حوار| سفير بغداد بالقاهرة: نبوءة العراق تحققت في سوريا
قال سفير العراق لدى مصر ومندوبه الدائم في جامعة الدول العربية ضياء الدباس، إن بلاده تبذل جهودا كبيرة في مكافحة "إرهاب داعش"، وستتمكن قريبا من القضاء على وجود التنظيم، داعيا إلى تضافر الجهود العربية والإقليمية في هذا الصدد، وأشاد باستضافة مصر للقمة العربية المقبلة في مارس/ آذار، مؤكدا مشاركة بلاده في المؤتمر الاقتصادي الذي تنظمه مصر في الشهر نفسه، وتحدث عن تفاصيل كل هذه الأمور وغيرها مع "دوت مصر" في هذا الحوار..
ما جديد العراق في الحرب على "داعش"؟
القوات العراقية تبذل جهودا كبيرة في مكافحة "إرهاب داعش"، وستتمكن قريبا من القضاء على وجود التنظيم، لكنني أشير إلى أنه أصبح واضحا للعيان الآن جدوى تحذيراتنا الدائمة من نشاطات المجاميع الإرهابية، ولماذا كنا نتوجه ونخاطب أشقاءنا قبل غيرهم بأن يمدوا يد العون لنا لمكافحة الإرهاب وتجفيف منابعه المالية، وما معه من وسائل إعلام تروج له، وكذلك إيقاف فتاوى ودعاوى التكفير التي يتغذى منها هذا الفكر ويخدع الكثير من الشباب لتجنيدهم في صفوفه.
وما حذرنا منه حدث في سوريا، إذ تمكن "داعش" من التوغل في سوريا مستغلا ضعف قبضة الدولة على أراضيها التي أصبحت مرتعا للحركات الجهادية، التي بدأ تأثيرها يمتد إلى دول المنطقة.
أي أن نبوءة العراق تحققت في سوريا؟
بالتأكيد، وهذا هو الخطر الدائم الذي كنا نحذر منه، وهو ما حدث فعلا. والآن فإن "داعش" قد سيطر على حقول نفطية، وعلى مدن ومناطق كبرى وأخذت تفرض الضرائب والجبايات حتى أصبح لديها إمكانيات لكسب ثورة إضافية، ولتجنيد أفراد إضافيين من خلال إخضاعهم في مدن بها كثافة سكانية، مثلما يحدث في مدن سورية عديدة، وفي الموصل وصلاح الدين بالعراق.
وما الآلية التي يمكن التعامل بها مع هذه التنظيمات إلى جانب المواجهة العسكرية؟
التعامل العسكري وحده لا يجدي، ومكافحة الإرهاب يجب أن تكون وفق إستراتيجية تقضي عليه بالكامل، من خلال محاربته فكريا وهذه الجهود تقع على عاتق المسلمين، باعتبار أن هذه المجاميع الإرهابية ترفع شعار الإسلام وتتحدث باسمه، إضافة إلى تجفيف منابع الدعم المالي ومحاربة الإعلام الذي يروج له، فلا بد من قطع شبكة اتصالهم الممتدة في كل العالم الآن، وهذا يتطلب جهدا عالميا، فالمقاتلون في صفوف "داعش" ينتمون إلى أكثر من 80 جنسية عربية وأوروبية وأمريكية.
أشرت في حديثك إلى "الإعلام الذي يروج لهم" فأي إعلام تقصد؟
أتحدث بشكل عام، سواء مشايخ أو فضائيات أو مواقع إلكترونية، فكلها وسائل إعلام في خدمة هذه المجاميع الإرهابية، ونحن نرى كيف أنهم يستطيعون من خلال الشبكة العنكبوتية، وشبكات التواصل الاجتماعي يستطيعون تجنيد الكثير من الشباب من مختلف أنحاء العالم.
هل الدور العربي الراهي كاف لمواجهة الإرهاب في الوقت الراهن؟
المعالجات الكاملة هي المطلوبة الآن، وقد تولدت لدى الجميع قناعة بأن الجميع مستهدف من الإرهاب الأسود، ومن كان في السابق يتصور أنه في منأى وساعد بشكل أو آخر أو تغاضى عما يجري، فقد تيقن الآن أنه واهم، وأن دولة الخلافة المزعومة هي دولة لا حدود لها، وأن هناك أطراف من كل دولة ينتمون لنفس الفكر، بل وتوجد دول أيضا هي في واقعها حاضنات كبيرة لهذا الفكر، بسبب طبيعة معينة، ولذلك فإنها الآن أكثر جدية من السابق، لكن تبقى المعالجات الجماعية مسألة مهمة جدا، ونحن الآن نؤمن بأنه لا يمكن لأي دولة بمفردها أن تكافح هذا المد الإرهابي.
