زيارة ملك المغرب إلى فرنسا.. هل تنهي خلاف البلدين؟
واجهت العلاقات المغربية الفرنسية، توترا شديدا خلال الفترة الماضية، لتتحول العلاقات الطيبة التي تجمع بين البلدين، إلى سلسلة من المشكلات، ويزور العاهل المغربي الملك محمد السادس باريس غدا الاثنين، ليلتقي الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند، كما ورد عن وكالة "رويترز"، ومن المتوقع أن تكون هذه الزيارة خطوة إيجابية في طريق إعادة العلاقات بين البلدين.
مصالح مشتركة
دائما ما كانت فرنسا هي الشريك التجاري، الأكبر للمغرب حيث تجمع المصالح التجارية المشتركة بين البلدين منذ القدم، وفي عام 2012 بلغ حجم التبادل التجاري بين البلدين، نحو 8 مليارات يورو، ففرنسا هي أكبر مستورد من المغرب، وحازت على 22.6% من حجم الصادرات المغربية خلال نفس العام، بحسب ما ذكر موقع "الدبلوماسية الفرنسية".
ظل المغرب الوجهة الأولى للمستثمرين، ورجال الأعمال الفرنسيين، بحسب ماذكره الموقع، حيث توجد بالمغرب، أغلب العلامات التجارية الفرنسية، وعملت جميع شركات المقاولات الفرنسية، على إنشاء فروع لها بالمغرب، حيث وصل عدد المقاولات الفرنسية إلى 750 شركة.
وعلى المستوى الاجتماعي، فإن الجالية المغربية في فرنسا واحدة من أكبر الجاليات الأجنبية المقيمة هناك، وأكثرها اندماجا في المجتمع الفرنسي، ما يشكل أحد الملامح الكبرى للتبادل الحضاري والإنساني بين البلدين، كما ورد بموقع "فرانس 24"، إضافة إلى أن عدد الفرنسيين المقيمين بالمغرب، يتزايد عاما بعد آخر.
على الصعيد السياسي، كان الملك محمد السادس، هو أول رئيس دولة يدخل قصر الإليزيه، بعد انتخاب الرئيس الفرنسي، فرنسوا هولاند في مايو/ أيار 2012، ويشير ذلك إلى أهمية العلاقات السياسية بين البلدين وضرورة التعاون الإستراتيجي والدبلوماسي بينهم.
تدهور العلاقات
بدأت العلاقات الفرنسية المغربية في التدهور، على خلفية قضية مدير الاستخبارات المغربية، عبد اللطيف حموشي، الذي استدعاه القضاء الفرنسي، خلال وجوده بباريس، للاستماع إليه في قضية تعذيب، كما جاء بوكالة "رويترز".
وقدم بطل الملاكمة السابق، زكريا مومني، شكوى ضد حموشي، بحسب ما أعلنه محاميه الحقوقي باتريك بودوان، وقال مومني إنه "شاهد حموشي خلال إحدى جلسات التعذيب، التي يزعم أنه تعرض لها، في مركز الاعتقال بمدينة التمارة، التابع لجهاز مراقبة التراب الوطني".
تفتيش وزير الخارجية المغربي
وفي وقت كان يعتقد فيه البعض، أن الرباط وباريس مجبرتان على إيجاد حلول لاستئناف التعاون بينهما، وقعت أزمة جديدة بين البلدين بعد شهر فقط من الأولى، فبحسب ما جاء بموقع "سكاي نيوز" الإخباري، تعرض وزير الخارجية المغربي، صلاح الدين مزوار، إلى تفتيش وصفته المغرب بـ"المهين"، في مطار شارل ديجول، الدولي في مارس/ آذار الماضي، حين طلب شرطي الحدود من الوزير خلع حذاءه وحزامه، على الرغم من تقديمه جواز سفر دبلوماسيا لشرطة الحدود.
اقتحام غرفة جنرال مغربي
ازدادت العلاقات بين البلدين تعقيدا في يونيو/ حزيران 2014 عندما تمكن الضابط المغربي السابق، مصطفى أديب، ضابط معاد للنظام الملكي، من الدخول إلى الغرفة التي كان يعالج فيها مصطفى بناني، أحد الجنرالات المغربيين، وترك له رسالة قدح وذم، ما أثار غضب السلطات المغربية للغاية، كما أشار موقع "فرانس 24".
المغرب يفضل اليمين عن اليسار
يرى المتخصص في شؤون منطقة المغرب، جورج موران، أن هذه الأزمات الصغيرة ليست جديدة، بل بدأت تظهر منذ وصول اليسار إلى السلطة بفرنسا في 2012، كما جاء بموقع "فرانس 24"، مضيفا أن ما عقد الأمور بين البلدين، هو أن "الرئيس الفرنسي فرانسوا أولاند مقرب جدا من الجزائر".
وقال موران للموقع: "المغرب كان يفضل دائما اليمين على اليسار، لأنه يشعر بأنه قريب من القيم التي يدافع عنها هذا التيار السياسي"، والجدير بالذكر أيضا أن العلاقات لم تكن دائما على ما يرام، بين الرباط وباريس، في عهد الرئيس الراحل ميتران، والدليل أن زوجته كانت من المساندات لجبهة "البوليساريو" الانفصالية بالمغرب.
تركيا وليس فرنسا
نشر موقع "هسبرس" المغربي، نقلا عن صحيفة إسبانية، تقريرا حول سفر الملك محمد السادس، لقضاء عطلته بدولة تركيا، برفقة زوجته وأبنائه، متسائلة عن الأسباب التي جعلت ملك المغرب، يفضل الذهاب لتركيا بدلا من فرنسا، التي كانت وجهته المعهودة لقضاء عطلاته الخاصة.
وأضافت الصحيفة، أن هذه الوجهة لم تكن محض صدفة، كما يدور في الأوساط الدبلوماسية المغربية، فقد جاءت لتعبر عن عدم رضا الملك محمد السادس تجاه فرنسا، ورئيسها فرانسوا هولاند.
زيارة مرتقبة
ويتوجه الملك محمد السادس إلى قصر الإليزيه غدا الاثنين، لاحتواء التوتر الدبلوماسي بين المغرب وفرنسا، والمستمرة منذ نحو عام بحسب، ما ذكر موقع "فرانس 24"، وكان البلدان أعلنا في بيان مشترك نقلته وسائل الإعلام، في 31 يناير/ كانون الثاني، أن باريس والرباط قررتا طي الصفحة عبر استئناف التعاون القضائي، وكذلك في جهود مكافحة الحركات الجهادية.
وأصدر رئيس الوزراء الفرنسي، مانويل فالس، بيانا أمام الجمعية الوطنية قبل أسبوعين، أكد فيه أهمية الصداقة والعلاقات الوثيقة بين البلدين، إضافة إلى ضرورة الخروج من هذه الأزمة، التي نشبت عن سلسلة مما أسماه على حد تعبيره بـ"سوء الفهم".