التوقيت الثلاثاء، 05 نوفمبر 2024
التوقيت 11:28 ص , بتوقيت القاهرة

على ماذا استند داعش "شرعيا" في حرق الكساسبة؟

<p dir="RTL">نشر تنظيم "داعش"، أمس الثلاثاء، فيديو لعملية إعدام الطيار الأردني معاذ الكساسبة حرقا، وسارعت الدول والمؤسسات الدينية المختلفة لإدانة الحادثة، والتي أكدت أن الإسلام ونبيه رفضا الحرق كعقاب، واستندت أغلب الردود إلى موقف روي في سنن أبي داود عن عبدالرحمن بن عبدالله عن أبيه قال: (كنا مع رسول الله، صلى الله عليه وسلم، في سفر ورأى قرية نمل قد حرقناها، فقال: من حرق هذه؟ قلنا: نحن، قال: إنه لا ينبغي أن يعذب بالنار إلا رب النار).</p><p dir="RTL">لكن داعش والمواقع التكفيرية سرعان ما بدأت في نشر الاستنادات الشرعية التي اعتمدوا عليها في إعدام الكساسبة حرقا، والتي أصلوها من تأويلات واجتهاد وأفعال بعض الصحابة، كما ساقتها إليهم كتب التراث.</p><p dir="RTL" style="text-align: justify;"><strong><span style="color:#FF0000;">فماذا قال داعش؟</span></strong></p><p dir="RTL" style="text-align: justify;">قال التنظيم في فتواه، التي تناقلتها مواقع التواصل الاجتماعي، إن "الحافظ ابن حجر" قال: "يدل على جواز التحريق فعل الصحابة، وقد سمل النبي أعين العرنيين بالحديد المحمي، وحرق خالد بن الوليد بالنار ناسًا من أهل الردة"، وعلى الرغم من أن الحافظ ابن حجر من الشخصيات المكروهة لدى التنظيمات التكفيرية والسلفية، لأنه من العلماء الذين ردوا على ابن تيمية، إلا أنه "للضرورة أحكام".</p><p dir="RTL" style="text-align: justify;"><img src="https://dotmsrstaging.s3-eu-west-1.amazonaws.com/uploads/uploads/b88geagiiaef4so.jpg" /></p><p dir="RTL" style="text-align: justify;"><span style="color:#FF0000;"><strong>لم يكونوا الأوائل</strong></span></p><p dir="RTL">في بحث طويل نشرته جامعة أم القرى السعودية، للدكتور أحمد بن ناصر الغامدي، بعنوان "التحريق بالنار"، نقل قول العلماء بأنه لا يجوز تحريق الأعداء بعد القدرة عليهم، وأما قبل ذلك وفي أثناء المعركة فقد اختلفوا في التحريق على أقوال:</p><p dir="RTL">- كره ذلك عمر وابن عباس وغيرهما مطلقًا، سواء كان ذلك بسبب كفر أو في حال مقاتلة أو كان قصاصا، ويروى عن مالك:  قال ابن قدامة: (أما العدو إذا قدر عليه فلا يجوز تحريقه بالنار بغير خلاف نعلمه، وقد كان أبو بكر الصديق – رضي الله عنه- يأمر بتحريق أهل الردة، وفعل ذلك خالد بن الوليد بأمره، فأما اليوم فلا أعلم فيه بين الناس خلافا، فأما حرقهم قبل أخذهم بالنار فإن أمكن أخذهم بدونها لم يجز رميهم بها، لأنهم في معنى المقدور عليه، وأما عند العجز عنهم بغيرها فجائز في قول أكثر أهل العلم)، ثم ذكر قول عبدالله بن قيس: لم يزل أمر الناس على هذا.</p><p dir="RTL">- أجاز ذلك سفيان الثوري، وأجازه علي، وخالد بن الوليد، وغيرهما.</p><p dir="RTL">- قال بعضهم: إن ابتدأ العدو بذلك جاز وإلا فلا.. وبهذا الرأي أخذ داعش.</p><p dir="RTL">وختم الغامدي دراسته بقوله "إن التحريق بالنار لا يجوز إلا من السلطان إذا رأى المصلحة تقتضي ذلك نكاية أو معاملة بالمثل، أو لمن فعل أمرا منكرا، والشجر كذلك، وأما الحيوان فلا يفعل به ذلك، لأنه مثلة وتعذيب بلا فائدة، إلا إذا استعمله الكفار في العدوان على المسلمين، ولم يوجد بدٌ من التحريق".