سر تحول الطفل الخجول بن لادن إلى زعيم للقاعدة
"خجول، متحفظ، لطيفا أكثر من أي شخص آخر في فصله" هكذا يصف البريطاني برايان فايفيلد شيللر زعيم تنظيم القاعدة أسامة بن لادن، الذي علمه اللغة الإنجليزية في إحدى مدارس جدة.
ويقول شيللر في تصريحات سابقة لصحيفة "صن" البريطانية: "رغم دعوة عدد من زملاءه لدخولى إلى الإسلام، غير أن أسامة لم يكن بين هؤلاء الذين حاولوا دعوتي إلى الإسلام، ولم يكن يبدو عليه التشدد أو الحماس الديني".
لكن ما نقطة التحول، التي جعلت الشاب الخجول الهادئ يصبح زعيم أخطر وأكبر تنظيم إرهابي؟ تحولات كثيرة وتغيرات في حياة "بن لادن"، تكشفت عدد منها من خلال تفاصيل حياته التي عرضها الصحفي الأمريكي المتخصص في الكتابة عن "القاعدة" لورانس رايت، في كتابه "البروج المشيدة.. القاعدة والطريق إلى 11 سبتمبر".
35 عاما خصصها "رايت" في البحث وراء شخصية أسامة بن لادن، أجرى خلالها مقابلات مع أكثر من 500 شخص من أصدقاء وأقارب بن لادن ومسؤولين حتى حصل على جائزة "بوليتزر" عن كتابه، وكشف فيها عن جوانب مختلفة من حياة زعيم القاعدة.
المدرس السوري
تعلم أسامة بن لادن في مدرسة الثغر بجدة، وهي مدرسة ذات معايير عالية لقبول الطلبة بها، كان "تلميذي عادي وليس متفوق" وفقا لأحد مدرسي العلوم في المدرسة، الذي وجد بن لادن طفلا خجولا يخشي الوقوع في الخطأ.
في سن الرابعة عشر كانت الصحوة الدينية والسياسية "لابن لادن" من خلال مدرس الألعاب الرياضية سورى الجنسية صاحب الكاريزما والذي كان عضوا في جماعة الإخوان، تأثر به أسامة بشكل كبير، ما جعله يتوقف عن مشاهدة أفلام رعاة البقر ليتحول شغفه لمتابعة أخبار فلسطين في نشرات الأخبار، ويرفض بعدها ارتداء الزي الغربي"القميص والبنطلون" خارج المدرسة.
خلال هذه الفترة تقول والدته "بدأ يرى أن المسلمين ليسوا قريبين بدرجة كافية من الله وشباب المسلمين مشغولين باللعب واللهو، ليبدأ خلال هذه الفترة صيام يومي الاثنين والخميس".
تحول آخر في حياته عندما قرر ترك المدرسة لتحقيق أحلامه، فقانون عائلة بن لادن "إذا استطعت ان تثبت نفسك كرجل، يمكنك ان ترث" لذا فقد حاول اثبات ذاته وأراد بشدة العمل في عقد لمشروع كبير ضمن مشاريع مجموعة بن لادن السعودية في جيزان قرب الحدود اليمنية، لكن بكاء وتوسل والدته جعلته يعود عن هذا التحول الذي أراده بشده ويعود لينهى دراسته.
الإخوان.. في مرحلة الثانوية
نقطة تحول أخرى، كانت لبنة أساسية في تغيير مسار حياته، وهى انضمامه لجماعة الإخوان وهو في المرحلة الثانوية.
وفي المرحلة الجامعية، ظهر سجال فكري بين فكر سيد قطب وفكر حسن الهضيبي مرشد الإخوان آنذاك، حيث واجه الهضيبي فكر قطب الذي اعتبره دعوى للفوضي عبر كتابه "دعاة لا قضاه" وقرأ أسامة كتاب الهضيبي واتفق مع فكرة تماما، لكن سرعان وبدون سابق انذار ما تحولت رؤيته من التسامح الذي كان يدعو اليه الهضيبي لفكر قطب.
عزام .. الأكثر تاثيرا
الشخصية الأكثر تأثيرا في تحول بن لادن هو عبد الله عزام.. الذي لم تفارق ملبسه الكوفية الفلسطينية، والذى كان شعاره "الجهاد والبندقية وحدها، ولا مفاوضات، لا مؤتمرات، لا حوارات".
خلال تواجده في جده حل عزام ضيفا على بن لادن، وهناك أثر على عدد من الشباب السعودي بعد أن أجاد تصوير معاناة اللاجئين وشجاعة الأفغان ليقول لهم بنبره حازمة "انها مهمتكم عليكم ترك كل شئ والذهاب إلى هناك".
كان بن لادن يشعر بالتبجيل لشخص عزام، وفي عام 1984 أقنعه عزام بعبور الحدود إلى جاجي، عندما عبر طلب المغفرة من الله لتأخره عن الذهاب اقتناعا لمن كان يقول له لا تذهب، "اشعر ان ما فعلته لا عفو فيه، فقد تأخرت أربع سنوات لن يمحو ذلك الا اذا اصبحت شهيدا" هكذا شعر عندما عبر الحدود لينضم إلى أقرانه.
كره الولايات المتحدة
بدأ كره بن لادن للولايات المتحدة الأمريكية عام 1982 عندما سمحت الولايات المتحدة الأمريكية لإسرائيل بغزو لبنان.
"كلما نظرت لتلك الأبراج التي هدمت في لبنان، دار في ذهني أننا يجب معاقبة الظالم، فيجب أن تدمر الأبراج في أمريكا من أجل ان يتمكنوا من تذوق بعض ما ذقنا" هكذا يصف شعوره آنذاك.
سنوات قليلة بعدها ليزيد كره بن لادن للولايات المتحدة الامريكية ويكره معها الأنظمة العربية، فعندما هددت العراق السعودية، عرض أسامة بن لادن على السلطات هناك جلب المجاهدين العرب الذين يستمعون له للمساهمة في الدفاع عن الأراضي السعودية ضد أي غزو عراقي محتمل، لكن عرضه لم يلق الاهتمام المتوقع.
لم تمر أيام إلا وبدأ هجوم عراقي حقيقي لكن على دولة الكويت، ليعيد عرض خدماته لكن الملك فهد لم يلتفت لعرضه واستنجد بالقوات الأمريكية والائتلاف الدولي فغضب بن لادن بسب دخول القوات الأمريكية وحلفائها إلى السعودية والكويت، ما اعتبره انتهاكاً لقدسية أرض جزيرة العرب.