التوقيت الإثنين، 25 نوفمبر 2024
التوقيت 04:36 ص , بتوقيت القاهرة

الإخوان في واشنطن

زار وفد من جماعة الإخوان المسلمين العاصمة الأمريكية واشنطن منذ عدة أيام. الوفد ضم القيادي الإخواني جمال حشمت والقاضي المفصول وليد شرابي وشخصيات أخرى. وسائل الإعلام نشرت صورًا لأعضاء الوفد وهم يتجولون داخل ردهات الكونجرس وبمقر وزارة الخارجية الأمريكية، والتقطت صورا لبعضهم وهم يلوحون بشعار رابعة داخل هذه الأبنية. 


زيارة واشنطن ولقاء الوفد مع مسؤولين سياسيين أمريكيين تطرح الأسئلة التالية.


لماذا يزور الإخوان واشنطن؟
الإخوان ينتقدون واشنطن، ويعلنون أنها ساندت الإطاحة بالرئيس السابق مرسي. وبالرغم من ذلك يلتقون بمسؤولين أمريكيين في إطار سعيهم لبناء صورة ذهنية لدى هؤلاء المسؤولين والرأي العام ومراكز الأبحاث بأنهم جماعة سياسة وليسوا تنظيما إرهابيا، وأنهم على استعداد للحوار والتفاوض حتى مع الحكومة الأمريكية.
هذا النشاط الدولى للإخوان لا يقتصر فقط على واشنطن، بل امتد لعدد من العواصم الأخرى وخاصة في أوروبا.


لماذا يستقبل المسئولون الأمريكيون وفد الإخوان؟
واشنطن أعلنت أنها تلتقي كافة أطراف الطيف السياسي في مصر، ورفضت من قبل الاعتراف بأن جماعة الإخوان جماعة إرهابية.


يُضاف لذلك أن بعض المسؤولين الأمريكين وخاصة داخل البيت الأبيض ووزارة الخارجية، وكذلك باحثون في مراكز أبحاث ليبرالية مازالوا يراهنون على الإخوان ويتحدثون عن ضرورة دمجهم في النظام السياسي المصري، ويرى هؤلاء أن إقصاء الإخوان سيؤدي إلى استمرار حالة من عدم الاستقرار في مصر، وسوف يضر بالمصالح الأمريكية فى الشرق الأوسط.


هذا الفريق من المسؤولين والباحثين هم الذين ساندوا من قبل سيناريو وصول الإخوان للحكم فى مصر بعد رحيل الرئيس السابق حسنى مبارك. ونظر هؤلاء ومازالوا للإخوان باعتبارهم تيارا إسلاميا معتدلا مؤمنا بالديمقراطية وقادرا على سحب البساط من تحت أقدام التيار الإسلامي المتطرف الذي يعادي الولايات المتحدة.


فشل الإخوان في الحكم وظهور لونهم الحقيقى القائم على التمكين وإقصاء الغير لم يغير كثيرًا فى إيمان هذا الفريق الأمريكي بالإخوان، لأن إعلانهم فشل خيار الإخوان يعني بالضرورة إعلانهم لفشلهم وفشل النظريات التي تبنوها وبنوا عليها مسارهم الوظيفي والبحثي.


ماذا تفعل مصر مع هذا الفريق الأمريكي المتبني لوجهة نظر الإخوان في واشنطن؟
من حسن حظ الدولة المصرية أن واشنطن تضم تيارات أخرى ترفض وتعادي وجهة نظر الفريق الليبرالي الذي يساند الإخوان.


التيار المحافظ الأمريكي بما فى ذلك المحافظون الجدد - الذىن تبنوا من قبل مواقف معادية لمصر وخاصة في عهد الرئيس السابق جورج بوش الابن– هم الآن متعاطفون مع وجهة نظر الدولة المصرية، وينظرون للإخوان على أنها جماعة إرهابية، وأنها العباءة الكبرى التى خرجت منها الجماعات الأخرى التي تستخدم العنف وتناهض الولايات المتحدة مثل  حماس وحزب الله وداعش. 


هناك بالتأكيد تباين في وجهات النظر بين مصر والتيار المحافظ الأمريكي في عدد من القضايا وخاصة القضية الفلسطينية، ولكن هذا التيار هو الأكثر مساندة لمصر في المرحلة الحالية، وقد ازداد نفوذه في واشنطن بعد فوز الحزب الجمهوري ذو التوجه المحافظ بالأغلبية في الانتخابات الأخيرة للكونجرس بمجلسيه النواب والشيوخ.


التواصل مع هذا التيار سواء من خلال رموزه السياسية ومراكزه البحثية ومنابره الإعلامية هو بالتأكيد أحد وسائل الحد من الزحف الإخواني على واشنطن.