر شرم الشيخ الاقتصادي هو "مصر بيت كل العالم"؛ لذلك سيلبي العالم الدعوة لأن مصر تملك أن تُقدمَ الكثير للعالم، وما قناة السويس الثانية إلا هدية مصر للعالم وعنوان إرادة وطنية وموعد مع المستقبل. والعالم  سوف يُلبي الدعوة بالحضور لأن المصري أثبت للعالم أجمع أنه غني وقادر على إجتراح عناوين للأمل والإلهام الإنساني، مثلما كان منه عندما موّل مشروع قناة السويس الثانية في عملية اكتتاب مصرية بلغ حجمها 60 بليون جنيه مصري، وجاء ذلك في وقتٍ سقطت فيه حكومات أوروبية نتيجة العجز عن الوفاء بالتزاماتها تجاه ديونها الداخلية والخارجية.

العالم اليوم سوف يقف مع المصريّ لأنه بات شريكًا في صناعة مستقبله وسيد قراره الوطني، وأن التحدي الحقيقي يتمثل في ثباته أمام كل التحديات ليس أكبرها الأمني، لأن أكبر التحديات قد تم تخطيها  بتجاسره على الألم وتمسكه بحلم الوطن عندما لم يسمح بإغراق مصر في بهيم الفراغ. اليوم المصري الذي أسهم عبر حقب التاريخ في إثراء الإرث الإنساني في كافة العلوم والمدارك يملك أن يقدم أكثر، وله في وجدان الأشقاء والأصدقاء مكانة لن يضاهيه فيها أحد.

مصر تتوسط العالم لذلك كانت دائمًا مطمعًا ومغنمًا عبر كل حقب التاريخ البشري، لكنّها اليوم منيعة بإرادة أهلها، ومن أراد دخولها آمنًا فهي دار سلام ولن تركع لإرهاب أو سواه، وعندما توجه فخامة الرئيس السيسي في رسالة مفتوحة للإدارة الأمريكية عبر لقاء له مع قناة "فوكس" الإخبارية  مساء الاثنين "بوجوب أن تأخذ الإدارة الأمريكية موقفا أكثر إيجابية من مصر في حربها مع الإرهاب عبر مدها بالسلاح المطلوب كونها الحليف العربي والإفريقي الأكبر، وأن التردد في ذلك من قبلها لم يعد مقبولا بعد الآن"، فالرسالة تسبق لقاءً متفقا عليه بين الرئيس السيسي ووزير الخارجية الأمريكي كيري على هامش قمة شرم الشيخ الاقتصادية، مما سوف يضيف لجدول اللقاء بندًا آخر تحتاج فيه مصر لجواب صريح وموقف غير قابل للتأويل.

العالم يدرك الآن أن مصر استطاعت تجاوز أصعب مراحل الانتقال السياسي بعزيمة وإصرار واضحين، وأن الاستحقاق البرلماني المقبل والقريب سوف يسهم ويعمق من قدرتها على التحصل على كل ما تحتاجه هي لإنجاز كامل عملية الانتقال السياسي الحرجة. وعملية الانتقال السياسي رغم كل تحدياتها إلا أنها جزء من عملية صقل الإرادة المصرية وتخليق عناوين إدارة أخرى.

فمصر يُعول عليها مصريًا وعربيًا وإفريقيًا، وهي في نفس الوقت تملك لتُقدم الكثير من الفرص في الكثير من قطاعات الاقتصاد المحلية والإقليمية بالإضافة للعربية، وتملك من الثروات البشرية والطبيعية الكثير، وما الإعلان الأخير لشركة "برتش بتروليوم" باستثمار 12 مليار دولار في أحد أكبر حقول الغاز المغمورة في البحر الأبيض المتوسط، والبالغ مخزونها 5 تريليونات متر مكعب إلا أحد مكامن الطاقة الأحفورية، ومصر تملك لتُقدم أكثر من مصدر للطاقة الأحفورية والمتجددة.

الكثير من التفاهمات قد أُنجز قبيل مؤتمر شرم الشيخ من شركاء عرب عبر صناديق سيادية وقطاع خاص، بالإضافة لشركاء دوليين هم أوروبا والصين واليابان، والتطمينات التي قدمها وفد الكونجرس من الجمهوريين في زيارته الأخيرة للقاهرة، تُمثل رغبة أمريكية حقيقية الآن أو بعد استرداد الجمهوريين للبيت الأبيض 2016، فالجمهوريون الآن هم الأوفر حظا بعد فقد الأمريكان الأمل في قدرة الرئيس أوباما في تمثيل مصالحهم القومية بما يناسب القطبية الأحادية الأمريكية، ولأن مصر حليف استراتيجي لا يمكن التردد في الوقوف إلى جانبها.