التوقيت الإثنين، 23 ديسمبر 2024
التوقيت 08:14 ص , بتوقيت القاهرة

روسيا ليست الاتحاد السوفيتي

<p>زيارة الرئيس الروسي بوتين لمصر أثارت الحنين لدى بعض المثقفين لحِقبة الاتحاد السوفيتي ولمرحلة العلاقات المصرية السوفيتية في فترة الستينيات.</p><p>الحقيقة التي يجب أن نُدركها ونحن نضع الأسس لعلاقتنا الجديدة مع روسيا أنها ليست الاتحاد السوفيتى، وأن بوتين يختلف في الرؤية والتوجهات عن قيادات الحزب الشيوعي التي حكمت الاتحاد السوفيتي قبل انهياره.</p><p>أول نقاط الاختلاف تتعلق بالعلاقة مع الولايات المتحدة، فعلى عكس ما هو شائع في الإعلام المصريّ من أن روسيا تسعى للمواجهة مع الولايات المتحدة واستعادة القطبية الثنائية، فإن رؤية بوتين تقوم على إنشاء عالم متعدد الأقطاب، وأن تصبح روسيا أحد أقطاب هذا العالم الجديد.</p><p>وقد أعلن بوتين ذلك صراحة في فبراير 2007، عندما ذكر أن مرحلة القطبية الأحادية للولايات المتحدة قد انتهت وأن عالما متعدد الاقطاب قد بدأ يتشكل.</p><p>العلاقات بين روسيا والولايات المتحدة تجمعها عدد من المصالح والأهداف المشتركة منها الحد من انتشار الأسلحة النووية في العالم، ومكافحة الإرهاب، وتحتل الولايات المتحدة مكانة الشريك رقم 11 في تجارة روسيا الدولية.</p><p>وبالرغم من أن العلاقات بين البلدين قد تدهورت بعض الشيء في إطار الأزمة الأوكرانية وقامت الولايات المتحدة بفرض عقوبات على روسيا، إلا أن هناك إدراكا لدى البلدين لحقيقة أنه لا يُمكن حل العديد من المشاكل في العالم دون تعاون بينهما وخاصة القضايا المتعلقة بسوريا وأوكرانيا وإيران وأفغاستان.. وغيرها.</p><p>كما تقيم روسيا علاقة وثيقة مع العديد من حلفاء الولايات المتحدة وعلى رأسهم الاتحاد الاوربى، والذي يعتمد بشكل أساسي على واردات الطاقة وخاصة الغاز من روسيا. وفي نفس الوقت، فإنّ روسيا تعتمد أيضا بشكل أساسي على عائد صادرات الطاقة لأوربا. أي أن العلاقة تقوم على الاعتماد المتبادل. ونصف تجارة روسيا تذهب للاتحاد الأوروبى، وثلاثة أرباع الاستثمارات الأجنبية فيها تأتي منه.</p><p>نقطة الاختلاف الأخرى بين روسيا والاتحاد السوفيتي تتعلق بالموقف من إسرائيل. ووفقا لتصريح وزير الخارجية الروسي سيرجى لافروف " السياسة الروسية ليست منحازة للعرب أو لإسرائيل، ولكنّها تستهدف تحقيق المصالح القومية الروسية ومنها الحفاظ على علاقات صداقة مع العرب وإسرائيل".</p><p>وقد تضاعف حجم التجارة بين روسيا وإسرائيل في عهد بوتين. ومنذ عام 1989 هاجر أكثر من مليون يهودي من الاتحاد السوفيتي السابق إلى إسرائيل، يمثلون الآن ما يقرب من 20% من السكان، وأصبح هؤلاء حلقة تواصل أساسية بين البلدين، ومعظمهم يحمل جنسية مزدوجة. كما تم إلغاء تأشيرات السفر للبلدين.</p><p>وقد ازداد التعاون بين روسيا وإسرائيل في السنوات الأخيرة ليتضمن الصناعات الثقيلة، والطيران، والطاقة، واحتل موضوع مكافحة الإرهاب مكانة هامة في العلاقات بين البلدين وخاصة مع تصاعد هجمات الشيشان.</p><p>الخلاصة، هناك مساحة كبيرة للتعاون بين مصر وروسيا في العديد من المجالات، وخاصة التسليح، والطاقة النووية للأغراض السلمية، والسياحة والزراعة ومكافحة الإرهاب.. وغيرها.</p><p>ولكن علينا أن ندرك أن علاقتنا الجديدة مع روسيا يجب أن تقوم على أسس واقعية، وأن نُدرك أنها قد ورثت عن الاتحاد السوفيتي قدراته النووية، ولكنّها تخلّت عن كثير من توجهاته في مجال السياسة الخارجية.</p><p><br /> </p><p> </p><p> </p>