التوقيت الجمعة، 22 نوفمبر 2024
التوقيت 09:53 م , بتوقيت القاهرة

مصر والسعودية وتركيا

انتهى العصر الذي تستطيع فيه دولة واحدة أن تقود منطقة جغرافية مثل الشرق الأوسط. ومرحلة الستينات التي لعبت فيها مصر دورًا قياديًا في المنطقة من الصعب تكرارها في ضوء الظروف المحلية والإقليمية والدولية الراهنة.


ما يحدث الآن في معظم المناطق الجغرافية الهامة في العالم، هو أن هناك دولتين أو أكثر يتولون قيادة هـذه المناطق في ظل نظام إقليمي Regional Order تشارك دول المنطقة في وضعه.


منطقة الشرق الأوسط تحتاج تعاونا بين مصر والسعودية وتركيا لوضع أسس لنظام إقليمي بتلك المنطقة.


قد يتساءل البعض ولماذا تركيا? ولما لا نكتفي  بقيادة مصر والسعودية في المنطقة العربية؟


لا مانع في ذلك? ولكن المشكلة التي تواجه هذا التصور هي أنه لم يعد من السهل الفصل بين قضايا المنطقة العربية وقضايا منطقة الشرق الأوسط، التي تضم دولا غير عربية مثل تركيا. يضاف لذلك أن تركيا لها اهتمام وتأثير على عدد من القضايا العربية مثل الأوضاع في العراق وسوريا وليبيا? بالإضافة للقضية الفلسطينية.


زيارة الرئيس التركي أردوجان الأخيرة للمملكة العربية السعودية? وما تردد عن طلب العاهل السعودي الملك سلمان منه بالسعي لتحسين العلاقة مع مصر? ثم حديث أردوجان بعد الزيارة عن أن مصر والسعودية وتركيا هي أهم ثلاث دول بالمنطقة. كلها مؤشرات يُمكن أن تساعد على التعاون بين الدول الثلاث لوضع أسس نظام إقليمي جديد في منطقة الشرق الأوسط.


الدول الثلاث يمكن أن تتعاون بالتأكيد في مكافحة الإرهاب وهو هدف مشثرك لها? كما أن لها وجهات نظر متقاربة فيما يتعلق بالأوضاع في سوريا والعراق. والدول الثلاث تتمتع بعلاقة خاصة مع الولايات المتحدة.


إلا أن الأهم من كل ذلك هو أن الدول الثلاث يمكن أن تتعاون في طرح نموذج معتدل للإسلام السني في مواجهة النموذج المتطرف والعنيف الذي تطرحة الجماعات الجهادية والإرهابية? وكذلك في مواجهة النموذج الشيعي الذي تطرحه إيران.


المشكلة الرئيسية التي تواجه التعاون بين الدول الثلاث هو الموقف التركي من الدولة المصرية? والذي مازال أسير افتراضات خاطئة تبنتها تركيا في إطار ما عُرف بثورات الربيع العربي. حيث قامت تركيا بالمراهنة على تيار الإسلام السياسي، واعتقدت أن ذلك سوف يؤدي إلى تعاظم دورها الإقليمي ويترتب عليه تنصيبها زعيما للدول السنية في منطقة الشرق الأوسط.


الإطاحة بمشروع الإسلام السياسي في مصر وتراجعه في دول ما يعرف بالربيع العربي لم يؤد بتركيا لمراجعة حساباتها الخاطئة والتخلي عنها؛ لأن الأمر أصبح يرتبط بحسابات داخلية في تركيا تتعلق بالانتخابات البرلمانية المقبلة، والمقرر أن تجري في يونيو القادم.
إذا اجتاز حزب العدالة والتنمية هـذه الانتخابات واستمر في حكم تركيا? نتمنى أن تعود حكومته إلى تبني النهج الواقعي في علاقتها مع مصر مثلما كان عليه الوضع قبل يناير 2011، نهج يقوم على تعظيم المصالح المشتركة بين البلدين في إطار احترام السيادة وعدم التدخل في الشؤون الداخلية.


نتمنى أن تنجح الجهود السعودية في تصفية الأجواء بين مصر وتركيا? فمستقبل الشرق الأوسط مرتبط بالتعاون بين هذه الدول الثلاث.