إيريك رولو.. الصحفي المصري الذي غيّر نظرة الغرب للشرق
لا يوجد صحفي لديه مثل هذا التأثير.. هكذا علق الباحث الفرنسي من أصول مصرية، آلان جريش، على وفاة الصحفي المصري، إيريك رولو.
وأضاف عنه أنه ساهم في تغيير نظرة الغرب للشرق المعقد، وساعد على فهمه، مثلما عمل رولو، خلال رحلة عمل طويلة بدأها صحفيا في مصر، قبل أن ينتقل إلى فرنسا، ويكمل مسيرته لدى صحيفة "لوموند" حتى يصبح سفيرا لفرنسا في تونس ثم في تركيا، لتنتهي مسيرته في 25 فبراير الجاري، عن عمر يناهز 89 عاما.
ووصف جريش، في تقرير له على مجلة "أورويو xxi" الفرنسية، رولو بأنه سفير العالم، متحدثا عن بداية حياة رولو في مصر والضغوطات السياسية التي واجهها من السلطة الملكية، قبل أن يضطر بعد ذلك للرحيل إلى القارة الأوروبية.
واستشهد جريش بجزء من كتاب "في كواليس الشرق الأوسط: يوميات صحفي دبلوماسي 1952- 2012"، الذي كتبه إيريك رولو، جاء فيه أن رولو ولد في القاهرة وبالتحديد في حي هليوبوليس في القاهرة الجديدة، وأكمل تعليمه في هذا الحي قبل أن ينتقل إلى جامعة الحقوق في الجيزة.
غلاف كتاب رولو "في كواليس الشرق الأوسط: يوميات صحفي دبلوماسي"
وخلال دراسته، أهمل رولو الدراسة ومتابعة المحاضرات، والتحق بصحيفة "Egyptian Gazette" الصادرة باللغة الإنجليزية، وخلال فترة عمله في "الشيفت المسائي"، أعجب رئيس التحرير بقصصه الخبرية، حتى أنه في أحد المرات أوقف عملية الطبع من أجل تغيير عنوان الصفحة الأولى، إلى "رحلة إلى هليوبوليس"، ومن بعدها تحول رولو إلى نجم صحفي.
هذا الصحفي الصاعد لم يكن يحمل اسم رولو بعد، بل كان اسمه إيلي رافول، الذي أعجب كثيرا بالمجال الصحفي وترك من أجله فرصة عمل هامة في شركة تأمينات.
وبعد عام 1952، أضطر رافول أن يهاجر إلى فرنسا ويعمل في وكالة الأنباء الفرنسية "AFP" ثم انضم بعد ذلك إلى فريق صحيفة "لوموند"، وخلال ثلاث عقود، استطاع أن يتولى تغطية البلدان العربية وكذلك إسرائيل وتركيا وإيران وإفريقيا وإثيوبيا وباكستان، وأصبح سريعا الصحفي الأشهر في اليومية الفرنسية، حتى أن زميله في الصحيفة، جان جويرا قال: "إمبراطورية إيريك رولو، لا تغيب عنها الشمس".
لكن كيف تحول هذا الصحفي الصاعد في "Egyptian Gazette"، ليصبح هذا الصحفي اللامع في لوموند؟ إيريك كان "فرانكفونيا" مثل العديد من المصريين المسلمين أو المسيحيين أو اليهود أو الجاليات التي كانت تختلط بالمجتمع المصري في هذا التوقيت، مثل اليونانيين والإيطاليين والسوريين واللبنانيين، وعلى الرغم من أن الأدب الفرنسي كان منسيا في هذا التوقيت، إلى أنه كان مصدر إشعاع للكثير من المصريين الذين اشتهروا في فرنسا،بعد ذلك، بداية من إيدموند جابيس، أشهر الشعراء الفرنسيين، وحتى الروائي المصري ألبير قصيري مرورا بالشاعر الكبير جورج حنين.
وكان إيريك رولو يهودي، وعلى الرغم من تعليمه الديني في بداية حياته، إلا أنه أهمل الدراسات التلمودية، حينما سلك طريقه الصحفي، وكان مثله مثل الكثير من اليهود المصريين، لم يروا ضرورة لإقامة دولة يهودية.
إيريك رولو والرئيس جمال عبد الناصر
جعل الصراع العربي الإسرائيلي حياة رولو في مصر مستحيلة، حيث أصبح مثل غيره ضحية للموجات الداعية لكره اليهود في العالم العربي، وضحية لمحاولات الحكومة الإسرائيلية لاستخدامهم كطابور خامس، لذا فقد اضطر للهجرة إلى فرنسا.
ورولو كان مثل الغالبية اليهودية التي نظرت إلى إسرائيل بلا مبالة، فقد كان يعتبر نفسه أولا، وقبل كل شيء مصريا متضامنا مع رفاقه في الوطن، فقد كان من ضمن الطلاب المصريين الذين شعروا بالمذلة، حينما قامت دبابات بريطانيا العظمى بحصار قصر الملك فاروق، وإجباره على الإطاحة برئيس الوزراء واتباع سياسة موالية للحلفاء ضد النازيين.