ماذا عن واقع العلاقات المصرية العراقية وبخاصة في ضوء زيارة العبادي الأخيرة إلى القاهرة؟
زيارة رئيس الوزراء العراقي حيدر العبداي إلى مصر، كانت ناجحة ومهمة على جميع الأصعدة، وجاءت في هذا التوقيت المهم لتؤكد على أن هذه المرحلة تستدعي وتتطلب من البلدين التعاون في مجالات واسعة جدا. ونحن نسعى للاستفادة من الخبرات المصرية في مجال التدريب والتسليح، وكذلك على المستوى الاقتصادي، إذ إننا ندرك قيمة العامل الاقتصادي في تنمية العلاقات وتعزيزها، فالعراق صحيح بلد غني إلا أنه زج به في حروب طويلة من قبل النظام السابق، دمرت بناه التحتية، وجعلته في حاجة إلى إعادة بناء في كل المرافق، لذا نسعى للاستفادة من الإمكانيات والخبرات التي تمتلكها مصر للمساهمة في مشاريع إعادة الإعمار، وكثير من مجالات التعاون الأخرى.
والتعاون العسكري.. هل هناك اتفاقيات محددة بين البلدين؟
الجانب العراقي أبدى رغبته في التواصل من أجل الحصول على تدريب عسكري لقواته على أيدي الخبراء المصريين، والجانب المصري بدوره أبدى استعداده لذلك، والآن اللجان المختصة تواصل عملها لتنفيذ الاتفاقات، والتفاهم على مجالات التعاون التي يمكن أن تحققها مصر للعراق في هذا الجانب.
وهل تحددت مواعيد أو آليات لبدء التدريب؟
هذا يجري بحثه، والاتصالات جارية بين الجانبين المصري والعراقي لتحقيق هذا.
وماذا عن اللجنة العليا المشتركة بين البلدين؟
من الأشياء الهامة التي بحثها العبادي في القاهرة، إعادة تفعيل اللجنة العليا المشتركة، العراقية المصرية، وهذه ستكون منطلقا هاما جدا للعلاقات بين البلدين بمختلف مجالاتها، وتوقيع العديد من مذكرات التفاهم والاتفاقيات. وجرى الاتفاق مبدئيا على أن يكون اجتماع اللجنة العليا المشتركة في الربع الأول من هذا العام في بغداد، ونحن نتطلع بتفاؤل إلى عملها.
كيف ترى استضافة مصر للقمة العربية بعد 15 عاما من غيابها عن القاهرة؟
لا يخفى على أحد أهمية دور مصر الكبير عربيا وإقلييميا ودوليا، لذا فإن انعقاد القمة في القاهرة له معنى و مغزى خاص، بعد التحولات التي جرت في مصر واستعادتها لدورها الريادي العربي الآن، فالأنظار كلها تتطلع لأن تكون القمة العربية في دورتها 26 انطلاقة جديدة لدور مصر العربي، ونحن ننتظر من هذه القمة الكثير من مواقف ومشاريع تصب في اتجاه توحيد الصف العربي أكثر، وبخاصة في مجال مكافحة الإرهاب، وفي ما يتعلق بالقضية الفلسطينية.
وما هي أطروحات العراق في القمة العربية المقبلة؟
العراق لا يخرج عن الإجماع العربي، وهو دائما معه ومع تحقيق المصالح العليا لهذه الأمة، سواء على مستوى العلاقات العربية، أو عبر العمل العربي الجماعي المشترك في الدفاع عن قضايانا ومصالحنا. فإلى جانب مكافحة الإرهاب، موقف العراق واضح بدعم إقامة دولة فلسطينية، وحل المشكلات البينية التي تعاني منها بعض الدول العربية.
القمة تتزامن مع الذكرى 70 لتأسيس الجامعة العربية بمشاركة العراق.. ماذ تقول في ذلك؟
الجامعة بعد هذه المسيرة الطويلة هي كيان جامع لهذه الأمة، والعرب عموما ينتظرون منها الكثير، لذلك نحن نتمنى بعد مرور 70 عاما على تأسيسها، أن تقف وقفة مراجعة جدية لتحديث الكثير من متبنياتها لكي تستطيع مواكبة العصر، وأيضا أن تحل المشكلات الجسيمة التي تعاني منها شعوبنا العربية، وأن تكون بالمستوى القادر على تحقيق طموحات هذه الأمة.
وهل ملف تطوير الجامعة الذي يجري إعداده الآن يحقق هذه الأمنية؟
لو سار بالشكل المعبر عن طموحات الشعوب العربية، بأن ينقل الجامعة إلى مصاف الهيئات الدولية ذات الفعل الحقيقي في المجتمع الدولي، بالتأكيد سيكون شيئا مرحبا به ومطلوبا.
ماذا عن مشاركة العراق في المؤتمر الاقتصادي بمصر مارس المقبل؟
العراق تلقى دعوة بالفعل، وسنشارك في القمة ونحن نتابع ذلك مع الجانب المصري، وسنكون حاضرين لأن أهدافنا أيضا تصب في إطار رؤيتنا لمصر القوية اقتصاديا و وأمنيا وعسكريا، فقوتها هي قوه لنا أيضا، وبالتالي فإننا نسعى للمشاركة في أي جهود تصب في تحقيق هذا الهدف.