التوقيت الجمعة، 22 نوفمبر 2024
التوقيت 10:12 م , بتوقيت القاهرة

فيديو| العائدون من ليبيا.. الهروب من مخالب الموت

وجوه منهكة، ملامح صعيدية، ابتسامات تنم على قلة الحيلة، ومشاعر منفعلة تتقلب بين الفكاهة تارة والشجار تارة أخرى، نزل العائدون من ليبيا إلى أرض الوطن، عبر منفذ السلوم البري إلى موقف السلوم، ليكون ثالث محطات المحارب، الذي يخلع فيها هموم الخوف من الموت، التي لاقاها في طريقه إلى العودة من بين مخالب الموت، "دوت مصر" التقى العائدين من ليبيا ليروون تفاصيل رحلة العودة من المجهول.

بادر أحمد بابتسامة تمحو ملامح مشقة السفر التي تبديها ثيابه الثقيلة بفضفضة "كنا بنشتغل هناك كل حاجة وأي حاجة، وكنت في البيضة منطقة بعيدة عن القلق كلها قبائل وعشائر"، ولكنه سرعان ما يكمل "بس الشرطة الليبية دخلت علينا وقالتلنا خلاص إمشوا، إحنا مش هنقدر نحميكوا، إحنا كويس إننا نقدر نحمي نفسنا".

تصوير - محمد أوسام

وعن رحلة العودة، واصل أحمد "الكماين في ليبيا ضربوا راجل قدامي، وأخدوا مننا فلوس"، وبنبرة مستغيثة تابع قائلًا "في ناس بلدياتي في طرابلس ودرهونة، اتاخدوا بعد الضرب بـ 4 أيام ومنعرفش عنهم حاجة، وفي ناس أنصار بيت المقدس خاطفاهم في مصراتة، وفي اتنين أنصار الشريعة خاطفاهم في بني وليد، محدش يعرف هما عايشين ولا ميتين".

وعن تفاصيل حوادث الخطف، يفسر الشاب القادم من مركز مغاغة بالمنيا، قائلًا "بنرجع من الشغل ينزلونا من العربية، وأول ما يعرفو إنك مصري بيتعمل معاك الصح وقتي"، نافيًا وجود فارق معاملة بين مسلم ومسيحي من قبل الجماعات المسلحة، ووثق شهادتهم بحادث آخر، قائلًا: سواق ليبي حكالنا إنه كان معاه جماعة مصريين، الأمير بتاع جماعة مسلحة وقفهم، وقالهم إطلعوا معانا واللي عايز يروح منكم هنسيبه يروح بسلام، لكن أخدوهم وبرضه محدش يعرف هما فين".

وبحلة جينز زرقاء ارتداها مايو الثلاثيني العمر، كي تتحمل معه مشقة السفر، أكد صعوبة الوضع في سيرت، قائلًا "مدينة سيرت كلها عربيات داعش ورشاشات، هما إللي نزلوا الناس وسيبونا فلوسنا وعربياتنا، وفي ناس في سيرت ومصراتة وطرابلوس مش قادرين يطلعوا من بيوتهم، وإللي بيشوفوه الجماعات المسلحة بيقولوله يا إما تمشي يا إمااااا....، مع العلم بياخدوا كل حاجة منهم، الفلوس، الموبايلات، خطوط المحمول، أنا جاي من غير شنطة هدوم".

وانتقد مايو التغطية الإعلامية المصرية للوضع في ليبيا قائلًا "القنوات المصرية بنتقل الوضع غلط، إحنا واصلين الجمرك لينا يومين مكلناش، والكماين عاملة نفسها بتخافظ علينا، وهي بتسرقنا".

وبرأس معصوب وشعر أشعث تدخل عيسى ليروي ما حدث معه، قائلًا: "كنا عايزين نروح، وقفونا في الطريق، وسألونا إنتو مصريين.. طيب تعالوا، دخلنا تفتيش وسرقة، عايزين ينتقموا من الضربة إللي ضربها السيسي، وافتروا علينا إحنا"، سكت قليلًا وتابع "ماحنا في بلد غريبة، ومافيش حد يحمينا".

واسترسل مايو الأحداث التي لاقاها في طريقه من ليبيا إلى مصر قائلًا: "اتضرب علينا نار واتكسرت العربية في بوابة 28 يناير من أنصار الشريعة وداعش، وحاولوا يخطفو ناس مننا، وخطفوا 10 قبلنا من طرابلس، وسمعنا واحنا جايين، إنه في فيتو ليبي اتخطف زي ما هو".

واقتطع أحد العائدين الحديث ليستغيث بعصبية "في 5 من المنيا مخطوفين في أجدابيا، منهم ابن عمي، كانوا مروحين يوم ما السيسي ضرب، خطفوهم من على بوابات إجدابيا، وعايزين عليهم فدية"، وبنبرة أقل حدة، أعرب عن قلة حيلته "نجيب فلوس منين، إحنا كلنا رايحيين من شهر أو شهرين".

فور علمه بوجود أجهزة صحفية بالموقف، اندفع "عبد الله" بعصبية وعيون سوداء قاتمة قائلًا "إحنا جينا بس في ناس مش عارفة تيجي، ابعتوا أتوبيسات للمحبوسين في أجدابيا وبني غازي وسيرت وفي كل حتة في ليبيا"، وفي رسالة للمصريين بطريقة مباشرة وللحكومة المصرية بطريقة غير مباشرة شدد، عبد الله "المفروض كل مصري مش لاقي لقمة عيش في بلده، ميطلعش يروح البلد دي"، مضيفا "علشان دي بلد كفار".

أما محمد السيد، روى تجربته بهدوء وكأنه اعتاد المعاناة "جماعة بلطجية مسكوني وضربوني وأخدوا الفلوس إللي معايا، وكتفوا أخويا ومسكوه من شعره، وهما مكممين وشهم"، موضحًا أن في ليبيا لا يمكن التفريق بين أفراد الشرطة والجماعات المسلحة، سكت لبرهة وتابع برجاء "جينا هنا علشان حد يرحمنا".

بجسد نحيل وثياب بالية، اختتم هاشم، بلهجة عربية لا تدل على كونه من سوهاج، نظرًا لطول المدة التي قضاها بليبيا "جينا من بوابة الستين، بهدلونا وخدوا مننا الشفرات والمحاميل، وبطاريات النقال، وسألونا مسلم ولا مسيحي، وبيفهمونا إنهم شرطة وبيطلعوا أنصار شريعة".