التوقيت السبت، 02 نوفمبر 2024
التوقيت 11:36 م , بتوقيت القاهرة

حوار| مندوب مصر باليونسكو: "الألماني" يحكم في قناع توت عنخ آمون

قضايا كثيرة لم يسعنا الوقت لسردها على طاولة مندوب مصر باليونسكو، ورئيس المجلس التنفيذي للمنظمة، محمد سامح عمرو، لانشغاله، إلا أن "دوت مصر" حاوره حول بعض الأمور التي تهم قطاعات كبيرة من المصريين.


لأول مرة يتحدث سامح عمرو عن أزمة قناع "توت عنخ آمون" التي أثارت الجدل خلال الفترة الماضية، بجانب آخر تطورات المتحف الكبير والإسلامي، والقاهرة التاريخية، ومنطقة أبو مينا، وما دار خلال مؤتمر وزراء التعليم العرب، الذي جاءت زيارته لمصر للمشاركة به منذ أسابيع.


مواضيع كثيرة كشفها مندوب مصر الدائم لدى اليونسكو خلال لقائه مع "دوت مصر"، وإلى تفاصيل الجزء الأول من الحوار..


النجاح يولد العنف


كيف ترى الحادث الإرهابي الأخير في سيناء، وهل ترى أن ذلك يمثل تطورا نوعيا في شكل الهجمات؟


أشعر بحزن شديد لما حدث، لكن كما قال الرئيس عبدالفتاح السيسي فهذه الأمور متوقعة، وتحليلي للأمر أن الإرهاب كلما وجد نجاحا على الأرض، يحاول عرقلته بشتى الطرق، خصوصا وأننا على أبواب المؤتمر الاقتصادي في مارس المقبل، هذه لعبة معروفة.


لكن سيناء لها وضعية خاصة، فقد حصلنا عليها بعد حروب عديدة قدمنا فيها دماء كثيرة، لذا لن يستطيع أحد السيطرة عليها، وأود أن أنوه أن التعامل مع مجموعات مسلحة يختلف عن التعامل مع دول تعرف على الأقل أن تتفاوض معها، وسيناء ستظل مصرية يحافظ عليها الشعب والجيش، لكن بكل أسف التكلفة ستكون بعض الضحايا كما نرى.


وما يحدث في سيناء لا أريد أن أسميه "حربا" أو "قتالا" لأنني لا أحب هذه المفاهيم من زاوية القانون والقانون الدولي، هي "حماية" والجيش قادر على هذا الأمر، ولا أود أن نخاف أو نقلق بسبب ما يحدث.


الكثير من الآثار يتضرر بالأعمال الإرهابية، هذا ما حدث لمتحف العريش، هل أعلنتم أي خطة لمواجهة الأمر؟


علينا الالتزام بتوفير كل الخبرات الممكنة للترميم أو الإصلاح إذا احتاج متحف العريش لذلك، كما فعلنا مع متحف الفن الإسلامي ومتحف ملوي، لكن لا أعتقد أنه كانت هناك مسروقات.




المتحف الإسلامي .. "مساعدات وتحفظ"


على ذكر الأعمال الإرهابية، لماذا رصدت "اليونسكو" 100 ألف دولار رغم أنها ليست جهة تمويل، لترميم متحف الفن الإسلامي الذي تضرر بتفجير مديرية أمن القاهرة العام الماضي، وما هي آخر التطورات الخاصة بالمتحف؟


اليونسكو في نفس يوم الانفجار أدان الحادث لتقديم الدعم السياسي، بجانب الدعم المالي، وذلك ليس لغرض الإصلاح فحسب، لأن هذا مبلغ زهيد، لكن كرسالة للدول لإرسال مبالغ أكبر وخبراء لترميم المتحف، وهذا ما حدث بالفعل من إيطاليا وسويسرا وألمانيا، وقبل أن ينقضي الأسبوع الذي حدث به الانفجار أرسلنا فريقا من الخبراء قدموا تقريرا لحجم الدمار والتكاليف المتوقعة، كي نساعد الحكومة في أن يكون معها تقريرا موثقا وذا مصداقية إذا ما طلبت المساعدة من أي جهة أو دولة.


ونود بشكل عاجل إعادة فتح المتحف، ليس فقط لأنه مغلق لأكثر من عام، بل لأن افتتاحه من جديد في هذه الظروف رسالة للعالم بأن أي تعثر يحدث لنا نستطيع التغلب عليه.


