التوقيت الجمعة، 22 نوفمبر 2024
التوقيت 10:51 ص , بتوقيت القاهرة

ولا صحيح الإسلام ولا غلطه

يا عم، والختمة الشريفة ما فيه حاجة اسمها "صحيح الإسلام"، علشان داعش تمثله أو لا تمثله. مفيش حاجة، كويسة أو وحشة، داعش متطابقة معاها أو مختلفة معاها.


الإسلام بقاله 1436 سنة، كل سنة منهم بـ تحصل حاجات في عشرات الأماكن، وعلى عشرات المستويات، وكله بـ يؤثر في تشكيل مفهوم الإسلام بالنسبة للناس اللي عايشين في الزمان ده والمكان ده.


لما بـ اسمع عبارة زي: "داعش لا تمثل صحيح الإسلام" بـ احس إن فيه فهم عام كده إن الإسلام هو ترعة لها مجرى واضح محدد، ومسيرة معروفة. أو زي ما يكون فيه كتاب اسمه الإسلام، إحنا بس المفروض نقراه، ونعرف إيه اللي فيه.


لكن الإسلام بالنسبة لي زي نهر النيل كده، أكتر من منبع وأكتر من مصب، وكان فيه مصبات واختفت، وكان فيه منابع، وعملوا عليها سدود، وبعدين اتعمل سد ف نصه كده حاش المية، وغير طبيعته وتربته. نهر النيل كبير جدا ومعقد ومتشعب، وطلع منه ترع، ما تقدرش تقول إنها نيل، وما تقدرش تقول إنها مش نيل، وفيه ترع كانت كبيرة واتردمت.


نهر النيل في أثيوبيا غير في رواندا غير في السودان (السودانين) غير في مصر. وف مصر نيل أسوان مش هو نيل القاهرة، مفيش حاجة اسمها "النيل" في المطلق كده.


لما بتقول كده، بيبقى الرد: أيوة، بس المتعارف عليه كذا، أو المتفق عليه، أو الأغلبية، أو أي تعبير تاني، يدي معنى إن الموضوع فيه رئيسي، وفرعيات. فيه متفق عليه وشوية مختلفين، فيه قاعدة وفيه شواذ.


لكن حتى ده مش موجود، ولو رجعنا لمثال النيل، هـ نلاقي سكان كل منطقة بـ يبصوا للأمر على أن "طبيعة" النيل هي اللي بـ يشوفوه كل يوم، وإن اللي بيسمعوه عن النيل في حتت تانية هو الاستثناء، دون اعتبار لأن الناس في الحتت التانية عندهم نفس الرؤية.


ولذلك أقترح إن صيغة السؤال تبقى: داعش 2015 شايفين المسألة ازاي؟ السلفيين في مصر 2013 شايفين الموضوع ده ازاي، أو الأشاعرة في القرن التالت الهجري شايفينه إزاي؟ أو القرآنيين بيتعاملوا ازاي؟ وهلم جرا.


ومن فترة كنت عملت مقارنة بين الأصوليين في التمانينات والتسعينات ودلوقتي، وقلت إنهم كانوا وقتها بيحرموا الكاميرا مطلقا، النهارده بسم الله ما شاء الله، مش بيقوموا من قدام الكاميرات، وأهم بدؤوا يستخدوها بـ احترافية لـ تسويق عملياتهم، ده مجرد مثال، وفي الحالتين بيتكلموا عن حكم التصوير (في الإسلام).


مجرد مناقشة إن داعش، وقاعدتها الجماهيرية، تمثل صحيح الإسلام ولا لأ، بـ تضيع علينا فرص كبيرة لمناقشة حياة الإنسان من خلال مواطن بـ يعيش في دولة، وبـ تخلينا ندخل في دائرة مفرغة من تصورات هلامية حوالين حاجات مش في إيدينا. كمان بـ يحرمنا من فرصة وجود نسخ عصرية من الإسلام تحترم العصر اللي إحنا عايشين فيه وآلياته.


ولما بـ أقول "قاعدتها الجماهيرية"، فأنا قصدي ده، داعش نفسها مش مهمة رغم فظاعة ما يرد عنها، ولو فية ذرة نية عند أي طرف من أطراف الصراع إيران ولا أمريكا ولا الخليج إنهم يقضوا عليها، هـ يفعصوها، بس محدش عنده الرغبة، مش مش قادرين، مش عايزين.


المشكلة لما الأفكار دي بـ تتصدر للقواعد الجماهيرية في أسيوط والحجاز وسبتة ومليلة وطرابلس ووهران، ساعتها كل بلد هـ يبقى فيها داعش صغيرة عاملة زي العقربة شكلها صغير وتافه بس لسعتها والقبر.


علشان كده، مش عيب لما نقول إن داعش هي نسخة من الإسلام، نسخة من آلاف النسخ، نسخة تخص أصحابها، لكنها وبحسم مرفوضة على معيار تاني، وهي معيار القرن الـ 21، ده إذا كانت الناس فعلا عايزة تواجهها، إذا.