التوقيت السبت، 02 نوفمبر 2024
التوقيت 11:35 م , بتوقيت القاهرة

هل عودة مصر لمؤتمر حوض النيل "حميدة"؟

تعود مصر إلى علاقتها بالدول الإفريقية، بعد فترة انقطاع كبيرة عاشتها الدولة المصرية في معزل واضح عما يحدث بالقارة السمراء.


خط واضح الملامح وخطة تبدو محددة التفاصيل، تسير عليها الدولة المصرية من أجل تحقيق نجاحات في الدول الإفريقية، خاصة دول حوض النيل، من أجل التواجد وتقريب وجهات النظر لمنع كارثة بناء سد النهضة، الذي رأى الخبراء أن حلها لن يكون بالمفاوضات الفنية، وإنما من خلال الحل الدبلوماسي الذي تنتهجه الدولة الآن من خلال إقامة علاقات قوية مع دول إفريقية في حالة أشبه بحصار إثيوبيا للموافقة على مطالب الجانب المصري.


وتأتى مشاركة مصر فى هذه الاجتماعات الفرعية لدول حوض النيل، تلبية لدعوة السفير معتز موسى، وزير الموارد المائية والكهرباء السوداني، باعتباره رئيس الدورة الحالية للمجلس الوزاري، حيث طرحت القاهرة رؤيتها الجديدة لتقريب وجهات النظر بشأن الخلافات العالقة فى اتفاقية "عنتيبي"، والتى أدت إلى رفض مصر التوقيع على الاتفاقية وتجميد أنشطتها فى مشروعات مبادرة حوض النيل، وحفظ الحقوق التاريخية للشعب المصري في مياه النيل.



خطوة إيجابية


يقول الدكتور أحمد فوزي دياب، خبير المياه بالأمم المتحدة، واستاذ الموارد المائية بمركز بحوث الصحراء، أن الموقف المصري بعدم المشاركة باجتماعات دول حوض النيل جاء لتوصيل رسالة إلى جميع الدول بأهميتها، موضحا أنه في حالة موافقة مصر على اتفاقية "عنتيبي" ، تعني تنازلها عن جميع حقوقها في الاحتفاظ بنصيبها من نسبتها بمياه النيل، ما كان سيتسبب في عقبة لأوجه الحياة والتنمية في مصر.


وأضاف فوزي في تصريحات خاصة لـ"دوت مصر"، أن قرار مصر بالرجوع  للمشاركة باجتماعات دول حوض النيل له العديد من الجوانب الإيجابية، متمثلة في تبادل المصالح والمنفعة بين مصر ودول حوض النيل مثل إمداد مصر هذه الدول بالوسائل التكنولوجية للاستفادة من مياه الأمطار والثلوج غير المستفاد منها، وإمداد البعض الآخر بالمحاصيل الزراعية التي تتحمل الجفاف، وتطهير المجاري المائية من الحشائش، وغيرها أوجه الاستفادة وتبادل المصلحة، وفي المقابل إمكانية حصول مصر على نسبة من هذه المياه الزائدة لدى هذه الدول.


وأشار خبير المياه بالأمم المتحدة، أن مشاركة مصر، من جهة أخرى، لتقريب وجهات النظر بين الجانبين المصري والإثيوبي، في حال أن تخلص إثيوبيا النوايا بعيداً عن التدخلات الدولية والإقليمية، حيث يجب التفريق بين الملف الإثيوبي وملف دول حوض النيل، فالملف الإثيوبي يمثل كارثة على مصر ، موضحاً أن ما تفعله إثيوبيا هو محاولة للسيطرة على كل نقطة مياه بالمجري النهري.


وأوضح فوزي ، أن التطور التكنولوجي في وسائل وخامات تثبيت الأجسام والقواعد المائية ، أمكن من إقامة سدود تزيد سعتها التخزينية عن 74 مليار متر مكعب، مؤكداً أن الجانب الإثيوبي لن يتراجع عن موقفه سوى بالحلول الدبلوماسية والتدخل الدولي لحل هذه الأزمة.


تغيير المسار 


فيما قال وزير الري الأسبق، محمد نصر الدين علام، إن تغيير المسار التفاوضي في هذه القضية الشائكة من فني إلى سياسي، عن طريق عودة المشاركة بمؤتمرات حوض النيل، وتحسين الأوضاع مع الدول الإفريقية، سيكون طوق النجاة لتخطي مصر عقبة أزمة السد الإثيوبي التي أصبحت محدقة، لأن إثيوبيا تسعى إلى مد أجل تنفيذ الدراسات الفنية الخاصة بالسد إلى عام ونصف العام، بعد أن تكون إثيوبيا أنتجت الكهرباء من السد بالفعل.


وأضاف علام أن أولى الخطوات حيال ملف السد الإثيوبى هي سياسية في المقام الأول، وهي استعادة الدور السوداني كشريك استراتيجي لمصر في ملف حوض النيل، من خلال التواصل القوي على المستوى السياسي وعلى أعلى مستوى، ثم يأتي الجانب الفني للوصول في أقرب وقت إلى أرضية ورؤية مشتركة واحدة في التعامل مع سد النهضة، من خلال تقليل السعة التخزينية للسد، بما يحقق الأهداف التنموية للجانب الإثيوبي، ويقلل من الأضرار التي ستقع على الجانبين المصري والسوداني.


وشدد الوزير الأسبق على ضرورة مطالبة الجانب الإثيوبي بالتفاوض للتوصل إلى توافق حول بديل هندسي أصغر للسد وسياسات التشغيل الملائمة وضمان سلامة السد الإنشائية، من خلال لجنة يتم تشكيلها من الخبراء المحليين والدوليين مع التزام الدول الثلاث بنتائجها.


وأوضح أنه يجب على مصر الاتفاق مع إثيوبيا على تحديد فترة زمنية للتفاوض لا تتعدى 6 أشهر، مع وقف إنشاءات السد حتى يتم انتهاء التفاوض، وإذا نجحنا في عقد مثل هذا الاتفاق، فمن الممكن بعدها بدء اجتماعات الفنيين، أما الآن فالسماح باستمرار الاجتماعات على هذا النحو النمطي لن يؤدي إلا إلى تحقيق الهدف الإثيوبي، وهو كسب الوقت وعدم إعطاء الفرصة للتفاوض الجاد".


وكان آخر ما توصلت إليه المفاوضات المصرية الإثيوبية، هو تحديد موعد جديد للمكاتب الاستشارية لإقامة دراسات نهائية للسد وهى الخطوة التي جاءت بعد تعثر المفاوضات بسبب إصرار الجانب الأثيوبى على رأيه، ولكن زيارة الرئيس عبدالفتاح السيسي إلى إثيوبيا جعلت تلك الخطوة ممكنة، ورغم عدم توقف المفاوضات الفنية، إلا أن هناك طرقا أخرى تمثلت في إقامة علاقات جيدة مع دول إفريقية قد يكون لها القرار في حالة عدم الوصول إلى اتفاق.