إنه الكِبر يا عبدالله
محمود ابراهيم
الأحد، 25 يناير 2015 10:58 ص
<p><span style="color:#FF0000;">أنا وأنت واحد كلنا نفس الطريق..</span></p><p>هكذا استقر يقين الشاعر الموهوب عبد الله حسن ورسخت قناعاته في 25 يناير 2015، مراحل من التفكر والتحليل والضغط العصبي، ابتعد عبد الله بها كثيرا كشأن الكثير منا، عن قناعاته فى نفس التوقيت منذ أربعة أعوام.</p><p><img src="https://dotmsrstaging.s3-eu-west-1.amazonaws.com/uploads/uploads/عبد الله.jpg" /></p><p>عبد الله حسن من أتون الثورة إلى إلقاء الشعر فى حضرة قيادات الشرطة، والارتماء في حضن السيسي.</p><p><span style="color:#FF0000;">لماذا سقطت يا عبد الله إلى هذا الحد؟!</span></p><p>بهذا المعنى خاطبته شاعرة تليفزيونية نصف موهوبة ذات يوم، قبل مجيء السيسي للحكم.. شاعرة تتأرجح بين الثورة الخالصة والعمل في قنوات الإخوان التليفزيونية، لم تجد الشاعرة تبريرًا مقنعًا لمهاجمته، فعايرته بهيئته وتصفيف شعره بما يشين الرجال على صفحات الفيس بوك.</p><p>عبد الله مصريّ مخلص، يبحث عن وطنه وسط موجات الأحداث والصراعات المتلاحقة، الوطن ليس السيسى بالطبع ولا حضنه هو حضن الوطن، لكن يبقى السيسي هو من اختاره المصريون أملا في الإبقاء على وطنهم حيًا.</p><p>قد يكون اختيارا موفقا، وقد لا يكون، الزمن والتجربة كفيلان بالحكم، لكنّه في النهاية يُمثل اختيار الدولة المُتاح مقابل دعوات التمزق والخلاف، ودعوات العبث السياسي ببناء ناطحات سحاب بالعشوائيات كما ردد مرشح رئاسي يظن بنفسه خيرًا.</p><p>الأمر كان مختلفًا، لم يكن عبد الله هكذا، ذات يوم ليس ببعيد، كتب عبد الله يدين الشرطة: ما تفرحشي لما تموت شهيد.. هييجي ناس بعدك يقولوا: إيه كان منزلُه؟ هييجي ناس بعدك يقولوا إيه اللي ممكن نعملُه؟ ما قتلناهوش هاتوا الدليل؟! الكلب ده خاين عميل.. دمه حلال.. نزل الغبى يمشي في مظاهرة مع العيال.. وضربوا مطاطي لكنه رفض يطاطى.</p><p><span style="color:#FF0000;">يمتدح عبد الله بطولات الثوار الرائجة..</span></p><p>الكل حينها كان بطلا، الشهادة تجمع الجميع، وعن الألتراس يستكمل: مين اللي قال الحزن لونه أسمر؟! ده إحنا في بلدنا في ناس بتموت وهي لابسة أحمر.. في التالتة شمال بنهد جبال.. وبأعلى صوت بنشيع الأبطال.</p><p><span style="color:#FF0000;">ماذا رأى عبد الله لينتقل من مديح الألتراس إلى تقدير خصمهم الأكبر الكائن بوزارة الداخلية؟!</span></p><p>في 2012 قال عبد الله دافعا عن نفسه تهما توجه من تحت ستار: لا أنا كافر ولا ملحد.. لأ، أنا برفض لكل معاني الاستبداد.. ولو ع النار أنا همشى وللحرية همشي بلاد.</p><p>بدأ يشعر بالخطر وخطأ المسار، لكن عبد الله ما زال يظن خيرا، ويرى سهولة أن تأتي الحريات الحالمة في وطن يموج بالدواعش المستترة والخاملة. عبد الله الطيب كان يوجه لهم لوما، لم يطلق حكما نهائيا بعد، لكنّه دخل مرحلة معايرتهم: ميدان الثورة يا فكرة يا أطهر أرض.. خروجنا فرض.. هناك كنتم وهنا كنا.. هناك خنتم وهنا صونّا.. هنا بيتنا هنا لوننا.. هنا موتنا وهنا الجنة وهنا التاريخ وهنا السُنّة.. هنا محمد هنا حنّا.. هنا مصر اللى باقية لنا.. ويلعن مين يقسمنا ويلعن ربنا الفتنة.. هيفضل صفنا واحد.</p><p>عبد الله ابن الأصول كان يظن أن اللوم والمعايرة قد يجدي معهم، ربما لا يدري أن مرشدهم يومًا خطط لنسف القناطر لإغراق العاصمة، كنوع من التكنيك السياسي المُقرّب إلى الله فى عقيدة البناوية. ربما كان يظن أن جز الرقاب لن يصل القاهرة، وكأنّ رقاب القاهريين أغلى من رقاب السوريين، أو أنها خلقت من خامة أثمن!</p><p>فكأنما إذا قلنا لهم: يا من بعتم وحافظنا، فسيخرون لنا خجلا اعترافا بإثمهم.. هيهات!