ليالي قريش
هي خطوة مؤجلة، بس أوانها آن.
طول الوقت عندي اعتقاد إنه فيه ضرورة لـ كتابة التاريخ الإسلامي، بـ لغة معاصرة، وطريقة واضحة ينفع يقراها أي حد في أي وقت. إحنا بـ نعاني كتير من انتشار أفكار جذرها أحداث تاريخية، دخلت بـ الغلط أحيانا، وبـ تعمد غالبا، في دايرة المقدسات، وخلت مساحة الممنوع من الاقتراب والتفسير في ثقافتنا أوسع من القدرة على استمرار الحياة، واستيعاب تطوراتها، والتعامل مع تعقيدات التطورات دي في كافة المستويات والمجالات والذي منه.
هو ده تحديدا، اللي خلى أفكار زي "دولة الخلافة" و"الفتوحات" و"الجهاد" و"حد الردة" تبقى مسلمات بديهية لا يجوز الاقتراب منها، لدرجة مثلا إنك لو حبيت تناقش فكرة زي "علموا أولادكم السباحة والرماية وركوب الخيل" أو تعمل معاها تناص، ممكن واحد يطلع لك، ويقول لك: يا أخي ما تسخرش من الأحاديث!
طبعا فيه مشكلات كتير في مشروع زي ده، منها إن الصعوبة مش بس في إن التاريخ مكتوب في أمهات الكتب بـ لغة قديمة وعتيقة، ومكتوب حديثًا بـ لغة أكاديمية متخصصة، محتاجة من الوقت والجهد والتركيز ما لا يتوفر في إيقاع الحياة اللي عايشينها، لكن كمان لأن مفيش "تاريخ" تقدر تطمن لـ صحته، ولو بـ نسبة معقولة، بما في ذلك الأحداث الكبيرة، الشك والاختلاف طالوا كل حاجة من أصغر تفصيلة لأكبر موضوع.
هات أي موضوع وحاول تقراه من خمس ست مصادر مختلفة، هـ تلاقي عندك خمس ست حكايات غير بعض خالص، يعني مثلا مثلا لما أبو لؤلؤة اغتال عمر بن الخطاب، فيه روايتين، مسنودين لنفس سلسلة الرواة، واحدة في البخاري، وواحدة في مصنف عبد الرزاق (وده مصدر معتبر) واحدة بـ تقول إن طلحة بن عبيد الله كان في المدينة وقتها، وحضر اختيار الخليفة، وواحدة بـ تقول إنه مسافر، ومكنش في المدينة أصلا، وطلحة مش أي حد معدي، ده واحد من العشرة المبشرين بالجنة، والستة المرشحين للخلافة.
طيب، نعمل إيه؟
لا بد بالنسبة لي من الاجتهاد، فـ إحنا هنا، هـ نسجل أحداث التاريخ الإسلامي من ساعة نشأة مكة إلى ماشاء الله، والتسجيل ده ما هوش كتابة وإنما تقدر تقول قراءة، وهي قراءة شخصية، هـ أحاول أكون فيها روائي بـ يحكي الحكاية زي ما فهمها، من غير ما يفرض حكايته على الحكايات التانية، كل واحد من حقه يصدق اللي هو عايزه.
وإيه الفايدة بقى؟
الفايدة مش إننا نعرف فين "الحقيقة"، لكن في إننا نعرف اتساع الموضوع، والقصة مش ببساطة أفلام "فجر الإسلام" و"الشيماء"، التفاصيل كتيرة، والسياسة لعبت دور كبير في سير الأحداث أولا، ثم في تأريخها ثانيا، وأخيرا فلترة التاريخ ده بمعرفة الكتاب والمؤرخين ورجال الدين ورجال التربية والتعليم ثم نضيف عدم النضج في تعاطي الأعمال الفنية والأدبية، واعتباره مصادر تاريخية، لدرجة الاعتماد عليها في "التشريع".
أذكر مرة إنه كان فيه حوار حوالين زواج المسلمة من غير المسلم، وصديقة كاتبة أدلت برأيها، وهي إنه مفيش مشكلة استنادا إلى إن الشيماء أخت الرسول (المسلمة) كانت متجوزة من بجاد (غير المسلم) وما اتطلقتش منه، بغض النظر عن إنه ر كب الحصان وطلع الجبل أسلم في الآخر.
لكن طبعا زي ما إحنا عارفين إن مفيش حاجة اسمها كده، والشيماء موضوع تاني خالص، وبجاد مكنش جوزها ولا حاجة، واسمه عيسى مش عيسوي، وانت نازل ابقى انزل ع السلم بلاش الدرابزين.
إجمالا، تقدر تعتبر الحلقات اللي هـ نكتبها هنا، بداية تنطلق منها وتدور على حقيقتك الخاصة بيك، يا رب في النهاية تصدق أولاند في "قصة الإسلام غير المروية"، إنت حر.
استنونا