فيديو| دينامو مصالحات الصف.. 109 أكفان في 4 سنوات
رضا الكفراوي لم يلقب بـ"دينامو المصالحات" بمركز الصف في الجيزة من فراغ، فالرجل كان طرفا أساسيا في 109 حالة صلح تم خلالها تسليم الكفن لوأد الثأر في 4 سنوات فقط، واختارت محافظة الجيزة الرجل الخمسيني، لإعطاء الشباب دورات تدريبية في التحكيم.
يقول رضا لـ"دوت مصر": "إن الصلح يبدأ طفلا وبعد رعايته وتربيته يصير (كفنا) رجلا يافعا"... وشرح المحكم الشهير فلسفته في التحكيم العرفي ببساطة، مشيرا إلى أن جرائم الثأر في الصعيد صعبة، بسبب أن الأطراف دائما متعنتة وصاحبة عقول حجرية، لكن محاولاته المتكررة مع أطراف الثأر، تنتج تقدما بسيطا هنا، وخطوة إلى الأمام هناك، ويظل يحصل على التنازلات من الطرفين حتى إتمام الصلح، قائلا "العفو ما بيتاخدش مرة واحدة وصعب على الصعيدي تقديم كفنه من أول محاولة معاه، لكن مع المحاولات القلوب بتهدى وبتلين".
آخر إنجازات رضا، كانت يوم الأربعاء الماضي، بإجراء الصلح بين عائتي "أبو سنة" و"أبو وتاب"، حيث قدمت الأخيرة الكفن للأولى، للتصالح في الثأر الناتج عن مقتل سيدة من "أبو سنة" بطوبة قذفها أحد أبناء "أبو وتاب".
تقبيل الأقدام
وردد "دينامو المصالحات" آية من القرآن تقول: "من قتل نفسا بغير نفس أو فساد في الأرض فكأنما قتل الناس جميعا ومن أحياها فكأنما أحيا الناس جميعًا"، مؤكدا أن دوره يحيي أنفسا كانت ستموت نتيجة الثأر.
وأوضح رضا أن العمل الذي يقوم به ليس فرديا، مشيرا إلى أن أطراف كثيرة تتدخل للصلح، رجال دين وقيادات شعبية وتنفيذية وأمنية، كل يعمل من ناحيته، ويمارس ضغوطا ويقدم إغراءات للطرفين، أحيانا تأتي على حساب الوسطاء، والمصلحون يضطروا أحيانا إلى تقبيل أيدي وأرجل الأطراف المتنازعة.
من يحمل الكفن يملك القوة
وعن أسباب نفوذه ومن على شاكلته في الصعيد، يرى رضا أن ذلك يرجع لعدم ثقة الناس في القضاء العادي؛ لأنه طويل الأجل وفي بعض الأحيان لا يصدر أحكاما رادعة، لكن تسليم الكفن معناه في عرف أهل الصعيد أن حامله يضع حياته بين أيدي خصمه، "شيل الكفن حاجة رهيبة، يعني اللي بيشيل كفنه ده معناه أنه مات لأنه بيقدمه بمذلة وبمهانة".. ويكمل رضا: أرى أن حامل الكفن هو أشجع الشجعان لأنه يساعد على حل المشكلة، ومن يقبل الكفن أعتبره من أعظم العظماء، لأنه عفى عند القوة.
"دينامو المصالحات" يؤكد أن الكفن أقوى من "الدية"؛ لأنها قد تظل عند الخصم سنتين أو ثلاثة ثم يقتل من يريد صاحب الثأر قتله ويعيد الدية، "لكن الكفن ماحدش يقدر يرجع فيه، والحمد لله لحد دلوقتي محدش بيرجع في الكفن".
عن ذكرياته مع تسليم الكفن، يقول رضا: "في إحدى الوقائع كنا في قرية "عرب الحصار"، وكنت مع رجل يحمل كفنه ويسير به في الطريق لتسليمه لابن أخيه الذي كان في خصومة معه، وبعد أن خطى العم 11 خطوة، صرخ ابن أخيه طالبا منه عدم التذلل وهو يقدم الكفن إليه، وهرول نحوه آخذا في تقبيل يده ورأسه". وأضاف أنه "لا ينسى حضوره 4 حالات تسليم كفن في يوم واحد".
في نهاية حديثه مع "دوت مصر" شدد رضا الكفراوي على أنه لا يتكسب من وراء عمله كمحكم عرفي، مشيرا إلى أنه يمتلك أرضا وشركة لتقسيم الأراضي، لكنه يؤدي هذا العمل الاجتماعي أملا في نيل الثواب من الله.