بــاب النجار مطرمخ!
لربما كان التشبيه الملائم الآن لوضع جماعة الإخوان الإرهابية وحلفائها، هو تشبيههم بذيل البُرص الهارب أو الصريع، الذي يترك ذيله منسلخا حيا، لإلهاء غريمه بحركاته المتشنجة، لا يفتقد الإخوان لذيولهم الباقية أبدا، مهما بدا الجسد ميتا.. وإذا كان الكذب هو لُب عقيدة البنّاوية، فالاستخفاف هو قشرتهم الخارجية ووجههم المكشوف ومنبع السخف اللانهائي المتكثف بلزوجة شخوصهم.
نشر موقع جريدة "المصري اليوم"، الاثنين الماضي، مقالا للدكتور مصطفى النجار بعنوان "حرب التفجيرات - من أعطى إشارة البدء"، لو كنا نعيش ظروفا طبيعية لاعتبرناه هزليا ساخرا، ولكن فى هذه الظروف وجب اعتباره تسترا على إرهابيين وتجميلا لصورتهم.
تحليل من تحليلات التضليل الإخوانية، ضل طريقه من الجزيرة القطرية إلى المصري اليوم، بقلم د. مصطفى النجار، عضو الائتلافات الثورية المتولدة ذاتيا من رحم بعضها البعض، من دون ولاية أو تفويض شعبى!
استيقظ النجار فجأة، فاكتشف أن بمصر تفجيرات عنيفة هذا الأسبوع، لا تتشابه مع ما تعانيه مصر منذ إزاحة تنظيم الإخوان الإرهابي، فماذا استنتج النجار؟!
استنتج أننا في حالة سُعار إرهابي، لم يعد يميز بين المصريين على اختلاف انتماءاتهم، وهنا ينقلنا النجار الفصيح إلى اكتشاف جديد، أن الإرهاب يقتنص الإخوان والإسلاميين ضمن ما يُوقع من ضحايا!
لماذا أيها النجار؟!
لأن الإرهاب اختار هذه المرة أماكن مزدحمة، كشارع شكري القوتلي بالمحلة وكارفور الإسكندرية!
أفحمتنا أيها النجار، وكأن مسيرات العنف الإخوانية قبل ذلك بأحياء مصر، والتي أسفرت عن قتلى وجرحى بالمئات، وكذلك تفجيرات فصائلهم بالقاهرة وسيناء والمحافظات، لم تستهدف مدنيين ومنشآت مدنية ومرافق عامة وأملاك خاصة وأتوبيسات بركابها، ولم يُذبح سائق تاكسي المنصورة نحرا.
النجار يروج من وراء ستار لكون الإرهاب هو ما يستهدف مدنيين فقط، وبالتالي فنحن بصدد نقلة مختلفة، وهو ما يبريء ضمنا جماعة الإخوان من الإرهاب باعتبارها لم تستهدف مدنيين قبلا، وأن صراعهم مع الجيش والشرطة، لا شأن للشعب به..
وهو ما ينبني على تعريفات لا تخلو من أهداف سياسية، حاول إسقاطها على الحالة المصرية من قبل بعض النشطاء من ذيول الجماعة، مضمونها أنه إذا ما استهدف العنف عسكريين، صار صراعا مسلحا، أو تمردا عسكريا كما حاولوا أن يروجوا لإرهاب جماعات سيناء، أما الإرهاب فهو ما يستهدف مدنيين فقط، وبالتالي الصراع السياسي لا شأن للشعب به، وتتحول المعركة من صرع وجود وسيادة دولة وبقاء حضارة، إلى صراع سياسي بطبيعة مغايرة!
ويستنتج النجار: بما أن الإرهاب استهدف الشعب هذه المرة، فهو ليس من صنيعة إخوانه فى الجماعة، حيث إن الجماعة لا تهاجم الشعب وإنما العسكريين والشرطيين فقط!
الولايات المتحدة أعلنت فى يناير الماضي على لسان أحد رجال البيت الأبيض: أن حركة طالبان ليست جماعة إرهابية وإنما تمرد مسلح.. لا شيء هنا صدفة، لكن النجار لا يجيد تثبيت المسامير!
لم يذكر النجار أن تفجير شارع القوتلى، استهدف بنك الإمارات دبي، كمؤسسة بنكية أجنبية، ولا أن كارفور يمثل مشروعا استثماريا، يراد تهديد أصحابه، للخروج من مصر، وفق ما ردد رفاق الجماعة صراحة عن استهداف المنشآت البنكية والاستثمارية الأجنبية صراحة، وحثوا على حرقها وتفجيرها، بشاشات الفضائيات بمهجرهم بالدوحة وتركيا.
