التوقيت الجمعة، 22 نوفمبر 2024
التوقيت 12:14 ص , بتوقيت القاهرة

لماذا تقتل كمجرم إن كان ممكنا أن تقتل كمسلم!

هل القتل قتل؟ لا. القتل إجرام في حالات، وبطولة في حالات، وطاعة لله في حالات، طاعة لله ترفع هذا الفعل إلى درجة ذروة السنام من هذا الدين.


هذا يسمونه "القتل في سبيل الله". والمعنى القتل المحول من خانة الإجرام، أو خانة المزاج الشخصي، أو الاستبداد، إلى خانة "في سبيل الله". هل القتل نفسه تغير؟ أبدا. هل أغراضه تغيرت؟ أبدا. ربما زاد بشاعة، لأنه صار عشوائيا، أو صار يستهدف أناسا بسبب ما ولدوا عليه. وهذا طبعا أسوأ ألف مرة من قتل بسبب نزاع شخصي.



السؤال التالي: ما الفرق بين الفظاعات التي نفذها التتار، وتربينا على النفور منها، وبين الفظاعات التي نفذتها جيوش الإسلام الأولى، وتحت قيادة سيوف الإسلام المسلولة، وحفظنا سيرتها مصحوبة بالتبريكات والمدائح؟ ما الفارق بين ذبح الأسرى على طريقة التتار، وذبح الأسرى على طريقة الصحابة؟


لا فرق، إلا أن الثاني دُرِّس لأجيال وأجيال على أنه "فتح مبين" ونصر مؤزر. رغم أنه كان قتلا كالقتل، وغدرا بالأسرى كالغدر، وتمثيلا وتحريقا كالتمثيل والتحريق.


لقد اكتشفت حين كبرت أنني واحد من تتار هذا العصر، أننا تتار هذا العصر، لكننا لا ندري.


في هذا السياق يأتي السؤال الثالث: في عصرنا الحديث، ما الفرق بين ما يفعله دكتاتور مجنون مثل هتلر، وما يفعله زعيم جماعة من الجماعات الإسلامية؟


هتلر وجد من يبرر له أفعاله باسم "التفوق العنصري"، لكنه بمجرد أن انهار انهارت البنية الفكرية الخاصة بالنازية. أما الجماعات الإسلامية فهي تقتل منذ قرون، وتجد من يبررون لها منذ قرون. ثم إنها تنهزم منذ قرون لكن البنية الفكرية للقتل لا تزال مستمرة، ومحتفى بها، ومسماة بأسماء غير اسمها الذي تستحقه، اسمها الوحيد الذي تستحقه - القتل. لماذا؟ هل سألنا أنفسنا؟


لأن القتل بأرضنا يتقدس.


الآن، منذ أمعن الإسلامجية المحدثون في القتل، انظروا إلى وضعنا. الإسلامجية، كالغزالي والقرضاوي، مشغولون بتبرير الجرائم، والمتعاطفون مشغولون بالعثور على مبررات للجرائم، أو تشتيت الأنظار عنها، ولا يمانعون في تسمية أئمة القتل والتحريض عليه بالشهداء (سيد قطب، حسن البنا، وأسامة بن لادن).



أما المعترضون فليسوا مشغولين بالضحايا، ليسوا مشغولين بالدفاع عن البشر ولا الخروج في تظاهرات تنديدا بما يحدث فيهم، بل مشغولون بالدفاع عن الدين، وكأن الدين هو الذي اعتدي عليه، وكأن الدين هو الذي يُتِّم أطفاله، وكأن الدين هو الذي انتهكت كرامته على مرأى ومسمع من الجميع. أو كأننا ونحن نعيش في سلام قرر البعض منا توجيه اتهامات إلى الدين والاعتداء عليه، لا أن أهل دين قرروا تهديد العالمين، تهديد المسلمين "العبيد" أو "النصارى الكفار" أو "اليهود والصليبيين".


لن نتحرك خطوة للأمام طالما نتعامى عن الأسباب الحقيقية للمشكلة.