التوقيت الجمعة، 22 نوفمبر 2024
التوقيت 11:28 ص , بتوقيت القاهرة

مصر "بداية النهاية" ومركز الخلافة.. هكذا يرونها

بعيدا عن أهميتها الاستراتيجية، وموقعها المتفرد وسط قارات العالم القديم، واحتضانها لطريق التجارة العالمية، فمصر ذات أهمية خاصة عند كل الحركات والطوائف الإسلامية، التي تؤمن بأن الخلافة الإسلامية ستعود مرة أخرى، وهذه الخلافة بنص تأويلات العلماء للأحاديث النبوية، وأقوال الأئمة ستكون عاصمتها في القدس.


إلا أن مصر في فكر الجميع هي بوابة القدس، وبالطبع هي بوابة الخلافة، وما بين الصوفية والشيعة والسلفية بتفرعاتها المختلفة، والحركات التكفيرية، وجماعة الإخوان، تبقى مصر هي محط أنظار الكل؛ لأنها الثقل الذي به سترجح إحدى هذه الحركات كفتها لإعلان الخلافة الجديدة.


الشيعة.. المنبر والخراب


من أكثر الطوائف الإسلامية اهتماما بمصر، ذلك بأنها تعتبرها المنبر الذي سيدأ منه الإعلان عن ظهور المهدي عندهم، الذين يؤمنون أنه الإمام محمد بن الحسن العسكري وأنه في غيبة منذ أكثر من ألف عام وسيظهر في آخر الزمان، وعندهم رواية شهيرة في كتاب بحار الأنوار للمجلسي، عن عباية الأسدي قال "سمعت أمير المؤمنين علي بن أبى طالب وهو تكٍ وأنا قائم عليه قال: لأبنين بمصر منبرا، ولأنقضن دمشق حجرا حجرا، ولأخرجن اليهود والنصارى من كل كور العرب، ولأسوقن العرب بعصاي هذه، قلت: كأنك تخبر أنك تحيا بعد ما تموت؟ فقال: هيهات يا عباية قد ذهبت في غير مذهب. يفعله رجل مني".


ولا تتوقف أهمية مصر في الفكر الشيعى على مجرد تأييدها الإعلامي، بل يعتبر أن مصر هي "كنز الخلافة" القادمة، فعند وصول المهدي إليها تظهر خيرات الأرض، فقد جاء في كتاب بشارة الإسلام للكاظمي، أن عليا بن أبى طالب قال عن المهدي وأصحابه "ثم يسيرون إلى مصر فيصعد منبره فيخطب الناس، فتستبشر الأرض بالعدل، وتعطي السماء قطرها، والأشجار ثمرها، والأرض نباتها، وتتزين لأهلها، وتأمن الوحوش حتى ترتع في طرق الأرض كالأنعام".


لكن قبل أن تكون مصر منبر المهدي ومكان انطلاقه عند الشيعة، لابد أن تخرب، فيستدلون بما ذكره نعيم حماد في كتابه "الفتن"  عن أبي ذر الغفاري قال: "ليخرجن من مصر الأمن، قال خارجة قلت لأبي ذر: فلا إمام جامع حين يخرج، قال: لا، بل تقطعت أقرانها"، وينتظرون خراب مصر بعد خراب العراق لما ذكره ابن عربي في محاضرة الأبرار من أن "مصر أمنت من الخراب حتى تخرب البصرة"، وذلك وفق ما ذكره المرجعية الشيعي علي الكوراني في كتابه "عصر الظهور".



الصوفية.. الفتى والكنز


الصوفية يعتقدون بقول الإمام محمد الباقر، أن دولة أهل البيت هي آخر دولة، عندما قال"دولتنا آخر الدول، ولم يبق أهل بيت لهم دولة إلاّ ملكوا قبلنا، لئلا يقولوا إذا رأوا سيرتنا، إذا ملكنا سرنا مثل سيرة هؤلاء"، ويعتقدون أن هذه الدولة لن تقام إلا كما بين سيدي محيي الدين بن عربي، عندما "تعمر القاهرة بالفئة الظاهرة".


