خبراء الري: السيسي سيحول ملف "النهضة" من فني إلى سياسي
أكد عدد من خبراء مياه النيل أن ملف سد النهضة يمر بمأزق ويحتاج إلى سيناريو بديل للتعامل مع الأزمة، مضيفين أن تعنت إثيوبيا ورفضها الدائم للحلول والمقترحات التي تقدمها مصر خلال مراحل التفاوض سيجعل من سد النهضة أمرا واقعا.
وكشف وكيل جهاز المخابرات العامة الأسبق لملف دول حوض النيل اللواء ممدوح قطب أن الرئيس عبدالفتاح السيسي رئيس الجمهورية سيطرح ملف الأزمة بعد أن وصلت لطريق مسدود خلال قمة الاتحاد الإفريقي، المقرر عقدها في أديس أبابا الخميس والجمعه المقبلين.
وأوضح قطب أن أزمة سد النهضة ستكون إحدى أهم أولويات الرئيس خلال قمة ثنائية مع رئيس الوزراء الإثيوبي هيلي مريام ديسالين، مؤكدا أن السيسي سيراجع ما تم الاتفاق عليه العام الماضي مع رئيس وزراء إثيوبيا خلال لقائهما في قمة مالابو عاصمة غينيا.
وقال إن النتائج التي وصل إليها الملف كانت متوقعة، فأديس أبابا تسعى من وراء التعنت الواضح في طريقة تفاوضها إلى إهدار الوقت لصالحها من أجل الانتهاء من مراحل بناء السد ليصبح أمرا واقعا.
ومن جانبه، قال وزير الرى الأسبق محمد نصر الدين علام إن الرئيس سيجعل الملف السياسي سابقا للفني، بعد أن ثبت فشل المفاوضات الفنية، لافتا إلى أن المعالجة السريعة للتوجه المصري للملف، وتغيير المسار التفاوضي في هذه القضية الشائكة من فني إلى سياسي، سيكون طوق النجاة لتخطي مصر عقبة الأزمة التي أصبحت محدقة، لأن إثيوبيا تسعى إلى مد أجل تنفيذ الدراسات الفنية الخاصة بالسد إلى عام ونصف العام، بعد أن تكون إثيوبيا أنتجت الكهرباء من السد بالفعل.
وأضاف علام أن "أولى الخطوات حيال ملف السد الإثيوبى هي سياسية في المقام الأول، وهي استعادة الدور السوداني كشريك استراتيجي لمصر في ملف حوض النيل من خلال التواصل القوي على المستوى السياسي وعلى أعلى مستوى، ثم يأتي الجانب الفني للوصول في أقرب وقت إلى أرضية ورؤية مشتركة واحدة في التعامل مع سد النهضة من خلال تقليل السعة التخزينية للسد، بما يحقق الأهداف التنموية للجانب الإثيوبي، ويقلل من الأضرار التي ستقع على الجانبين المصري والسوداني.
وشدد الوزير الأسبق على ضرورة مطالبة الجانب الإثيوبي بالتفاوض للتوصل إلى توافق حول بديل هندسي أصغر للسد وسياسات التشغيل الملائمة وضمان سلامة السد الإنشائية، من خلال لجنة يتم تشكيلها من الخبراء المحليين والدوليين مع التزام الدول الثلاث بنتائجها.
وأوضح أنه يجب على مصر الاتفاق مع إثيوبيا على تحديد فترة زمنية للتفاوض لا تتعدى 6 أشهر، مع وقف إنشاءات السد حتى يتم انتهاء التفاوض، وإذا نجحنا في عقد مثل هذا الاتفاق فإنه من الممكن بعدها بدء اجتماعات الفنيين، أما الآن فالسماح باستمرار الاجتماعات على هذا النحو النمطي لن يؤدي إلا إلى تحقيق الهدف الإثيوبي، وهو كسب الوقت وعدم إعطاء الفرصة للتفاوض الجاد".
وفي السياق ذاته، قال مؤسس ورئيس وحدة دراسات السودان وحوض النيل بمركز الأهرام للدراسات هاني رسلان إن الرئيس سيدفع المفاوضات نحو استراتيجية أخرى بعيدة عن القديمة بعد أن أثبت الجانب الإثيوبي عدم جديته في إنهاء المفاوضات بالطريقة المتفق عليها.
طالب رسلان باتباع أسلوب آخر مع أديس أبابا يعتمد على إلغاء أي تفاهمات بشأن أي تعاملات مع الكهرباء الناتجة عن السد بأي صورة من الصور، والتأسيس إقليميا ودوليا لرفض مصري قاطع قانونيا ودبلوماسيا وسياسيا لمحاولة إثيوبيا تكريس مبدأ السيادة المنفردة على موارد النيل الأزرق.
بالإضافة لتقديم شكوى لمجلس الأمن لتسجيل الموقف المصري بكل حيثياته، وجعل الموقف من هذه الأزمة أحد المحددات الرئيسية في سياسة مصر الخارجية في مجمل تحركاتها الإقليمية والدولية، ومزاوجة ذلك في الوقت ذاته باستراتيجية موازية على مدى السنوات العشر المقبلة تهدف إلى ردع التهديدات الاستراتيجية الناتجة من استكمال السد دون وجود توافق، عبر شل قدرة إثيوبيا على استخدامه كأداة ضغط أو إملاء أو ابتزاز، أو بناء سدود أخرى من خلفه.
وبدأت صباح اليوم، الأربعاء، في مركز الاتحاد الإفريقي للمؤتمرات بأديس أبابا أعمال الاجتماع الثاني لمجموعة الاتصال الدولية الخاصة بليبيا لبحث الأزمة الليبية على المستوى الوزاري بمشاركة نحو ستة عشر دولة أوروبية وعربية، إلى جانب الأمم المتحدة والجامعة العربية والاتحاد الإفريقي.
وترأس الاجتماع، الذي يأتي بمبادرة من رئيسة المفوضية الإفريقية نكوسازانا دولامينى زوما، إسماعيل شرقي مفوض السلم والأمن بالاتحاد الإفريقي.
وتضم مجموعة الاتصال الدولية الخاصة بليبيا دول الجوار الليبي، وهي مصر والجزائر وتشاد والنيجر والسودان وتونس، إضافة لموريتانيا الرئيس الحالي للاتحاد الإفريقي، ونيجريا وجنوب إفريقيا وأعضاء مجلس الأمن الصين وفرنسا وروسيا وبريطانيا والولايات المتحدة، وكذلك الأمم المتحدة والجامعة العربية وتجمع الساحل والصحراء وإيطاليا وإسبانيا ومبعوثي الاتحاد الإفريقي والمبعوث الأممي لليبيا برناردينيو ليون، فيما قامت المفوضية الإفريقية بدعوة تركيا وقطر اللتين حضر ممثلاهما الاجتماع.