التوقيت الثلاثاء، 05 نوفمبر 2024
التوقيت 03:55 م , بتوقيت القاهرة

خاص| قيادي في مجاهدي درنة: طائرات مصر لم تصب داعشيا واحدا

لم يكن التواصل مع مجلس شورى مجاهدي درنة أمرا سهلا، الذي يسيطر على المدينة الواقعة شرق ليبيا على بعد 300 كيلومترا من الحدود المصرية، ويحكمها بقبضة من حديد ويفرض تطبيق الشريعة الإسلامية على سكانها البالغ تعدادهم نحو 100 ألف نسمة، من الليبيين والمصريين وغيرهم.



"درنة" مدينة جبلية على ساحل البحر المتوسط، كان يتغنى بها شعراء ليبيون كثر، لجمال طبيعتها وسماحة أهلها، وقال فيها أحدهم، مصطفى الطرابلسي "درنة كانت طفلة جميلة بالدلال ازدانت.. من ظلم ياما ومن مصايب عانت"، وعلى ما يبدو تواصل تلك المصائب حلولها على المدينة.



أصبحت المدينة في أكتوبر 2014، أول مدينة ليبية تبايع خليفة "داعش"، أبو بكر البغدادي؛ وبث تنظيم "مجلس شورى الإسلام"، مقطع فيديو في 6 أكتوبر المذكور، يظهر مبايعة عناصره للتنظيم الرئيسي في العراق وسوريا، وهو ما أثار جدلا سياسيا كبيرا، بين مصر وتونس والجزائر كدول الجوار الليبي العربية، أتبعه المجلس بعد ذلك بفيديو استعراض قوة سلاحه وتأسيسه للشرطة والمحكمة الإسلامية وسط المدينة.



وفي ديسمبر 2014، وقعت المدينة بالكامل تحت سيطرة تنظيم جديد يحمل اسم "مجلس شورى مجاهدي درنة"، بقيادة سالم الدربي، زعيم ما يسمى بـ"كتيبة شهداء بوسليم"، ورغم تأكيدات المجلس بأن الجيش الليبي يحاصر المدينة، إلا أن معسكرات تدريبه ومخازن أسلحته تقع على بعد 30 كيلومتر شرق درنة في منطقة "رأس الهلال".



وبعد أن استقبلت القاهرة، مساء الـ15 من فبراير الجاري، نبأ ذبح 21 مصريا من رعاياها على يد تنظيم "داعش" في سرت الليبية، أغارت طائرات سلاح الجو المصري، على مدينة درنة دون غيرها، بحسب ما أعلنه المتحدث العسكري، صباح الـ16 من الشهر الجاري، "ثأرا" لهؤلاء الضحايا الذين أعدمهم التنظيم، بينما نفى مجلس شورى مجاهدي درنة أي علاقة له بتنظيم "داعش" وأعلن موالاته لما أسماه بـ"الدولة الليبية"، بحسب تقارير إعلامية.


ومساء السبت الماضي، خرج التنظيم ببيان شديد اللهجة يتوعد فيه الجيش المصري بقيادة الرئيس عبد الفتاح السيسي، والجيش الليبي بقيادة خليفة حفتر، مستشهدا بآية قرآنية "إنما جزاء الذين يحاربون الله ورسوله ويسعون في الأرض فسادا أن يقتلوا ويصلبوا وتقطع أيديهم وأرجلهم من خلاف وأن ينفوا من الأرض".


وفي محاولة للوقوف على حقيقة الأمر، أجرى "دوت مصر"، حوارا مع القيادي في مجلس شورى مجاهدي درنة، أبو معاوية الدرناوي، أكد فيه أنه لا علاقة للمجلس بتنظيم "داعش" وما جرى من ذبح للمصريين في ليبيا، في الوقت الذي توعد فيه الجيش الليبي والمصري بالتصدي لهما بسبب الغارات الأخيرة التي نفذاها على المدينة.

