قناة السويس.. من قراصنة الصومال للحوثيين "يا قلبي لا تحزن"
مع خفوت نجم قراصنة الصومال، الذين كانوا يشكلون خطرا داهما على حركة النقل البحري العالمي عبر مضيق باب المندب في اليمن، وبالتالي قناة السويس في مصر، منذ بداية التسعينات، والذين سجل عدد هجماتهم انخفاضا حادا منذ مايو/ آيار 2012، بفضل جهود قوة بحرية دولية، لاح في الأفق خطر جديد بات يهدد الممر الملاحي الأهم في العالم، ألا وهو "الحوثيون"، الجماعة المسيطرة على مفاصل صنعاء.
باب المندب.. كلمة السر
"باب المندب"، الذي يعد أهم المضايق المائية على مستوى العالم، حيث يشكل همزة وصل دولية للملاحة البحرية العالمية، زادت أهميته باعتباره مدخلا من مداخل البحر الأحمر، خاصة بعد افتتاح قناة السويس، وربط البحر الأحمر بالبحر المتوسط، وبات يؤثر من الناحية الأمنية والإقتصادية على عدة دول، فى مقدمتها مصر والسعودية وجيبوتى والسودان وإثيوبيا وإرتيريا.
الحوثيون.. الخطر القادم
وقد أثارت سيطرة جماعة أنصار الله "الحوثيين" المسلحة على اليمن، خاصة بعد اقتحام القصر الرئاسي بالعاصمة اليمنية صنعاء، جدلا كبيرا حول خطورة هذه الخطوة مستقبلا، في تفكير هذه الجماعة التي تعمل تحت غطاء شيعي بدعم إيراني، إذا ما اتجهت للسيطرة على المضيق.
وبحسب الخبراء، فإن خطر الحوثيين فى اليمن يهدد مصر، التي تستعد لافتتاح قناة جديدة موازية لقناة السويس، بشكل مباشر أكبر مما يسببه تنظيم "داعش" فى ترتيب التهديدات المباشرة للأمن القومى المصري، كما يهدد الأمن القومي العربي، حيث من المعروف أن إيران والشيعة سيكون لهم تأثير سلبيا على أمن صنعاء، وبالتالي كل الدول العربية المطلة على البحر الأحمر، حيث المنفذ الرئيسى لمرور البترول من دول الخليج إلى العالم.
التاريخ.. خير شاهد
وكانت القوات البحرية المصرية نفذت، خلال حرب أكتوبر 1973، حصارا بحريا على إسرائيل عن طريق إغلاق مضيق باب المندب في وجه الملاحة البحرية الإسرائيلية في البحر الأحمر، حيث كانت إسرائيل تستورد من إيران نحو 18 مليون طن من النفط عبر المضيق إلى ميناء إيلات لاستخدام جزء من النفط ثم تعيد تصدير الجزء الأكبر إلى أوروبا.
وخلال فترة الحصار، لم تدخل ناقلة نفط واحدة إلى خليج العقبة حتى 1 نوفمبر/ تشرين الثاني 1973، حينما سمح الرئيس المصري الراحل أنور السادات بدخول أول ناقلة نفط إسرائيلية مقابل إيصال الإمدادات إلى الجيش المصري الثالث المحاصر في شرق قناة السويس.
تطمينات.. وتحذيرات
وعلى الرغم من تواجد قوات دولية لحماية "باب المندب"، غير أن خبراء عسكريون مصريون لم يستبعدوا مضايقة الحوثيين لمصر في خاصرتها الجنوبية، واعتبروا سهولة دخول مسلحي الجماعة صنعاء وما حولها، وإحساسهم بالانتشاء والنصر، قد يدفعهم إلى مزيد من التقدم نحو الجنوب، طمعا في أن يصبح مدخل البحر الأحمر في أيديهم، ومن خلاله يمكن السيطرة على حركة التجارة.
ورغم أن إيران تعد مستفيدة من قناة السويس، إلا أن وجودها فى باب المندب سيعطيها مميزات معينة لدى مصر مثل الضغط السياسي أو الاستراتيجى لكى تتساهل مع طهران فى قضايا أخرى، وفى المقابل تغض القاهرة البصر عما تفعله إيران فى جزر الإمارات بالإضافة إلى مطامعها فى المضيق، بحسب الخبراء.
قناة السويس.. خط أحمر
المخاوف من خنق الملاحة البحرية فى قناة السويس والتحكم فيها، دفعت رئيس الوزراء المصري، المهندس إبراهيم محلب، للتأكيد على أن مصر لن تسمح بسيطرة الحوثيين على مضيق باب المندب، قائلا "لن نسمح بأي تهديد للأمن القومي المصري، ومصر قادرة على الرد بالطريقة التى تراها".
فيما أكد رئيس هيئة قناة السويس، الفريق مهاب مميش، على وجود قوة عسكرية جاهزة للتدخل فى حال إغلاق هذا المضيق من قبل أية جماعات متطرفة.
وفي تصريحات له على هامش مناورة "ذات الصواري"، مؤخرا، قال قائد القوات البحرية المصرية، الفريق أسامة الجندي، إن مصر تتابع الموقف في اليمن يوميا وتأثيره على مضيق باب المندب، وحذر من أن أية خطورة على الأمن القومي المصري سيتم التعامل معها طبقا للموقف، مشددا على جاهزية القوات البحرية لحماية المياه الإقليمية والمصالح الاقتصادية والسواحل المصرية في جميع الاتجاهات.
الحوثيون والقراصنة.. هل يتحدوا؟
ويحذر خبراء استراتيجيون من تنسيق واتفاقات محتملة بين الجماعات المسلحة باليمن، وشباب المجاهدين في جارتها الصومال الذين هددوا البحر الأحمر بالقرصنة في فترة ما، الأمر الذي يضاعف من خطرهما، خاصة مع امتلاك الحوثيين لصواريخ الكاتيوشا، وقاذفات الهاون، ومدافع ميدان 85 مم، ورشاش خماسى فولكان، ورشاشات 37 و23، ومدافع بى 10، والقناصات، ومضادات الدروع.