التوقيت الثلاثاء، 05 نوفمبر 2024
التوقيت 09:48 ص , بتوقيت القاهرة

ضاحي خلفان احترمنا يا رجالة

وأيضًا يحترم نفسه وبلده. هو رئيس شرطة دبي، لكن فيما يبدو دوره أكبر من ذلك، ليس في دبي فقط ولكن في دولة الإمارات. فعندما سأله صديقي العزيز وائل الإبراشي في برنامجه "العاشرة مساءً" عن التسريبات "المفبركة"، التي يعتقد الإخوان أنها سوف تفعل وتفعل وتفعل وتؤثر سلبًا على .. وعلى .... الخ. 


فماذا كان رد الرجل؟


لم يقع في فخ النفي والسباحة مع تيار "الفبركة". والحقيقة أن هذا هو الفخ الذي نصبه لنا الإعلام والصحافة والجيش الجرار من الذين يدافعون "عمال على بطال" ، الجاهزون دائمًا بالسكاكين والسنج والمطاوي، والشتائم والتخوين ... الخ، عندما يفكر أحد مجرد تفكير في أن يقول أي حرف يُمكن أن تشم فيه رائحة معارضة.



خلفان كان محترمًا. أولاً لم ينكر أن هناك تسريبات، وأنها حقيقية، بل ولمّح إلى أنها مسيئة. لكنّه قال الأهم وهو إن علاقات الدول المحرك الأول لها هو المصالح، حتى لو كانت هناك بعض الأخطاء أو المنغصات. وما هي مصلحة النظام الحالي في الإمارات؟ 


مصلحته هي ما أسماه خلفان استقرار مصر، أي بقاء النظام الحاكم الحالي في بلدنا واستمراره، وبالطبع إزاحة الإخوان وعمل كل شيء حتى لا يعودوا هم أو حلفاؤهم إلى الحكم أو إلى المشهد السياسي. 


الأمر الثاني الذي قاله الرجل الذي احترم عقولنا، إن ما يقال في الجلسات الخاصة لا يُمكنهم أن يأخذوه على محمل الجد، يعني أنها مجرد "فضفضة" لا يُمكن التعويل عليها في صٌنع السياسات والاستراتيجيات والدفاع عن مصالح الدول والأنظمة الحاكمة. 


الأمر الثالث وهو الأخطر في الحقيقة وهو أن ما قاله خلفان بوضوح وهو أن مكتب السيسي مخترق، أي وزير الدفاع وقتها، ومدير المخابرات الحربية السابق، أي أعلى سلطة في البلد وقتها، مكتبه مخترق. وألمح ضاحي خلفان إلى أن هذا أمر في غاية الخطورة وهو محق. 


ماذا نستفيد من هذه الدروس؟ 


أولاً أن تجاهل أي حدث أو شيء، لا يعني أنه غير موجود كما يظن كثير من الذين يحكمون البلد الآن. كما أن عدم اتخاذ أي رد فعل لن يفيد. فمع انتشار وسائل الاتصال من المستحيل أن تتحكم في مدى وصوله لقطاعات واسعة. 


ثانيًا الاعتراف مضطراً بوجود تسريبات ولكنّها مفبركة لن يفيد. وخاصة إذا كان هذا مجرد كلام دون دليل، ودون سند يمكن أن يقنع الناس.   


ثالثًا كان يجب منذ اللحظة الأولى الرد علناً من خلال الرئيس وكل المنسوبة لهم التسريبات، على ما جاء فيها. لأنها في الحقيقة تحوي- كما تعرف- العديد من الأمور الخطيرة. أولها أن القضاء لدينا غير مستقل وأن النائب العام مع كامل الاحترام له، ليس مستقلاً، وأنه يتلقى تعليمات "ودية" من مكتب وزير الدفاع ومن وزير الدفاع.


رابعًا الإشارة الواضحة إلى التدخل في القضاء عبر قضية ابن الأستاذ محمد حسنين هيكل، وقضية شهداء عربة الترحيلات وغيرها وغيرها. 


خامسًا التسريبات تزعم أن وزير الدفاع وقتها عبد الفتاح السيسي متورط بالكامل في دعم حركة تمرد، وأن هناك أموالا قادمة من الإمارات لدعمها، وربما تكون هناك أموال أخرى. 


أرجو ألا يخرج أحد الشبيحة ويتهمني بأنني من الإخوان أو أعمل لصالحهم أو لصالح مؤامرة كونية. السبب أنه حتى لو فعل ذلك. فهذا لن ينفي أن هناك تسريبات منسوبة لأعلى قيادات في البلد، ولن ينفي أن هناك اتهامات تطول عصب مؤسسات الدولة، وتُشكك في مصداقيتها. 


الاستفادة الكبرى من القضية على بعضها، هو أنه أصبح من المستحيل إخفاء شيء، وأنه لابد من طريقة أخرى في التعامل مع المصريين. وهي الشفافية والوضوح واحترام عقول الناس.