لم يقبل القيادي في التنظيم، الاتهامات الموجهة لجماعته بالتورط في مذبحة الأقباط المصريين: قلنا للإعلام وعبر الانترنت ومواقع التواصل الاجتماعي، إنه لا علاقة لنا بما حدث، ولا علاقة لنا بتنظيم داعش، إلا أن أي تهمة تحدث في ليبيا، وحتى ما يجري في العاصمة طرابلس، يلصقونه بنا وبمدينة درنة، وكأنها المنبع الوحيد للشر.


 وحول علاقة جماعته بتفجيرات مدينة القبة، في 20 فبراير الجاري، والتي أودت بحياة 45 شخصا من بينهم 6 مصريين، أكد: لا علاقة لنا بذلك أيضا، لقد تمت التفجيرات بواسطة سيارات مفخخة كما أُعلن عبر الإعلام، ونحن لا نملك هذه الأسلحة، فلو كان لدينا مفخخات أو شيء من هذا القبيل لفجرناها في معارك مدينة عين مارة، وهي التي نخوض فيها حربا ضد الجيش الليبي.

حصار مشدد يفرضه الجيش الليبي على درنة التي يحكم مجلس شورى المجاهدين سيطرته عليها، وبحسب القيادي فيه، فإنه لا يمكن لتنظيمه أن يخرج أو يدخل أي أسلحة كتلك المفخخات إلى المدينة، ورغم المعارك الدائرة في "عين مارة" لا يستطيع أحد إيصال أي سيارة مفخخة إليها، فالطرق كلها مراقبة ومغلقة، ليس فقط على المقاتلين بل أيضا على أي مدني يحاول الهرب إلى المدن المجاورة.


يقول القيادي في مجلس شورى المجاهدين، إن الجيش الليبي الذي يقوده الفريق خليفة حفتر، يفرض تفتيشا أمنيا مشددا ويحاصر المدينة: عناصر جيشه يهتكون أعراض النساء اللاتي يحاولن الهرب من درنة، فإذا كان الزوج أو الأب أو الأخ خارجا من المدينة بصحبة امرأة ترتدي النقاب يخلعون غطاء وجهها ورأسها لتفتيشها، ويتسببون في طلاقات للنساء بسبب ذلك.



من المتهم إذا بتفجيرات القبة؟
ورغم تبني تنظيم "داعش" لتفجيرات مدينة القبة التي استهدفت منزل رئيس البرلمان ومديرية الأمن، معلنا عن قيام اثنين من عناصره بعمليتين انتحاريتين بسيارتين مفخختين، إلا أن "أبو معاوية" اتهم أطرافا من داخل المدينة بارتكاب تلك العملية نافيا تورطه فيها: لا علاقة لنا بالتفجير أبدا، وليس من الطبيعي إلصاق كل التهم بنا، لماذا لم يتهم سكان المدينة أو المدن المجاورة باستخدام تلك السيارات المفخخة، يمكن أن تكون المفخخات قد جاءت من البيضاء أو من أي منطقة في الشرق، الله أعلم".


كان تنظيم "داعش" قد تبنى تفجيرات مدينة القبة التي تبعد نحو 40 كيلومترا غرب مدينة درنة، في بيان له أوضح أن العملية الانتحارية تلك جاءت على ردا على استهداف طائرات الجيش الليبي والمصري لمدينة درنة، إلا أن القيادي في مجلس شورى مجاهدي درنة أكد أن الضربات الجوية المصرية لم تصب عناصر جماعته أو تنظيم "داعش" بأي مكروه: لقد استهدفت الضربات المصرية مواقعنا العسكرية، إضافة إلى معسكرات داعش، والمحكمة الإسلامية، وحيا سكنيا، لكنها لم تقتل أيا من المجاهدين في المدينة وما حولها، بل قتلت المدنيين".


أجمعت منظمتا العفو الدولية وهيومان رايتس ووتش أن الجيش المصري لم يتخذ احتياطاته في ضرباته الجوية التي استهدفت مواقع للتنظيمات المتشددة في درنة، فقالت "العفو الدولية"، في بيانها أمس الاثنين، إن المدنيين في ليبيا لايزالون يدفعون ثمن أعمال العنف، وإن الغارات المصرية قتلت 7 مدنيين من بينهم أم وأطفالها الثلاثة.


