النيابة: الرشيدي أفشى أسرار "قضية القرن" قبل الحكم
ذكرت النيابة العامة في أسباب طعنها على حكم براءة الرئيس الأسبق حسني مبارك، ونجليه، ووزير داخليته حبيب العادلي، وآخرين، في القضية المعروفة إعلاميا بـ"محاكمة القرن"، أن رئيس المحكمة المستشار محمود الرشيدي أفشى أسرار الحكم قبل إعلانه، وهو ما يعني فقدانه الحياد المطلوب.
النيابة رصدت، في مذكرتها التي قدمتها لمحكمة النقض وحصل "دوت مصر" على نسخة منها، للطعن على براءة مبارك ورجاله، أن قاضي القرن تسبب في فساد وبطلان الحكم الذي أصدره، بمخالفته أصول القضاء، بإعلانه رأيه في الدعوى قبل نطقه الحكم، الأمر الذي طمأن المتهمين بأن الحكم سيصدر ببراءتهم، وأدى إلى إحساس آخرين بغياب العدل.
أمينا السر
النيابة قالت في مذكرتها، إن المستشار الرشيدي سلم ذاكرة إلكترونية وعددا من الأقراص المدمجة إلى أميني سر المحكمة، عليها منطوق الحكم وملخص لأسبابه، محرّرة بالحاسب الآلي ومزيلة بتوقيع رئيس المحكمة، قبل النطق بالحكم.
أكدت النيابة أن الحكم كان يتعين أن يظل سرا حتى النطق به وفقا للقانون، إلا أن الرشيدي سلم منطوقه لأميني السر، اللذين لم يكونا تحت رقابة المحكمة حتى النطق به. ومن المعلوم بالضرورة أن تشغيل أمناء السر للأقراص المدمجة والذاكرة الإلكترونية لا يستغرق بضع ثوان، بل إن الأمر أخطر من هذا بكثير، لأن تخزين منطوق الحكم على ذاكرة إلكترونية ووضعه في أمانة شخصين غير مراقبين يجعل إمكانية الحصول عليه وانتشاره على مواقع التواصل الاجتماعي أمرا سهلا، وفي هذه الحالة، كان سيصل إلى الملايين من الناس. كما كان من الممكن أن تطرأ ظروف ما، تحول دون النطق بالحكم في موعده – بحسب أوراق النيابة.
متخصصو الحاسب الآلي والتبيان
التبيان الذي وزعه "الرشيدي" على وسائل الإعلام حاويا أسباب براءة مبارك، كان ضمن أسباب الطعن على حكمه، حيث أشارت النيابة في مذكرتها إلى أن الأشكال التوضيحية الهندسية التي حواها التبيان عن أسباب الحكم، يتعذر على غير المتخصصين في مجال الحاسب الآلي عمله، ما ينبئ بأن المحكمة استعانت بغير أعضائها لإعداده، وبالتالي فقد اطلع هذا الغير على مضمون ما سُطّر من ذلك التبيان، خاصة وأن المدون داخل هذه الأشكال كان يحوى في مضمونه منطوق الحكم، وهو ما يضعف الثقة في الحكم على نحو يبطله ويوجب نقضه – بحسب النيابة.
وفاة مبارك
جاء بمذكرة النيابة أن الرشيدي قال خلال الجلسة التي قرر فيها مد أجل النطق بالحكم على مبارك، إنه في حالة توافر شروط تطبيق المادة 14 من قانون الإجراءات الجنائية -المعني بها الإشارة إلى وفاة مبارك قبل جلسة النطق بالحكم عليه- فسوف يعلن للشعب الحكم الذي كان سيصدره في حقه وأسبابه، وكان ذلك على مسمع ومرأى من الكافة، سواء الحاضرين بقاعة المحكمة أو المشاهدين لفضائية "صدى البلد" في جميع أنحاء العالم على الهواء مباشرة.
النيابة اعتبرت ما قاله الرشيدي رسالة لطمأنة المتهمين وإفصاحا عن نيتها في براءتهم، ما يعد غيابا للعدل لدى غيرهم، ما ينم بلا ريب أنها ماضية لا محالة إلى براءتهم، الأمر الذي فتح المجال للتعليق والتفسير والنقد بوسائل الإعلام المختلفة عن حكم لم يصدر بعد، وهو بلا شك أمر يتعارض مع خلو ذهن المحكمة، ويؤدي إلى عجزها على أن تزن أدلة الدعوى وزنا مجردا، ما قد يدفعها تجاه رأي بعينه حتى لو خالف مجرى العدالة – بحسب المذكرة.
أسرار المداولة
أضافت النيابة، أن إعلان الرشيدي الحكم الذي كان سيصدره على "مبارك" وأسبابه، في حال وفاته قبل جلسة النطق بالحكم عليه، يتعارض مع ما هو مستقر فقها وقضاء، حيث إن الحكم الذي يصدر بحق المتوفى المتهم في أي قضية هو "انقضاء الدعوى الجنائية ضده".
النيابة لفتت إلى أن إعلان الرشيدي لقراره كان وليد مداولة بينه وبين عضوي الدائرة، وهو ما يطلق عليه قانونا "أسرار مداولة- لا يجب أن يعلم بها غير أعضاء المحكمة" إلا أنه ذكر ما تشاور فيه مع عضوي المحكمة قبل الحكم فيها، بالمخالفة لأحد أصول القضاء، وهو ما يجعل حكم "قضية القرن" باطلا ويتوجب نقضه.