وابن عربي، وهو القطب الصوفي الكبير، أوضح في كتابه "الشجرة النعمانية" أن سبب تخصيص مصر بهذه الدولة "فلكون مصر محل كرسي الوقت المشار إليه دون غيرها، والأمصار المتعلقة بها تابعة لها، فلا يصح التخصيص إلا لها، وأيضا لكونها نقطة حسنة على خد ملامحه في مطلق أقاليم البسيطة، بما اختصت به من الأوصاف الكمالية".


ويؤمن الصوفية أن هناك حاكما يتصف بصفات الفتوة سيأتي يملك مصر، يقول عنه القطب الصوفي الإمام أبو العزائم فى كتابه "الجفر": "مصر هبت سوف يأتيها الفتى.. يجمع الأمر بها ثم السودان"، وابن عربي يصفه  فيقوله "هو الميم بن الميم الأول وابن الحاء الأول والحاء الآخر، فيه سليمان، من الأحرار لا العبيد، رجاله رجال النجدة".


ويؤمن الصوفية بوجود كنز في مصر سيفتح مع هذا الحاكم ليكثر المال والخيرات في مصر كلها، يقول أبو العزائم "يفتح الكنزل يكثر المال حتى.. قد يرى الناس زخرفا وسحابا"، وقد أشار الإمام علي بن أبى طالب رضىي الله عنه إلى هذا الكنز  بقوله "كنوز مصر وأهراماتها وحده يعرف خبئها وخبى جبالها ومغاراتها بسر في نظرة حراسها"، كما جاء في الجفر الأعظم.



السلفية والتفكيريون.. صاحب مصر


من النصوص التي حيرت كل القوى الإسلامية، خاصة أصحاب التوجه السلفي على منتدياتهم غير الرسمية، تارة أسقطوها على الشيخ محمد حسان، وأخرى على الشيخ حازم صلاح أبو إسماعيل، وحاول البعض إلصاقها على الرئيس الأسبق، محمد مرسي، هو قول الإمام علي بن أبي طالب في الجفر الأعظم، حين قال "صاحب مصر علامة العلامات، آية عجب لها أمارات، قلبه حسن، ورأسه محمد، ويغير اسم الجَدِّ، إن خرج فاعلم أن المهدي سيطرق أبوابكم، فقبل أن يقرعها طيروا إليه في قباب السحاب، أو ائتوه زحفًا وحبوًا على الثلج".


لكن صفات الحاكم التي أوردها الإمام علي حيرت الجميع، فقد قال "يلبس للحكمة جنتها، وهي عند نفسه ضالته التي يطلبها، يصبر صبر الأولياء، ويرفع الراية السوداء، والذي فلق الحبة وبرأ النسمة إنه لممهد للمهدي، وهو عال القد، أحمر الخد، مليح الصورة، يغير اسم الجَدِّ، حسن السريرة، أهدب الشعر، حديد النظر، صحيح الفكر، لحيته بيضاء فيها جمال ونور، ونصفه العلوي أحسن من السفلي، معروف للقوم ولكنه في خفاء"، فلذلك رفعت التيارات التفكيرية في مصر الراية السوداء، مع أنها في الأحاديث النبوية هي راية أهل فارس الموالين للخلافة الأخيرة، فرفعوها في مصر نصرة لصاحب مصر المنتظر.


وإن كان السلفية لا يؤمنون بصحة كتاب الجفر، إلا أن الموالين للفكر الإسلامي من أنصار التوجه السلفي والجهادي والإخواني يملأون منتدياتهم ومجموعات "فيس بوك" السرية والمغلقة بهذه النصوص التي يسقطونها على أحد أعلامهم كل فترة.