</p><p dir="RTL" style="text-align: justify;"><img src="https://dotmsrstaging.s3-eu-west-1.amazonaws.com/uploads/uploads/fl_theriseofisis.jpg" /></p><p dir="RTL" style="text-align: justify;"><span style="color:#FF0000;"><strong>تأصيل الرأي الداعشي</strong></span></p><p dir="RTL">سرعان ما خرجت "وكالة الأنباء الإسلامية – حق"، عبر موقعها الرسمي لتنشر تأصيلا أكثر قوة لما فعله داعش، فنشرت دراسة طويلة للشيخ حسين بن محمود، عنوانها "بل لكم في الحرق سلف دراسة شرعية تبين قيام الخلفاء الراشدين والصحابة بحرق أعداء الدين بالنار".</p><p dir="RTL">بدأها بن محمود بقوله بمنتهى الوضوح "يعجب ا?نسان من أناس يخرجون على شاشات التلفاز ليُفتوا الناس ويدعون ا?جماع في مسائل أظهر من أن تخفى على طويلب العلم... فيدعي أحدهم؛ بأن حرق الناس ? يقره دين و? شرع و? عقل! هكذا، وبكل بساطة يفتأتون على الدين".</p><p dir="RTL" style="text-align: justify;"><img src="https://dotmsrstaging.s3-eu-west-1.amazonaws.com/uploads/uploads/ف 5.jpg" /></p><p dir="RTL" style="text-align: justify;"><span style="color:#FF0000;"><strong>الممثالة</strong></span></p><p dir="RTL" style="text-align: justify;">ثم استند بن محمود إلى الرأي الثالث من الدراسة السابقة، وهو "الممثالة" كما تسميها داعش، بأن العدو هو من بدأ بالفعل فيردوا عليه بمثله، فقال "لو لم يكن من النصوص وا?خبار إ? قول الله تعالى "وَإِنْ عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُوا بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُم بِهِ" ‏[النحل: 126 ‏] لكفى، فهذه القنابل العنقودية والصواريخ الثقيلة والمواد المشعّة التي يطلقها ا?مريكيون على المسلمين، أليست حارقة! أ? تحرق ا?جساد وتقطّع ا?طراف وتهشّم الرؤوس! فلماذا ? يعاملهم المجاهدون بالمثل<span dir="LTR">"</span>.</p><p dir="RTL" style="text-align: justify;"><img src="https://dotmsrstaging.s3-eu-west-1.amazonaws.com/uploads/uploads/معاذ.png" /></p><p dir="RTL" style="text-align: justify;"><span style="color:#FF0000;"><strong>مواقف الصحابة</strong></span></p><p dir="RTL">ثم شرع في عرض بعض المواقف التي اعتمد فيها الصحابة الحرق، ومنها حرق علي بن أبي طالب، رضي الله عنه، لمن غالوا فيه وقالوا "إنه الله"، وكذلك حرق خالد بن الوليد، رضي الله عنه، لمالك بن نويرة بعد أن تابع سجاح، مدعية النبوة، ومنعه الزكاة.</p><p dir="RTL">وعلق على موقف خالد بقوله "سيف الله أبي سليمان رضي الله عنه أستاذ فن ا?رهاب ا?س?مي وقيّم مدرسته بعد النبي، صلى الله عليه وسلم، وله في ا?رهاب صو?ت وجو?ت تحكي خبرته العجيبة ومعرفته الدقيقة بأساليب الحرب النفسية".</p><p dir="RTL">واختتم دراسته بالقول الذي نقله داعش من فتح الباري عن المهلب أنه قال (ليس هذا النهي على التحريم بل على سبيل التواضع، ويدل على جواز التحريق فعل الصحابة، وقد سمل النبي، صلى الله عليه وسلم، أعين العرنيين بالحديد المحمي، وقد حرق أبو بكر البغاة بالنار بحضرة الصحابة، وحرق خالد بن الوليد بالنار ناسا من أهل الردة، وأكثر علماء المدينة يجيزون تحريق الحصون والمراكب على أهلها قاله النووي وا?وزاعي‏).</p>