ولم يذكر رد فعل جماعته المتوضئة على إعدام "محمود رمضان"، وانتقامهم له فى اليوم التالي بعدد كبير من القنابل بالإسكندرية، فات النجار بعض الأشياء الصغيرة، كما فاتته مظاهرات تأييد الشهيد المزعوم، وصلوات الغائب على روحه البريئة!
النجار يصطنع الدهشة محاولا استغلال طبيعة ملامحه التى لا تلائم سياسيا وتليق بإخواني مخلص، فى تمرير خبيث الأفكار..
كما أن حديث النجار عن وجود محور مصري سعودي تركي لمواجهة داعش الإرهابية، التي قرر الأخوة تحميلها دور شرير الفيلم، كي يفوزوا هم بدور الوسطى الطيب، الذي اتهمه الآخرون زورا وبهتانا، متجاهلا الوشائج التاريخية والعقائدية والسياسية بين الإخوان والتطرف، هو أمر مثير للغثيان..
أما نكتة المقال، فهي كون تركيا تقف أمام داعش بصفتها دولة سنية.
يحدثنا النجار الفصيح عن الإرهاب المؤلم القاسي، الذي لا صاحب له، النجار برأ الإخوان وشيعتهم، ولم يحدد لنا مُذنبا جديدا، خَلَق الإرهاب بكـن فيكون، إرهاب من الفراغ، ما هو الإرهاب أيها النجار؟!
يقول النجار: إن التفجيرات أكبر من قدرة تنظيم الإخوان بكثير، ثم أن الإخوان قد تلقوا ضربات موجعة، لا تمكنهم من نقل المعركة إلى مربع دام كهذا!
يا له من تنظيم بريء مقطوع من شجرة, لا يأتيه عون ولا دعم! لكن النجار المعروف عنه إيمانه بالعدل، قد برأ السلطات المصرية من تدبير الانفجارات، فهي لا يمكنها أن تجلب لنفسها السخط..
فيا للإخواني حينما يحاول ادعاء الحياد!
فى منطق الإخوان الذي ساد في سنوات عجاف، يمكن لابن الشيخ الإرهابي القطري، أن يتحفنا، ويتحدث عن الجماعة الوطنية المصرية، وكيفية تحقيق المثال المنشود لوطن، ينتمي هو لأعدائه.
ويمكن لعضو جماعة قديم كالنجار، كتب يوما مقالا بعنوان "جماعتنا أولى بنا" فى موقع الجماعة الرسمي، أن يكتب لنا اليوم من منطق حيادي، ويطلب منا تصديقه، فالذئاب أضحت ترعى الأغنام منذ أعوام قريبة!
في نهاية مقال الترويج الإخوانى، لم يستطع النجار أن يتمالك نفسه أكثر مما قدّم، فلمح لأسباب الإرهاب فى سياسة "العقاب الجماعي" و"غياب العدالة" والعدو الخارجي الصهيوني أو الإقليمي، وبالطبع لن يكون الإقليمي هنا تركيا التي وصفها بأحد أقطاب المحور السني لمحاربة داعش، ولن تكون قطر حليفتها بالطبع.
وعليه فلن يتبقى سوى إيران الصفوية الشيعية، التي تناصب السنة العداء، وعليه فالإرهاب من منطق النجار أسبابه هي ظلم واقع على الإسلاميين، وغياب العدالة من قبل الدولة، فالدولة هي السبب، وكذا شيطان خارجي كإسرائيل وإيران.. أما حماس فلم يذكرها كلاعب إقليمى لا شرير ولا خيّر، فى يوليو الماضي، كتب النجار بموقع "تويتر": حماس والمقاومة الفلسطينية سلاحهم ضد المحتل.. داعش مشروع طائفي وصنيعة استخبارتية لضرب الثورة السورية وتقسيم العراق، لا مجال للمقارنة".
النجار يحاول الخروج من صورة الإخواني الذى يكتم غيظه، فى مقاله البديع " شماعة حماس اتهرست يا مثقفين" وهو المقال الطافح بإخوانيته، إلى مقاله محل الحديث، حيث الإخوانى الذي كفكف دموعه، وبدأ فى ترتيب أوراقه واسترار معاركه.
ويحذر النجار من حرب جديدة مخيفة دموية، لا يذكر ماهيتها، ثم عمم الخير والشر دون نسب، فطلب توحد المصريين على الحق والعدل والإنصاف، وكلها إشارات لإبعاد الجرم عن الإخوان، والتوحد معهم، ولعَن القاتل دون تحديده، أخرج النجار رفاقه الإخوان براءة فى نهاية المقال، وأدان الفراغ!
وهذا يقودنا لسؤال، إذا كانت الصحافة، تقف مع وطنها في معركة مصير كما يتردد، فبما يمكننا أن نصف مقالا كهذا؟!