"أبو معاوية الدرناوي" أكد أن الغارات المصرية على المدينة لم تقتل أيا من مجاهدي درنة أو "داعش"، بل قتلت مدنيين من نساء وأطفال، فالغارات "تعمدت ضرب عمارات سكنية".



هل توعدتم المصريين في درنة بالحرق؟
"هذا غير صحيح، بل على العكس، ساهمنا في تأمينهم.. هكذا أكد القيادي في مجلس شورى مجاهدي درنة، مستكملا : أثناء الغارات الجوية قمنا بحماية كل أهالي المدينة، خاصة المصريين.


ويبدو أن مجلس شورى مجاهدي درنة يتابع أخبار المصريين فيها عن كثب، قول أبو معاوية: يمكنكم سؤال المصريين الذين هربوا من درنة إلى طبرق في الآونة الأخيرة، وهناك أيضا مصريون قالوا لنا: مش هانسيبكم يا عرب درنة، ورفضوا الخروج من المدينة".


وبحسب القيادي في المجلس فإن هناك عمالة مصرية لازالت تعمل في درنة: هناك من يعملون في سوق الملابس وأفران الخبز، ونحن نحميهم ولا نتعرض لهم ولا نسمح بالتعرض لهم حتى بالسب والشتائم، نحن لا نتعرض للمصريين، أما موقفنا من الجيش فقد أصدرنا بيانا حاسما بهذا الشأن، سننتقم منه بسبب الغارات الجوية التي استهدفت أهلنا.


درنة.. يحاصرها الجيش والمجلس على حد سواء
"لم تقتحم أي قوات برية المدينة، ولا يستطيع أحد فعل ذلك طالما نحن فيها"، كان رد "أبو معاوية" حاسما بهذا الشأن بعدما أثير من أنباء عن اقتحام فرق مقاتلة من الجيش المصري لمدينة درنة، ورغم أن الجيش الليبي أعلن في 12 يناير الماضي عن تمهيده لمعركة اقتحام المدينة، إلا أن القيادي في المجلس الذي يسيطر عليها قال: لا يستطيع كذلك الجيش الليبي أن يقتحم درنة، فنحن نحميها بأرواحنا، أما هو فليس لديه سوى الطيران فقط، إلا أن هذا الطيران فوقه الله عزل وجل، كل ما يمكن للجيش فعله هو قطع البنزين والغاز عن الأهالي.


المدينة التي أعلن "داعش" سيطرته عليها منتصف ديسمبر الماضي، تقع تحت حصار مشدد من الجيش الليبي الذي يمهد لاقتحامها "الصعب"، بحسب تقارير إعلامية، ويقول القيادي في المجلس، واصفا الحالة الإنسانية في المدينة: "هناك من لا يملك خبزة يأكلها، نحن لا نمنع من يريد الخروج لكن الجيش يحاصرنا، ولدينا نقص شديد في الغاز والبنزين والخضروات والسلع الغذائية".


وحول الغارات الجوية التي تضرب المدينة قال: استهدفتنا طائرات الجيش الليبي فقط بعد تفجيرات القبة، إلا أنها لم تضرب درنة بل ضربت قرى رأس الهلال التي توجد بها مخازن أسلحة ومعسكرات تدريب مجلس شورى المجاهدين وتنظيم "داعش"، وهي تبعد 30 كيلومترا شرق درنة.




يستكمل القيادي في المجلس حديثه عن أوضاع الأطفال في المدينة "إنهم يذهبون للمدارس، ويدرسون مناهج تعليمية إسلامية، وقررنا إلغاء تدريس اللغة الإنجليزية من مناهج التربية والتعليم، وإلغاء كتب التاريخ ومادة الحساب أو الرياضيات فـ "الحساب يوم الحساب"، على حد وصفه.


وحول أوضاع الأجانب في صفوف المقاتلين في درنة، أكد القيادي في المجلس: نعم يوجد مجاهدون أجانب، إلا أنهم قلة أبرزهم من أفغانستان، لكن لهم وظائف محددة فلا يوجدون على البوابات أو الحراسة.