 كلامك يقول إنكم وفرتم مبالغ مالية لترميم المتحف، ولكن الدكتور حمدي عبدالمنعم مدير عام قسم الترميم بالمتحف قال في تصريحات صحفية منذ فترة إن المتحف يرمم بأموال إماراتية فقط، وأكد أن كل الوعود الأجنبية بالمساهمات المالية وإرسال الخبراء لم يتم تنفيذها من قبل اليونسكو أو أي من الدول المذكورة.. ما تعليقك؟


هناك خبراء من ألمانيا يقومون بالترميم، وهناك أموال من الحكومة الإيطالية تم إرسالها بالفعل، وسأراجع وزارة الآثار لأرى ما لديهم من تحفظات على هذا الكلام.




توت عنخ آمون .. "الألماني يحكم"


قناع توت عنخ آمون.. قضية شغلت الرأي العام المحلي والعالمي الفترة الماضية، أنتم كوفد اليونسكو مع رئيس المؤتمر العام للمنظمة الصيني "خاو بنج" زرتم المتحف المصري، هل كان القناع سببا لهذه الزيارة؟


زيارتنا لم تكن لتقييم حالة القناع كما أشيع فهذا شيء مضحك، لأن الجولة التي قمت بها مع رئيس المؤتمر العام لليونسكو تضمنت أكثر من مكان كالقلعة، والرفاعي، والأقصر، والقاهرة التاريخية.


وسأشرح الوضع بالضبط لأن هذه أول مرة أتحدث فيها عن موضوع القناع عقب إثارة الأزمة، فقد استيقظنا على استفسارات كثيرة من الأجانب عما حدث لقناع توت عنخ آمون، وبناءً على التكليف العام من رئيس الوزراء إبراهيم محلب بالاهتمام بالأمر بما يليق بسمعه مصر الثقافية، قمت بالاتصال بالمجلس الدولي للمتاحف الذي تواصل مع عدد من المتاحف على مستوى العالم، وأبدوا استعدادهم للمساعدة.


وعلى إثر ذلك أقام وزير الآثار مؤتمرا صحفيا أعلن فيه أن هناك خبيرا ألمانيا سينظر في حالة القناع لإعطاء الرأي الفني فيما حدث، وحدث ارتياحا بالمجلس الدولي للمتاحف لهذا الاختيار، حيث أكدوا أنه شخص جيد ومحايد.


والآن علينا فقط أن ننتظر تقرير هذا الخبير، وهذه نفس الرسالة القادمة من الدول الغربية، وذلك حتى لا تتأثر أي أعمال مستقبلية خاصة بالقناع، وإذا احتاجت الحكومة لترميم القناع عقب صدور التقرير الفني فهي ستطلب من اليونسكو بكل تأكيد أن يقدم الخبراء اللازمين لذلك.


هناك شائعات تفيد بوجود القناع الأصلي في فرنسا، وليس بالمتحف المصري.. ما صحة هذا الكلام؟


البينة على من ادعى، يمكن لأي شخص أن يدعي أن أسدي قصر النيل ليسا الأصليين، والأمر ذاته بالنسبة لبرج القاهرة.




المتحف الكبير .. "مستني التمويل"


المتحف الكبير الذي من المفترض أنه يكون أكبر متحف في العالم، ويتم تشييده حاليا بمساعدة اليابان التي تقدم منحا وقروضا، لماذا تأخر افتتاحه كل هذا الوقت؟ وهل خاطبتم الحكومة المصرية ممثلة في وزارة الآثار بسبب عدم إرسالها أي خطابات لاستكمال بناء المتحف؟


أولا: اليونسكو لم يخاطب الحكومة المصرية بشأن المتحف الكبير.. ثانيا: العمل توقف في المتحف منذ 2011 بسبب الثورة وما تلاها من أحداث، حيث خلق ذلك ترتيب أولويات بالنسبة للحكومات المتعاقبة.. ثالثا: التمويل هو العائق الأكبر أمام استكمال بناء المتحف، لأن ذلك كان يحدث من خلال السياحة التي أصبح العائد منها قليلا للغاية، والحكومة الحالية تحاول تحصيل المبالغ المالية اللازمة لاستكمال المتحف بالتعاون مع اليابان ممثلة في هيئة المعونة اليابانية "الجايكا"، ورئيس الوزراء بنفسه يولي اهتماما كبيرا بهذا المتحف.


