التوقيت الجمعة، 22 نوفمبر 2024
التوقيت 10:13 م , بتوقيت القاهرة

ليالي قريش.. الليلة الرابعة

سيطرت خزاعة على البيت الحرام والْمَيَّة الجوفية ونظمت موسم الحج السياحي الموجود لـ حد دلوقتي، وتولت أعمال الرفادة والسقاية وخلافه، واستمر الوضع ده قرون. لكن زي ما بـ يقول زياد رحباني: "لازم في الآخر، فيه آخر" والآخر ده جه مع وفاة حليل الخزاعي، آخر "ملوك" القبيلة دي، وانتقال الأمر كله لـ قريش.


بعيدا عن الروايات التفصيلية لـ عملية الانتقال دي، فـ الوضع مع الوقت بقى إزاي؟


إلى جانب خزاعة، ظهرت قبائل تانية، والقبائل دي كبرت حبة حبة، وما بقتش خزاعة هي الوحيدة اللي عندها رجال وعتاد وتنظيم، ومن أهم القبائل دي ولاد النضر بن كنانة، والنضر ده أول واحد من ولاد عدنان ظهرت عنده الكاريزما، وجمع حواليه البشر، وفيه رواية عن النبي محمد بـ يقول فيها: "نحن بنو النضر بن كنانة".


النضر له ابن اسمه مالك، مالك له ابن اسمه فهر، يعني فهر حفيد النضر (فهر بن مالك بن النضر)، وفهر ده كان تاني محطة من محطات التجميع بعد جده، وفهر هو جد النبي، مش بس كده، ده كل "العشرة المبشرين بـ الجنة" أحفاد فهر بن مالك من بطون مختلفة، والطبري بـ يوصف فهر بـ إنه كان رئيس بين الناس في مكة.


حسان بن ثابت لم حب يوصف النبي وأصحابه وصفهم في البيت المشهور:


إن الذوائب من فهر وإخوتهم


قد بينوا سُنة للناس تُتبع


الترجمة:


الناس القمم (الذوائب) اللي هم ولاد فهر وإخواتهم، وضحوا سُنة للناس يتبعوها.


مش بس ظهور القبائل التانية وقوتها مع الزمن، لكن كمان انتباه القوى الدولية، خصوصا الشام القريبة، لأن المنطقة دي بقت مهمة لـ حركة التجارة الدولية، وظهورها بديلا لليمن، ولـ حد دلوقتي، وعلى حد علمي، لسه مفيش دراسة شافية مخصصة فقط لـ دراسة العلاقة السياسية بين الشام والجزيرة عبر التاريخ، لكن طبعا موجود كلام كتير في سياقات تانية، ومنها كتابات جمال علي الحلاق الكاتب العراقي اللي بـ يعيش في أستراليا، وهشام جعيط طبعا، وإشارات عند سيد القمني، ووافر المعلومات المتناثرة عند جواد علي.


عملية انتقال السلطة من الخزاعيين لولاد فهر حفيد النضر (قريش) حصلت زي ما قلنا مع وفاة حليل الخزاعي، وحليل ده كان له بنت اسمها حبى، اتجوزت شاب اسمه قصي بن كلاب، حفيد فهر (قصي بن كلاب بن مرة بن كعب بن لؤي بن غالب بن فهر)، وقصي فضلا عن إنه حفيد فهر والنضر، فـ هو ربيب الشام، تحديدا قبائل قضاعة.


والحكاية إن أم قصي خلفته من كلاب بن مرة، اللي اتوفى بعد ميلاد ابنه بـ شوية، فـ أمه اتجوزت راجل شامي، اسمه ربيعة بن خزام، وسافرت معاه من مكة، وخدت ابنها الشام من غير ما تقول له هو منين، واتربى في ديار قضاعة على إنه منهم.


الحكاية دي بـ تلفت انتباه الواحد، يعني ازاي ر اجل من الشام، ييجي مكة، ويتجوز واحدة عندها ابن من ولاد قبيلة مهمة، وياخدها ويسافر بيها؟ خصوصا إن ربيعة كان سيد في قومه.


ازاي هنا مش غرضها التعجب ولا الاستنكار، قد ما الواحد عايز يشاور على إن ده مفتاح لـ عمق العلاقات، اللي بـ توصل لـ حد المصاهرة على مستوى عالي زي كده.


بس طبعا، حكاية إن الأم ما تقولش لابنها هو منين دي، مكنش ينفع تستمر كتير، برضه في النهاية دول عرب، وحكاية النسب أساسية، واللوك لوك مش هـ يخلص، والست مش هـ تقدر تعزل ابنها عن الناس.


إيه اللي حصل، وازاي آلت الأمور لإنهاء الحكم الخزاعي على مكة؟


تابعونا