غضب محلي ودولي واسع ضد أحكام "قاضي دومة"
أثار الحكم الصادر أمس الأربعاء، من محكمة جنايات القاهرة، برئاسة المستشار محمد ناجي شحاته، بالسجن المؤبد لـ 229 متهما، بينهم الناشط السياسي أحمد دومة، والمسئول الإعلامي بمركز هشام مبارك للقانون هند نافع، وتغريمهم سبعة عشر مليونا وستمائة وثماني وأربعين ألفا وثمانمائة وثمانية عشر جنيها، والسجن لمدة 10 سنوات لـ39 متهما من الأحداث القصر، وذلك في القضية المعروفة إعلاميا "بقضية مجلس الوزراء"، ردود فعل غاضبة واسعة على المستويين المحلى والدولى.
دوليا
وصفت منظمة العفو الدولية، فى بيان اليوم الخميس، الأحكام بأنها "هزلية". وطالبت المنظمة الدولية بالإفراج الفوري عن كافة المحكوم عليهم في القضية، ومن بينهم أيضا 39 قاصرا حكم عليهم بالسجن عشرة أعوام.
من جانبه طالب الاتحاد الأوروبي، مصر الالتزام بتعهداتها الدولية لدعم الحق في محاكمة عادلة وحماية العملية القانونية، وقال المتحدث باسم الممثلة العليا لشؤون الاتحاد الأوروبي، مايكل مان، إن الأحكام الجماعية لـ 230 متهما و39 من القصر تنتهك التزامات مصر الدولية في مجال حقوق الإنسان.
محليا
وعلى المستوى المحلى أصدرت 17 منظمة حقوقية بيانا مشتركا اليوم الخميس، وصفت فيه الحكم بـ"الجائر". وأكدت المنظمات وعلى رأسها مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان والمبادرة المصرية للحقوق الشخصية والمركز المصري للحقوق الاقتصادية والاجتماعية، أن مثل تلك المحاكم وأحكامها الجائرة أظهرت القضاء المصري كخصم –وليس حكمًا– يفرط في توقيع أقصى العقوبات، ويهدر أقل ضمانات العدالة، حسب المنظمات.
وطالبت المنظمات المجلس الأعلى للقضاء لما له من مكانة وسلطة أدبية على القضاء في مصر بالتدخل لوقف مسلسل انهيار منظومة العدالة المستمر، وإيجاد سبل لإصلاحها، أهمها أن ينأى القضاء بنفسه عن الدخول في الصراع السياسي، والالتزام بتحقيق العدل.
من جانبها دانت الشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان، فى بيان أمس الأربعاء، الحكم ووصفته بـ"المجحف"، واعتبرت الحكم صادر ليعاقب مواطنين على مشاركتهم في أحداث ثورة يناير، يوضح الانحراف الخطير عن المسار الديمقراطي والارتداد على مطالب الثورة الشعبية، لاسيما وأنه أتى بعد سلسلة من أحكام البراءة في حق مبارك ورموز نظامه.
أما البرنامج العربى لنشطاء حقوق الإنسان، فى بيان منفصل له اليوم، أكد أن المحكمة لم يتوافر لها مقومات المحاكمة العادلة، وإن كانت قد استوفت الإجراءات الشكلية بانتداب محامي عنه، إلا أنه لم يتمكن من تقديم دفوعه، وأكدت وجود مبدأ أساسي وهو أن "القاضي لايحكم وهو غضبان"، حسب البيان.
تدخل رئاسى
ووصف مدير المنظمة العربية للإصلاح الجنائى، محمد زارع، الحكم بأنه "قاسي جدا" خاصة أن الناشط احمد دومة، معروف بوطنيته، قائلا :"لا يمكن أن أصدق أن دومة يحرق أو يخرب أو يكسر".
وأبدى زارع فى تصريح لـ"دوت مصر" أمله في القضاء المصري، من خلال تعديل الحكم في مرحلة النقض، خاصة أن الحكم يعطى انطباعا بأن "دومة" كان الطرف الثالث، مطالبا برئيس الجمهورية بالتدخل وأن يكون مخرجا لحل هذه القضية، على غرار تدخله فى قصية "صحفيى الجزيرة".
تعبير عن حالة
ويرى المدير التنفيذي للمفوضية المصرية للحقوق والحريات، محمد لطفي أن الحكم يعبر عن الحالة التي وصل إليها التعامل مع القضايا المتهم فيها نشطاء محسوبون على ثورة 25 يناير، وكأن هناك استخداما للقضاء في محاسبة من وقفوا وخرجوا في مظاهرات ضد المجلس العسكري- إبان حكمه عقب الثورة حتى تسليم الحكم يونية 2012.
وقال لطفي في تصريح خاص لـ"دوت مصر" إنه كان من المفترض أن يتدخل المجلس الأعلى للقضاء في القضية، بعد قرار مجلس نقابة المحامين بمنع حضور المحامين أمام الدائرة التى يترأسها المستشار ناجى شحاتة، لحل هذه الأزمة، لكنه لم يتدخل.
الخطوات القانونية
وفي السياق قال عضو جبهة الدفاع عن المتهمين، مدير شبكة المحامين بالمركز المصري للحقوق الاقتصادية والاجتماعية، مالك عدلي، متهكما على الحكم:" المحاكمة لم تشهد خللا لكن الخلل شهد محاكمة، وبالتالي لا يمكن أن نسميها محاكمة بل مهزلة".
وأضاف عدلي في تصريح خاص لـ "دوت مصر" أن الكثير من أوراق القضية كانت غير موجودة، ولم تقدم إلى المحكمة، وليست موجودة لدى النائب العام والمدعي العام العسكري، رغم قيدها رسميا في حوزتهم.
وقال المحامى إن المحاكمة شهدت العديد من الخلل مثل منع المحامين عدة مرات من دخول المحاكمة، وصدور الحكم فى غياب محامى "دومة"، نظرا لوجود قرار من مجلس نقابة الصحفيين بعدم مشاركة أي محامى في هذه الدائرة التي يترأسها المستشار محمد ناجي شحاتة .
تابع عدلى:" قاضى المحكمة- في إشارة إلى المستشار ناجى شحاتة، صرح موقفه قبل ذلك من المتهمين، ومعروف بتعاطفه مع قوات الجيش والشرطة وهم الطرفان المتهمان في القضية، كما أنه معروف بترهيبه للمحامين، مضيفا أنه من العيب أن يصدر حكم في قضية تتجاوز عدد أوراقها 100 ألف ورقة دون وجود محامي للمتهمين".
وعن الخطوات القانونية قال عدلي إن جبهة الدفاع ستقوم بنقض الحكم، وبعد قبوهل سيتم إعادة المحاكمة، موضحا أنه في حالة تأييد الحكم ستكون الخطوة المقبلة إلى المحكمة الإفريقية.