زرتم الأقصر كوفد اليونسكو وتفقدتم متحفها، ما هي تعليقات الوفد على المتحف؟


الوفد كان سعيدا للغاية بهذا المتحف وبطريقة عرض الآثار فيه، الشيء الجيد يفرض نفسه.




القاهرة التاريخية .."أمان"


في 2010 كان هناك مشروع لتطوير القاهرة التاريخية، ثم توقف المشروع وبدأ الحديث الآن عن كيفية الحفاظ عليها، هل نتقدم أم نتأخر؟


لو أنك قلت لشخص عام 2012 أنك تريد تطوير القاهرة التاريخية كان سيبلغك بأولوية الأمن والاستقرار، لكن خلال السبع أشهر الماضية والحكومة تحاول إعادة الأمر لما كان عليه، لأنك لن تستطيع التطوير إلا إذا أعدت الأمر لما كان عليه.


خلال السنوات الماضية البعض استغل الظروف غير المستقرة وقاموا بعدد من التعديات، وحاولنا التعامل مع هذه الأمور خلال السنة الماضية، كما وضعت منظمة "الإيكوموس" تقييما للوضع، وقدمت وزاره الآثار تقريرا هذا الشهر، وسنناقش الملف في شهر يونيو المقبل بألمانيا في اجتماع لجنة التراث العالمي.


هل كانت هناك تهديدات من قبل اليونسكو بنقل القاهرة التاريخية من قائمة التراث العالمي إلى قائمة التراث المهدد بالخطر؟


لم يكن تهديدا، وإنما كان مشروع قرار معروض على لجنة التراث العالمي لنقل هذا الموقع من قائمة التراث العالمي إلى المهدد بالخطر نتيجة التعديات التي حدثت عليه، وهذا القرار لم يصدر في نهاية المطاف، وأعطت المنظمة مهلة عامين لمصر.


ويرجع ذلك إلى المظهر الجاد للحكومة الذي اتضح بطلبه خبراء من اليونسكو، الذين أرسلوا تقاريرهم لوزير الآثار بكيفية التعامل مع هذه التعديات، وعلى محافظة القاهرة اتخاذ جميع الإجراءات التي من شأنها الحفاظ على القيمة الكبيرة لهذه المنطقة.



أبو مينا .. "زي ما هي"


14 عاما منذ وضع اليونسكو لمنطقة "أبومينا" بالإسكندرية على قوائم التراث المهدد بالخطر بسبب ارتفاع منسوب المياه الجوفية.. هل ينذر ذلك بأن المنطقة قد يتم إزالتها أصلا من قائمة التراث المهدد بالخطر؟


الوضع في منطقة أبو مينا أقرب إلى الاستقرار الآن، حيث تم التعامل مع المياه الجوفية، وأود توضيح أكثر من نقطة في هذا الأمر، فعندما يرتفع منسوب مياه الجوفية وتعيش لفترات زمنية طويلة تتفاعل مع الأثر والحجر، وإذا سحبت المياه بشكل مفاجئ قد يؤثر ذلك على الأثر، وهذا ما قالته تقارير المتخصصين الفنيين.


وهذه ليست المشكلة الوحيدة التي تواجه منطقة أبو مينا، فقد نجحنا في تحديد حرم الموقع وهو ما لم يكن موجودا من قبل، واليونسكو تتخذ خطوات إيجابية للحفاظ على الموقع، ولجنة التراث العالمي في تقريرها العام الماضي قالت إن الموقع لا يعاني من أي مخاطر إضافية، وإن الحال يبقى كما هو عليه، وهو مازال حتى الآن على القائمة المهددة بالخطر، ونحن في انتظار تقرير هذا العام.



غير لائق


لدينا 7 مواقع فقط مدرجة على قوائم التراث العالمي، هل يعقل أن دولة بحجم مصر تمتلك ثلث آثار العالم يوجد بها في هذه القائمة 7 مواقع فقط؟ وبصفتك مندوب مصر الدائم لدى اليونسكو هل تتوقع أن تزيد الحصة خلال الفترة المقبلة؟


بكل تأكيد هذا لا يليق بقيمة مصر، ومن حيث التوقع فلا بد أن تزيد حصتنا، فنحن لا نمتلك أي بديلا آخر، لكن يجب أن نضع في الاعتبار أن القائمة التمهيدية للتراث العالمي عليها 33 موقعا، ولا يجوز لنا كمنظمة أن نقدمهم دفعة واحدة، كل ما نستطيع عليه هو أن نقدم موقعا كل عامين.