"عائدات الضرائب".. بوابة إسرائيل لابتزاز السلطة الفلسطينية
للشهر الثاني على التوالي، تعصف الأزمة المالية بالسلطة الفلسطينية بعد حجب السلطات الإسرائيلية للعائدات الضريبية المستحقة عن شهري ديسمبر ويناير الماضيين ضمن خطوات انتقامية اتخذتها حكومة بنيامين نتنياهو ضد السلطة الفلسطينية ردا على توجهها إلى مجلس الأمن الدولي وانضمامها إلى المحكمة الجنائية الدولية، وذلك بحسب محللون فلسطينيون.
انتخابات الكنيست
وقال محللون وسياسيون فلسطينيون إن الأزمة المالية للسلطة ستظل مرهونة بانتخابات "الكنيست" (البرلمان) الإسرائيلي المقررة في 17 مارس المقبل وتشكيل حكومة جديدة، مشيرين إلى بحث السلطة عن بدائل أخرى عبر الاقتراض من البنوك المحلية أو المطالبة بتفعيل شبكة الأمان المالية العربية.
وكانت حكومة نتنياهو قررت في مطلع يناير تجميد تحويل 500 مليون شيكل (نحو 125 مليون دولار) من العائدات الضريبية المستحقة للسلطة الفلسطينية عن شهر ديسمبر، كما حجبت دفعة جديدة من الأموال المستحقة عن شهر يناير تقدر بـ 400 مليون شيكل (نحو 100 مليون دولار) وهو ما أثر على قدرة السلطة على دفع رواتب الآلاف من موظفيها.
وتقدر هذه الايرادات بنسبة 44.36% من الميزانية السنوية للسلطة الفلسطينية البالغة 3.88 مليار دولار، وتمثل أكبر مصدر دخل فردي لخزانة السلطة.
ووفقا لبيانات صادرة عن وزارة ?المالية الفلسطينية فإن إجمالي "إيرادات المقاصة" بلغ 2.05 مليار دولار عام 2014 مقابل 1.691مليار دولار في 2013 بنسبة ارتفاع 16.7?.
ومن جانبه، قال الرئيس الفلسطيني محمود عباس أبو مازن، خلال افتتاح المقر الجديد لهيئة الإذاعة والتلفزيون في مدينة رام الله، إن من حق السلطة الذهاب إلى محكمة الجنايات الدولية ولن تساوم أو تتراجع عن الانضمام للمحكمة مقابل إفراج إسرائيل عن أموال الضرائب".
ليست الأولى:
ففي أعقاب فوز حركة حماس في الانتخابات التشريعية الفلسطينية في يناير 2006، أوقفت إسرائيل -ومعها المانحون الأمريكيون والأوروبيون -معظم المساعدات المباشرة لميزانية السلطة، ولم تستأنف تحويلات الضرائب إلا عقب سيطرة حماس على قطاع غزة في 2007 وتشكيل حكومة طوارئ في الضفة الغربية.
وكررت الحكومة الاسرائيلية في منتصف 2008 وقف تحويل عائدات الضرائب بذريعة الجهود الدبلوماسية الفلسطينية الرامية لتأليب الحكومات الأوروبية ضد إسرائيل، لكنها أفرجت عنها بعد ضغط دولي.
وفي نوفمبر 2011 حجبت التحويلات المستحقة للسلطة لمدة 4 أسابيع ردا على الجهود الفلسطينية للحصول على اعتراف دبلوماسي في الأمم المتحدة غير أنها استأنفتها بسبب الضغوط الدولية.
كما سارعت إسرائيل في ديسمبر 2012 إلى وقف جديد للتحويلات عقب حصول فلسطين على صفة دولة مراقب غير عضو في الأمم المتحدة، ثم استأنفتها عقب زيارة الرئيس الأمريكي باراك أوباما إلى المنطقة.
مواجهة قانونية
وتوقع وزير الخارجية رياض المالكي، في حديث مع الإذاعة الفلسطينية الرسمية، أن تدخل السلطة الفلسطينية في مواجهة قانونية مع إسرائيل خلال الفترة المقبلة، قائلا: "نتواصل مع كافة دول العالم ومؤسساتها لاستكمال الضغط على إسرائيل لتحرير الأموال".
وتبلغ فاتورة رواتب موظفي السلطة البالغ عددهم 170 ألف موظف ما بين 160 و170 مليون دولار شهريا.
ويطالب الفلسطينيون بتفعيل قرار القمة العربية بالكويت في 2010 بإقامة شبكة أمان مالية عربية قيمتها 100 مليون دولار، يتم تفعيلها في حال ضغطت إسرائيل على الفلسطينيين ماليا وحجبت إيرادات المقاصة الشهرية.
وقال وزير الاقتصاد محمد مصطفى في تصريحات صحفية إن يدرس امكانية إلغاء اتفاقية باريس لأنها أصبحت سيفا مسلطا على الاقتصاد الفلسطيني وتطوره وعلى الأوضاع المالية.
اتفاقية باريس
وتعد "اتفاقية باريس" الاقتصادية الموقعة بين منظمة التحرير الفلسطينية والحكومة الإسرائيلية في 1994 أحد ملاحق "اتفاق أوسلو".
ووفقا لمحللين اقتصاديين، فان الاتفاقية ساهمت في تحجيم دور السلطة الفلسطينية وعدم سيطرتها على المصادر الطبيعية والمعابر الحدودية وربطت الاقتصاد الفلسطيني المحدود بالاقتصاد الإسرائيلي القوي.
الوضع غير محتمل
في سياق متصل، حذر صندوق النقد الدولي من أن الوضع في الأراضي الفلسطينية قد يصبح غير محتمل مع تزايد مخاطر حصول إضرابات يمكن أن تؤدي إلى عدم استقرار سياسي بسبب تجميد تحويل أموال الضرائب.
وأوضح أن الاقتصاد الفلسطيني سجل انكماشا بنسبة 1% في 2014 وهو الأول منذ 2006، وذلك إثر الهجوم الذي شنته اسرائيل على قطاع غزة الصيف الماضي والتوترات السياسية المتزايدة في الضفة الغربية والقدس الشرقية.