ماذا يستفيد حزب الله من وجوده في سوريا والعراق؟
في وقت تنعكس مشاركة حزب الله في الحرب السورية على الخلافات السياسية في لبنان، يثير تصريح أمين عام الحزب، حسن نصر الله، بوجود عناصر تابعة للحزب تقاتل في العراق ضد تنظيم الدولة الإسلامية (داعش)، تبرز تساؤلات حول توقيت هذا التصريح وتأثيره على الحوار الداخلي في لبنان.
في هذا الصدد يرى مراقبون أن وجود حزب الله في العراق وسوريا هو لمواجهة خطر يهدد لبنان، معتبرين أن الحوار السياسي اللبناني لا يمكن أن يتأثر بقرارات حزب الله ربطا بتوافق حول عدم الانجرار للصدام بين الأطراف، فيما يرى آخرون أن وجود حزب الله في العراق وسوريا تؤثر معنويا ولو بشكل غير مباشر على الوضع في لبنان، إضافة إلى ذلك، يعطي ذريعة لإيران وإسرائيل في التمدد أكثر على الخارطة العربية.
مواجهة الخطر
يقول المحلل السياسي اللبناني المقرب من حزب الله، غسان جواد، لـ"دوت مصر"، حول قضية وجود عناصر لحزب الله في العراق: "في الواقع السيد حسن نصر الله لم يعلن عن وجود قوات بقدر ما أعلن عن وجود عناصر، وهم حسب المعلومات كوادر يقومون بنقل خبراتهم لقوات الحشد الشعبي العراقي، وهو تواجد رمزي، مع العلم أن المنطقة فتحت على زلزال كبير وفوضى كبيرة".
ويرى جواد أن "حزب الله يرمي بثقله في بعض الأماكن من أجل مواجهة ما يعتبره خطرا على المنطقة وعلى لبنان المتمثل بالوحش التكفيري".
ويضيف "بخصوص الحوار اللبناني لا أعتقد أنه سيتأثر بل هناك سقفا سياسيا داخليا ينضوي تحته الحزب يتوجب فيه القفز فوق الملفات الخلافية والتأكيد على تبريد الأجواء وتهدئتها لأن لبنان مرتبط بالواقع الإقليمي ولا يمكن للاستحقاقات اللبنانية أن تحل دونما حل للاستحقاقات الإقليمية".
صدام مؤجل
ويؤكد جواد على أن الردود السياسية متوقعة من قبل الأطراف اللبنانية، لكنها تبقى ضمن سقف متفق عليه له علاقة بالحوار بين حزب الله والمستقبل"، ويوضح جواد وجهة نظره حول تصريحات زعيم حزب القوات اللبنانية، سمير جعجع، حول حزب الله ودوره في سوريا، بأنها مجرد رأي سياسي، معتبرا أن القوات طرف لبناني لديه فعالية في الشارع المسيحي، لكنه ليس حاكما على مستوى الجمهورية والكيان اللبناني، وبالتالي هذه رأي سياسي لم يؤثر على واقع الحوار.
وأشار جواد إلى نقطة بالغة الأهمية حسب وجهة نظره، بأن "حزب الله لديه قرار داخلي في عدم التورط في فتن وأيضا في المقابل تيار المستقبل لديه قرارات بعدم دفع البلد نحو الصدام، هذا التقاطع بين مع حزب الله وتيار المستقبل، المعطوف على تقاطع على تفاهم إيراني سعودي لمواجهة التطرف".
المشكلة إيرانية
في الجهة المقابلة يقول المحلل السياسي العراقي علي الكليدار، لـ "دوت مصر": "لا نستبعد أن يكون عناصر لحزب الله متواجدين في العراق، لأنهم حزمة واحدة في سوريا والعراق والآن في اليمن وهكذا، أنا أعرف أنه أيضا هناك في اليمن كان حزب الله يقاتل مع الحوثيين منذ فترة، وتم القبض على بعضهم من قبل الحكومة اليمنية السابقة".
ويتابع كليدار من القاهرة، أنه بالنسبة لحزب الله وغيره، تأتيه أوامر من الأم الكبيرة بالنسبة لهم (إيران)، فهي تدعم هذه الميليشيات كيفما تشاء سواء حزب الله أو الميليشيات الطائفية في العراق، أنا لا أستبعد أنهم موجودين في العراق فهم يقبضون رواتبهم من إيران بالتالي لا بد أن يطيعوا الأوامر".
الشحن الطائفي
ويؤكد كليدار على أن "الشحن الطائفي المتخلف الذي يقسم الشعوب والمسلمين، تستفيد منه إيران، فهذا الانشقاق مفيد لتستغل المسألة الطائفية وتتمدد، إيران تعامل العرب الشيعة معاملة ثانوية، هي كالأوروبيين، فهم يعاملون المسيحيين الشرقيين معاملة من الدرجة الثانية".
ويرى كليدار أن وضع العناصر الأجنبية القادمة إلى العراق خارج عن إرادة الحكومة العراقية، الميليشيات الإيرانية تتحكم بمفاصل الدولة، بالتالي حتى هذه اللحظة لا يستطيع أن يواجههم، فهم على معرفة بدور هذه الميليشيات والاغتيالات التي تقوم بها، ولكن لا يجرؤون أن يكشفوا أجوائهم للرأي العام ولا حتى أن يقف ضدهم".
رفض قاطع
من جانبه يقول عضو في التيار الصدري في العراق، أسامة التميمي لـ"دوت مصر": "بالنسبة لتواجد عناصر حزب الله في العراق نقول إن موقفنا واضح، كتيار وطني عقائدي لا يتدخل بأي شؤون خارجية أو شؤون مواقف الأحزاب الأخرى وحتى القادمين من الخارج، لكننا نرفض أن يكون هناك أي تدخل خارجي في العراق، ونرفض ذلك رفضا قاطعا، هذا موقف وهي خطوط عريضة بالنسبة لنا".
الصحفي في جريدة الشرق اللبنانية يحيى جابر، يتحدث لـ"دوت مصر"، حول دور حزب الله في سوريا والعراق بالقول: "أصبح من المعروف إنه لا يوجد فصل بين جبهة العراق وسوريا ولبنان، فالتحديات واحدة، والعناصر واحدة والإقليم واحد، واليوم لا يمكن أن تقدم مناعة للبنان إذا كانت سوريا تتعرض لمخاطر، وكذلك سوريا بالنسبة للعراق، هذه ميزة الربط بين المواقع الثلاثة".
قراءة موضوعية
وحول خطاب حسن نصر الله، يرى جابر أنه بغض النظر عن تفاصيل قراءة الخطاب أو كيف يقرأه أي آخر بموقع الخصوم السياسية، في النهاية لا يمكن تجاهل ذلك، ويقول: "لا شك أننا اليوم بحاجة للقراءة الموضوعية للأحداث، وهذه القراءة تحتم نسيان التفاصيل والخلافات والتركيز على التحديات الكبرى داخل كل المتضررين منها".
ويضيف: "لكي لا نبالغ حول عناصر حزب الله في العراق، مهما كان العدد فهو لا يستطيع أن يقدم شيء، هذه تعتبر مشاركة رمزية معنوية، لكن الجانب المعنوي هو الأساس في القضية".