"صافيناز".. حياة ملكية دون "ألف ليلة وليلة"
"صاحبة الزفاف الأسطوري" و"مالكة قلب فاروق".. هكذا بدأت الملكة فريدة حياتها بالقصر الملكي، بعد اختيار الملك لها لتعتلي العرش، ولكن حياة صافيناز انتهت ببيع رسوماتها لكسب رزقها، بعد أن تركها زوجها وبناتها على إثر اندلاع ثورة يوليو.
بنت باشا
صافيناز ذو الفقار، وشهرتها الملكة فريدة، ولدت في مدينة الإسكندرية، وتنتمي لعائلة ذو الفقار المصرية.
هي ابنة المستشار بمحكمة الاستئناف المختلطة بالإسكندرية، يوسف ذو الفقار، ابن محافظ العاصمة الأسبق، علي باشا ذو الفقار، أما والدتها زينب ذو الفقار، فهي ابنة محمد سعيد باشا، الذي رأس الوزارة المصرية أكثر من مرة، وصديقة لأغلب سيدات المجتمع المصري، والصديقة الحميمة لزوجة الملك فؤاد، الملكة نازلي، وكانت هي الوصيفة الأولى للملكة، لها أخين هما سعيد وشريف ذو الفقار.
اللقاء الأول
اشتركت صافيناز في الرحلة الملكية التي قام بها الملك فاروق، ووالدته المكلة نازلي، وأخواته إلى أوروبا، في عام 1937، وخلال تلك الرحلة تعرفت على الملك فاروق، وأعُلنت الخطبة الرسمية بعد عودة الأسرة المالكة إلى مصر، في صيف 1937، وتم الزواج في 20 يناير 1938، وسط احتفالات شعبية لم يسبق لها مثيل.
أنجبت من الملك فاروق، 3 بنات، هن، الأميرة فريال، والأميرة فوزية، والأميرة فادية، وكانت محبوبة من الشعب المصري، طلقها فاروق عام 1948، وكان طلاقهما من أهم أسباب تراجع شعبية الملك بين أبناء الشعب.
رحيل بناتها
بعد اندلاع ثورة يوليو، التي أطاحت بالملك 1952، غادرت بناتها مع والدهن إلى منفاه في إيطاليا، ولم تستطع رؤيتهن مدة طويلة، ولكن بعد انتقالهن إلى سويسرا، كانت تسافر كثيرا لرؤيتهن.
ظلت مقيمة في مصر، حتى عام 1963، سافرت بعدها إلى لبنان وسويسرا وباريس، وأقامت فيها حتى عام 1982، ثم عادت إلى مصر، وعاشت حياة عادية في إحدى شقق القاهرة، وأقامت معرضا فنيا بعنوان "ألف رؤية ورؤية"، وتوفيت بالقاهرة، ودفنت فيها.
وعند وفاتها حضر بناتها الثلاث لمصاحبة جثمانها، كانت حياتها سلسلة من الصراع المستمر، صراع مع سيدات وبنات يطاردن زوجها الملك، أو هو يطاردهن، مكائد حماتها نازلي وشويكار، وغيرهن من متصابيات الأسرة المالكة، فساد الحاشية، فتن الأميرات، الطامعات الأجنيبات في أموال الملك، وحياة امتدت 11 عاما، زوجة مشاركة لفاروق عرش مصر.
فاروق يبدل فريدة بـ"صافيناز"
في مقدمة كتاب "الملكة فريدة وأنا"، للدكتورة لوتس عبدالكريم، تقول: "ذات يوم اصطحبتها أمها إلى قصر عابدين، وتعرفت على الأميرات شقيقات الملك فاروق، وكان ذلك اليوم، موعد صافيناز الجميلة، ابنة الـ16 مع القدر، فقد خطبها الملك فاروق، وتزوجها بعد عام واحد من الخطوبة، بعد أن أصر حسب تقاليد العائلة الملكية على تغيير اسمها باسم يبدأ بحرف الفاء، وهكذا أصبح اسمها فريدة، بدلا من صافيناز".
نزوات الملك
لم تكن فريدة مجرد ملكة عادية، كانت من يومها فنانة تملك حسا فنيا مرهفا، ورثته عن خالها الفنان التشكيلي السكندري الشهير، محمود سعيد، وكانت تمارس داخل القصر الملكي هواية الرسم، التي عشقتها، لكن حياة الملكة فريدة، لم تكن كما قالت الدكتورة لوتس عبدالكريم: "ليلة من ليالي ألف ليلة وليلة"، فقد عرفت طعم السعادة في فترة زواجها الأولى من الملك فاروق، لكن هذه السعادة سرعان ما تحولت إلى تعاسة وعذاب، بعد أن اكتشفت أن جلالة الملك يفتح قلبه لكل النساء الجميلات.
عانت الملكة الشابة فريدة، من العذاب والغيرة والهجر طوال 10 سنوات كاملة، لكن الكيل كان قد فاض في نهاية سنوات العذاب، فأصرت على طلب الطلاق من الملك.
تحريم زواج الملكة
ووفقا للوتس، فإن الملك فاروق طلب من شيخ الأزهر، محمد مصطفى المراغي، الذي حرر وثيقة الطلاق في17 نوفمبر من العام 1948، استصدار فتوى بتحريم الزواج على فريدة من بعده، لكنه رفض الأمر لمخالفته الشريعة الإسلامية، وهو ما يؤكد شدة حب الملك فاروق للملكة فريدة وغيرته عليها حتى بعد الطلاق والانفصال، والغريب أنها لم تتزوج من بعده فعليا وبلا فتاوى.
العرش
تنازلت الملكة التعسة عن عرش مصر، بل وفقدت حقها في احتضان صغيراتها الأميرات الثلاث، وخرجت من القصر الملكي لا تملك سوى فرشاتها وألوانها، وبعد الطلاق عملت بالفن ورسمت الكثير من اللوحات، وشجعها خالها الفنان محمود سعيد على تنمية مواهبها في فن الرسم، حيث حرمتها واجباتها الملكية من ممارسة الرسم، لكنها ما لبثت أن عادت لممارسة فن الرسم منذ عام 1954، لتغطية نفقات معيشتها.
وأقامت الملكة فريدة العديد من المعارض الفنية في مدريد وجزيرة وجزيرة مايوركا وباريس والقاهرة وجنيف وبلغاريا وتكساس، في السبعينيات والثمانينيات.
خطابها لجمال عبدالناصر
بعد سنوات طويلة من طلاقها، أرسلت خطابا إلى الرئيس جمال عبدالناصر، تستأذنه في السفر لرؤية بناتها، ووافق بخطاب يحمل توقيعه، لكن الخطابين حرقهما فيما بعد، ميشيل أورلوف، وهو نجل ابنتها فادية التي تزوجت من الروسي بيير أورلوف، كما حرق جزءا من مذكراتها، وحمل ما تبقى منها إلى موسكو ليخفيها.