فيديو| "ا?م ا?ميرة".. امرأة حديدية على عربة بطاطس
بملامحهما الأسوانية وبشرتهما السمراء، تحملا عبء السفر للقاهرة من أسوان، فجاءا بعدما تزوجا، بحثا عن مصدر رزق جيد يجعلهما يحييان حياة كريمة، فمثل أغلبية الناس، اللذين يأتون للعاصمة، اعتقادا أنها جنة الله في الأرض، وبها من رخاء المعيشة ما لا يوجد بأي محافظة أخرى، وبالفعل استقرا على سطح عمارة سكنية بحارة شعبية، متفرعة من شارع هدى شعراوي بمنطقة وسط البلد، منذ أكثر من 27 عاما.
بدأت حياة "أم أميرة" مع زوجها طبيعية، يبحثان عن الرزق، كأي أسرة مصرية متوسطة الحال أو أقل قليلا، ورزقهما الله بابنتين أميرة وبسمة، وكانت الحياة تصير بشكل طبيعي، حتى قررت شركة المياه المعدنية، التي يعمل بها زوجها عاملا، الاستغناء عن كل العمال، بعد تخصيصها، فلم يتحمل زوجها بؤس الحياة، ولم يستوعب فكرة أنه رب الأسرة، وأنه لن يقدر بعد اليوم على تحمل تكاليف أسرته الصغيرة، فمرض وأصابته جلطة جعلته جليس الفراش.
رفضت فكرة أن يعولها أحد، فبحثت عن مصدرٍ للرزق، بعدما قررت أن تكون هي رب الأسرة، ونظرا لعدم اتقانها شيئا غير الطهي، استأجرت عربة طعام بالحارة التي تسكن بها، وقامت بتجربة بعض الأكلات، حتى استقر مشروع العربة على "البطاطس المحمرة"، فكانت تعمل وتربي وتصرف على بناتها الاثنتين وتعالج زوجها من بيع وجبة البطاطس.
وتقول أم أميرة لـ"دوت مصر"، إن الصعوبات هي التي تعطي القوة والعزيمة، لأنها تعد اختبارا للصبر، متابعة بقولها: "مكنش فيه مورد أصرف منه، وكان لازم أجيب لعيالي اللقمة، مش هنشحت ونمد أيدينا".
عملت بكل جهدها لتجمع الأموال لعلاج ابنتها التي أُصيبت بمرض القلب، حتى ماتت متأثرة بمرضها، لكن أم أميرة لم تستسلم للحزن، متذكرة أن باقي أفراد أسرتها في رقبتها، فاستكملت عملها، لأجل علاج زوجها ولأجل ابنتها الأخرى.
عاشت المرأة الأسوانية حياة بائسة صعبة، لكن الابتسامة لا تفارقها وهي تبيع البطاطس المحمرة، فتبيع وتكسب بكل رضا، وتعطي أحيانا للأكثر احتياجا منها، رغم احتياجها لكل قرش، حيث تؤمن أم أميرة أن كل إنسان حياته صعبة، يوجد إنسان آخر حياته أكثر صعوبة.
ولأجل ابتسامتها التي تقابل بها زبائنها، ولأجل العمر الذي ضاع لأسرتها، ورضاها بكل قدر كُتب لها، أكرمها الله بمحل بدلا من عربة الشارع، التي تعرضها كثيرا للمخاطر، من البلطجية وغيرهم، ومن أحداث الثورة وما تلاها.
واستطاعت أم أميرة خلال 25 عاما، أن تحقق ما تعجز عنه كثيرا من النساء، فالجمع بين العمل والحياة الأسرية صعبة على البعض، فما أدراك أن يكون العمل في الشارع، بين كل الفئات الاجتماعية بداية من الباشا وحتى البلطجي أو الحرامي، فتبدأ يوميا عملها في العاشرة مساءً حتى عصر اليوم التالي، فأدت واجبها بقصة كفاح تُكرم عليها.