التوقيت الإثنين، 25 نوفمبر 2024
التوقيت 12:12 م , بتوقيت القاهرة

"بدون الخليج".. إلى جزر القمر أم داعش؟

"محمد أموازي، المولود بالكويت، والذي يحمل الجنسية البريطانية، هو في الأساس من فئة عديمي الجنسية أو "البدون"، وتنحدر أسرته من أصل عراقي، واستبعدت من لوائح التجنيس في الكويت، بسبب شبهات حول تعاون مع نظام الرئيس العراقي الراحل، صدام حسين، الذي غزا الدولة الخليجية في 1990".. هكذا كشفت وسائل إعلام كويتية، مؤخرا، هوية "ذبّاح" تنظيم الدولة الإسلامية "داعش"، والمعروف باسم "الجهادي جون".



المعلومات الجديدة حول الإرهابي، صاحب اللكنة البريطانية، والذي نفذ عمليات قطع رؤوس رهائن من الولايات المتحدة وبريطانيا واليابان، أكدت تحذيرات الكثيرين من تفجر أزمة "البدون"، بدول الخليج، التي ما كان منها إلا أن اقترحت تصديرهم إلى جزر القمر.


البدون.. من هم؟


تطلق هذه التسمية في دول الخليج العربي، وبخاصة السعودية والكويت والإمارات، على المقيمين بها بصفة غير شرعية، أو عديمي الجنسية، حيث يقدر عدد البدون في الكويت بـ110 آلاف شخص، وتعود تلك التسمية للفترة التاريخية ما بين عامي 1950 و1979، حيث تدرج بياناتهم في الوثائق الرسمية بـ"غير كويتي"، ثم "بدون جنسية"، ثم "مقيم بصورة غير شرعية".


ونسبة من البدون هم في الأساس من البدو الرحل، سكنوا شبه الجزيرة العربية، منذ آلاف السنين، وتنقلوا عبر بلدانها، سعيا وراء الرزق، ونسبة أخرى قدموا من بلدان أخرى و يخفون وثائقهم ومستنداتهم الأصلية.


بداية الأزمة


نشأت ظاهرة البدون مع تشكل الدولة الحديثة والهوية الوطنية، حيث توجب على الدول الناشئة أن تعرف نفسها عن طريق ترسيم الحدود، وتحديد من هم سكان الدولة ضمن هذه الحدود، فيما تغاضت بعض الجماعات البدوية عن الحصول على أوراق إثبات الهوية، واستمرت في ممارسة حياتها، كما كانت في السابق، خاصة وأن حياتها قائمة على الترحال الدائم.


غير أن كون الشخص عديم الجنسية أو "بدون"، يعني أن لا يعتبر مواطنا من قبل أية دولة، كما ينعدم الرابط القانوني بينه وبين الدولة التي ولد ويعيش فيها، وبالتالي حرمانه من بعض حقوقه المدنية والسياسية، وأن يحصل على كل أشكال الحماية التي توفرها دولة الجنسية لمواطنيها.



في الكويت


تفيد منظمات حقوقية بأن البدون في الكويت محرومون من أبسط الحقوق المدنية مثل التعليم والصحة والسفر، والتي ينص عليها الدستور الكويتي، الذي يؤكد في المادة 29 على المساواة بين الكويتيين بغض النظر عن لونهم وجنسهم وطائفتهم، وعلى حقهم في الكرامة.


وفيما تظاهر آلاف منهم مرارا للمطالبة بالجنسية الكويتية والحصول على الخدمات العامة، أعلنت حكومة البلاد أن عشرات الآلاف من البدون يمكن أن يحصلون على جنسية جزر القمر من أجل وضع حد لمشكلتهم المستمرة منذ عقود، العرض الذي لاقى رفضا واسعا ممن لم يقبلوا التنازل عن حقوقهم في جنسية وطنهم.



في السعودية


الأمر في السعودية لا يختلف كثيرا عما هو الحال في جارتها، حيث يعيش البدون في السعودية حياة تفتقد إلى الخدمات الضرورية في مجالات العلاج والتربية والزواج والمعاملات المالية، ويعد البطء في إجراءات التنفيذ، والتحرج من عرض المشكلة، من أهم أسباب التأخير في معالجة هذا الملف في المملكة.


واعترفت الجمعية الوطنية لحقوق الإنسان، مؤخرا، بأن البدون يعانون الحرمان من حقوق أساسية جراء عدم تملكهم أوراقا ثبوتية، حيث لا يمكنهم التنقل خارج البلاد، كما يتعرضون للاحتجاز في مراكز الترحيل لمدة طويلة، قبل أن يطلق سراحهم، أو يوضعون على الحدود، ثم يعودون، لعدم وجود دولة تستقبلهم، فضلا عن أنهم يواجهون صعوبات في إثبات وفاتهم، أو الموافقة على دفن موتاهم بشكل رسمي، وتوثيق زيجاتهم وطلاقهم.



في الإمارات


أما الإمارات، وبالرغم من كونها الدولة الخليجية الوحيدة التي استطاعت أن تعالج المشكلة بشكل مؤقت، حينما أصدرت بطاقة خاصة بـ"البدون"، تسمى بطاقة مسجل لا يحمل أوراقا ثبوتية، والبدء في حصر أعداد هذه الفئة، تمهيدا لتسوية أوضاعها، إلا أن الخطوة التالية كانت قرارا مأساويا، بتعديل الوضع واستخراج جنسية جمهورية جزر القمر، كشرط أساسي للحصول على جنسية الدولة.



قنبلة موقوتة


القانونيون ونشطاء حقوق الإنسان حذروا من أن أزمة البدون قنبلة موقوتة قد تشتعل في أي وقت، فيما ذكر البعض بأن "الدولة الداعشية" ترحب بانضمام البدون إليها عبر حساباتهم في "تويتر" مؤكدة أنهم موضع ترحيب من "الدولة الإسلامية".