</p><p>فى عام 2013 وجد عبد الله أن الأمر قد انقلب من الهزل للجد، التكفير بالتليفزيون علنا دون وازع، معه العذر، هم في السُلطة وميليشياتهم تمرح بحريتها في البلاد، ليس بيننا وبين مقاصل الإسلاميين سوى خطوات وبعض الإجراءات الإدارية، وقليل من التمكين هو آتٍ لا ريب فيه!</p><p>مسألة وقت وقد يلقى عبد الله آخر قصائده على مشانق الأخوة الأحبة في الله وفى الخلافة.</p><p>بعد قليل قتل الإسلاميون أربعة شيعة رجما وحرقا على بعد كيلومترات بسيطة من قلب العاصمة!</p><p>ليس هناك حمقى في هذه البلاد أكبر ممن ظلوا يتغنون بالحماقة الثورية مع زحف الدماء، مرسي يعقد مؤتمرا إرهابيا بصفوة إرهابيي مصر في صالة استاد القاهرة، ورجالهم المستترين بأزياء مدينة ومناهج ليبرالية، يتحدثون عن وجوب منع أنصار شفيق من دخول ميدانهم المقدس في 30 يونيو!</p><p><span style="color:#FF0000;">الهراء الثوري في أسمى صوره..</span><br />ربما بدأ ظهور عبد الله الواضح فى 2012، الدماء الثائرة كانت تمور، وتغضب للموت دون رؤية وتحليل الحدث جيدا، إسقاط صفات الخيانة والفساد على طرف واحد، وإسقاط صفات النُبل والبطولة على الطرف المقابل.</p><p>الآن في مطلع 2015 يقول عبد الله في احتفالية عيد الشرطة فى حضور رئيس الجمهورية: وقصاد عينيك بينادي موتك قصده إنه يسمعك.. فلئن بسطت يديك.. شكرًا قاتلي أنا لست أعتزم القتال لأقتلك.. إني بريء من دماك.. وإنني أخشى عليك الموت كفف أدمعك.. إني أخاف الله لا لن أنحني فاخفض جناحك جئت أقتل قاتلك.. وإذا أتوا بالعمر والعيش الهني واقتل أخاك.. فقلت إني حارسك.</p><p>فى 2013 رثى محمد الجندي قائلا: ويموتوك حرس يا أخي جتلهم شوطة.. مين اللي كان علملك ترد على الباشا.. يا ما زمان قولتلك الشعب ده درويش.. في ناس كتيره تعارض من ورا الشاشة.. وفي ناس على جثتك يا بني بتاكل عيش.</p><p>اتهم عبد الله الشرطة وقتما صدق الاتهامات الموجهة إليها، الرغبة السائدة كانت وضع الشرطة كلها بالسجون، بدافع فرض شرطة بديلة تعدها الجماعة وأصدقاؤها السلفيون، الآن ينفى عبد الله التهمة تماما عن الشرطة بعدما رأى منهم التضحيات المتوالية دون مزايدات: احترامى للعيون الساهرة فى حضن البلاد.. للإيدين اللى تطبطب ع الولاد.. هو أخويا اللى ما سابش المعركة.. اللي عمره ما كل أبدا واشتكى.. حتى يصل إلى: إزاي شافونا اتنين وغلطوا فى العدد.. أنا وأنت واحد كلنا نفس الطريق.</p><p>ثلاث سنوات، قد نقلت عبد الله من حُضن الثورة، إلى اختيار الدولة، لم تقدم الثورة حلما للبناء، فالتحطيم ثم التحطيم، واختيار الأقبح والأكثر إجراما.</p><p>يميز عبد الله أنه يبحث عن صالح وطنه دون اعتبارات جانبية، فلم يفضل الأيدلوجية على وطنه، لم يخش من فقدان لايكات الصارخين، فالوطن أغلى من حفنة لايكات قد تتبخر، إن قررت إدارة الفيسبوك تعطيل حسابك!</p><p>ادعاء لبطولة غير موجود بالمرة، لدينا أمثلة أخرى رفضت الرجوع، لدينا هشام الجخ العاشق للحمساوية، يستيقظ كل صباح ينظر بمرآته، ويقسم بالله أنه يعبر عن الأغلبية ثم يتلو شعره: ما يهمكيش العدد والله أنا أكتر.. أنا اللي مش إخوان وأنا اللي مش عسكر.. ثم تهدأ أعصابه.</p><p>إنه الكِبر عن مراجعة النفس، وخشية فقدان تأييد الحانقين، الكِبر أن يُقال تَراجعَ.. فلنستمر في الانبطاح للإرهابيين، رفاق الميدان، الفصيل الوطنى، وأقرانهم بغزة هم مجاهدون سيقتلون الصهاينة حتما، ثم يأتون لإخضاعنا ونكاح نسائنا، فلنقدم السبت لهم، عسى أن يتذكروننا في الأحد ببراءة من النكاح.</p><p>عبد الله لم يُكابر، قد اختار دولة تحفظ كيان الوطن، والسيسي أحد ممثليها حاليا، شأنه شأن من سبقوه، سيحكم عليه التاريخ، سواء نجح في تجربته أم لا.. لكن في النهاية اختاره من يختار الدولة والأمان والوطن، ولم يختره من يدمن فتح "كانز" الكُلة، ويخرج زفير الحكمة، ثم ينادي بترويض الدواعش بالحُب.</p>
لا يفوتك