بعد رسامتها في إنجلترا.. هل تصبح المرأة أسقفا في مصر؟
بعد رسامة "بي لاين" أسقفا لستوكبورت في كاتدرائية يورك التابعة للكنيسة الإنجليكانية منذ عدة أيام، لتكون أول أسقف من النساء بعد قرار السينودس الإنجليكاني برئاسة "جاستين ولبي" رئيس أساقفة كانتيربيري، الذي صوت قبلها بحوالي 6 أشهر لصالح رسامة النساء أساقفة، أعادت تلك الرسامة التساؤلات بشأن مدى إمكانية حدوث ذلك في الكنائس المصرية.
الأنجيلية والأسقفية
تختلف الطوائف المسيحية في مصر فيما بينها حول إمكانية دخول المرأة في سلك الكهنوت، بل حول مفهوم الكهنوت ذاته، فرغم هذا القرار المؤيد لرسامة المرأة، أعلن في وقت سابق المطران منير حنا، مطران الكنيسة الأسقفية بمصر وشمال إفريقيا والقرن الإفريقى، أن رئيس أساقفة كانتبرى في إنجلترا لا يملك سلطات إدارية أو عقائدية على باقى الأقاليم للكنيسة الإنجليكانية، وبالتالي هم غير ملزمين بهذا القرار، مؤكدا أن قرارا كهذا يجب أن يكون بإجماع جميع الكنائس الشرقية سواء الأرثوذكسية أو الكاثوليكية أو الإنجيلية، حتى لا يتأثر العمل المسكوني.
وقال القس رفعت فكري، رئيس مجلس الإعلام والنشر بسنودس النيل الإنجيلى، في تصريح خاص لـ"دوت مصر" إن هناك رأيين داخل الكنيسة الإنجيلية حاليا، الأول لا يمانع في رسامة المرأة قسا ويؤمن بضرورة مساواة الرجل بالمرأة في هذا الشأن، خاصة أن السيد المسيح لم يفرق بين الرجل والمرأة، فمريم المجدلية وهي امرأة كانت أول من بشر بقيامته.
وأضاف فكري أن الرأي الثاني ينادي إما بتأجيل الحديث في الأمر أو رفضه لأسباب اجتماعية، مؤكدا أن عدم البت في هذا الأمر يرجع في الأساس للأفكار الموجودة بالمجتمع تجاه المرأة وليس لأسباب تتعلق بعقيدة الكنيسة الإنجيلية.
وتوقع أن يتم إقرار بشكل نهائي ورسمي رسامة المرأة قسا في الكنيسة الإنجيلية في مصر في غضون 5 سنوات، بعد تهيئة المجتمع لهذا، مستبعدا حدوث ذلك في الكنائس التقليدية سواء الأرثوذكسية أو الكاثوليكية؛ نظرا لاختلاف مفهوم الرسامة والكهنوت بينهم وبين الكنيسة الإنجيلية.
وكان مجمع القاهرة الإنجيلي قرر الموافقة على رسامة المرأة قسا وترك الأمر لكل مجمع محلي، بعد الطلب الذي قدمته "آن إيميل زكى"، أول "قسيسة" في مصر، إلا أن السينودس الأعلى للكنيسة الإنجيلية رفض القرار وأوقفه لحين إعادة مناقشته.
الكاثوليكية والأرثوذكسية
أما في الكنيسة الكاثولكية، فقد أكد الأنبا يوحنا قلتة النائب البطريركي للأقباط الكاثوليك أن "موقف الكنيسة الكاثوليكية من هذا الأمر واضح تماما بأنه لا يوجد كهنوت للمرأة، ليس لأنها أقل قيمة من الرجل، فالرجل والمرأة متساوان تماما في الكرامة والقيمة في نظر المسيحية، لكن بسبب نوعية العمل الذي يقوم به الكهنوت" وأضاف الأنبا يوحنا لـ"دوت مصر"، "فالمسيح لم يقم بإقامة أي من النساء في أي رتبة كهنوتية وعندما اختار الرسل لم يختار أي من النساء و نرى من خلال التقليد الرسولي أن ذلك لم يحدث أبدا في تاريخ الكنيسة، فالموضوع محسوم تاريخيا وتقليديا واجتماعيا"، مؤكدا أن هذا الأمر غير مطروح للنقاش في الوقت الحالي في الكنيسة الكاثوليكية.
وعن إمكانية طرحه في المستقبل قال "ليس هناك شيء مستحيل نقاشه في أي وقت ولكن في الوقت الحالي الموضوع غير مطروح للنقاش"، وكان الفاتيكان قد أعلن موقفه من رسامة النساء في 2008 بالرفض في مرسوم رسمي، قائلا إن ذلك يمثل "انشقاقا عن التعاليم الرسولية"، وحذرت الكنيسة كل من يحاول منح سر الكهنوت للنساء داخل الكنيسة الكاثوليكية.
أما بالنسبة الكنيسة الأرثوذكسية، فقد أكد الأنبا مكاريوس، الأسقف العام، ورئيس تحرير مجلة الكرازة الناطقة باسم الكنيسة القبطية الأرثوذكسية لـ"دوت مصر": "نحن إن كنا لا ننتقد أخوتنا الذين فعلوا هذا، خاصة إن مفهومهم للكهنوت ذاته مختلف عن مفهومنا، لكننا نؤكد أن موقف الكنيسة الأرثوذكسية راسخ في هذا الأمر بعدم جواز رسامة المرأة في الكهنوت".
وقال إن مسألة الكهنوت ليست مرتبطة بالكفاءة لأنها ليست وظيفة حتى نتحدث عن المساواة، بل هي مرتبطة بالمعنى اللاهوتي لسر الكهنوت"، مضيفا "أن الكاهن هو صورة السيد المسيح الذي تجسد في صورة رجل، فقد كان يمثل آدم الذي خلقت منه حواء، بحيث يمثل أصل الجنس البشري بما فيه المرأة، كما أن الكاهن لا يُختار ليقوم بوظيفة بل ليصبح شريكا في كهنوت المسيح ذاته".
وأضاف أن السيد المسيح اختار كل الرسل من الرجال، رغم أن أتباعه من الخدام تضمن العديد من النساء كالعذراء مريم التي هي الأولى بين القديسين في طقس الكنيسة، ومريم المجدلية وسوسنة ويونا، ولم يدعوهن كهنة، مما يؤكد دور المرأة في خدمة الكنيسة في مواضع أخرى غير موضع خدمة الكهنوت".
وأكد مكاريوس أن الحديث عن التطوير في هذا الأمر غير ممكن، لأن الكنيسة تجدد وتطور فيما يتعلق بالأمور التدبيرية والإدارية وليس في الأمور اللاهوتية والعقائدية".
وكانت الكنيسة القبطية الأرثوذكسية أعلنت موقفها الرسمي من كهنوت المرأة في الرسالة التي أرسلتها مؤتمر لامبرث الذي عقدته الكنيسة الإنجليكانية في عام 1988 الذي ناقش هذا الأمر، حيث أكدت في رسالتها أن بولس الرسول أستند في قصر الكهنوت على الرجال إلى أسباب لاهوتية وليس لأسباب تتعلق بالزمن أو الظروف الاجتماعية السائدة وقتها.